-
℃ 11 تركيا
-
4 أغسطس 2025
السويداء تحت النار مجددًا: "قذائف البدو" تتساقط والتوتر يتصاعد رغم هدنة هشّة
السويداء تحت النار مجددًا: "قذائف البدو" تتساقط والتوتر يتصاعد رغم هدنة هشّة
-
3 أغسطس 2025, 3:22:53 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عادت مشاهد التوتر الأمني لتخيّم على محافظة السويداء جنوبي سوريا، بعد ليلة دامية شهدتها بلدة "عرى" فجر اليوم الأحد 3 أغسطس، نتيجة سقوط عدد من قذائف الهاون التي أُطلقت من مقبرة مسيحية قريبة، تتخذها مجموعات من عشائر البدو موقعًا لتمركزها. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد ردت الفصائل المسلحة المحلية، المنتمية للطائفة الدرزية، على مصادر النيران، وسط غياب أي موقف رسمي من السلطات في دمشق حول هوية الجهة المسؤولة عن القصف أو دوافعه.
ويأتي هذا التصعيد الجديد بعد أيام من هدوء نسبي أعقب اشتباكات دامية شهدتها الأحياء الغربية لمدينة السويداء، في 26 يوليو الماضي، حين تعرض "تل الحديد" ومحيطه لقصف مفاجئ مصدره بلدة كناكر، في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار المعلن في 19 يوليو.
الداخلية السورية تتهم وتتعهد
من جانبها، أصدرت وزارة الداخلية السورية، اليوم الأحد، بيانًا أعلنت فيه مقتل وإصابة عدد من عناصرها في هجمات استهدفت قوات الأمن الداخلي بعدة محاور في السويداء، واصفة الفاعلين بـ"العصابات المتمردة" التي تحاول، بحسب تعبير البيان، جر المحافظة نحو "الفوضى والتجييش الطائفي" لتحقيق أهداف قادتها الشخصية. وأكدت الوزارة أن الحكومة "لن تتخلى عن مسؤولياتها في حفظ الأمن" وستستمر في العمل على استعادة الاستقرار وتأمين الخدمات.
وكانت قناة "الإخبارية السورية" قد نقلت عن مصادر أمنية قولها إن المجموعات الخارجة عن القانون لا تكتفي بالاعتداء على مواقع الجيش والأمن، بل تقصف قرى مدنية وتعيق عمل قوافل الإغاثة التي تحاول الوصول إلى سكان المحافظة المنكوبة.
قافلة مساعدات "خجولة" وسط التصعيد
رغم التصعيد الميداني، دخلت قافلة مساعدات إنسانية جديدة إلى السويداء، تحت إشراف منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، تألفت من عشر شاحنات محملة بالطحين والمواد الغذائية، إضافة إلى مستلزمات طبية، وتم نقلها من دمشق إلى معبر بصرى الشام في ريف درعا تمهيدًا لتوزيعها داخل المحافظة. لكن هذه القافلة، التي وُصفت بـ"الخجولة"، تُعد غير كافية بالنظر إلى حجم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في المحافظة، في ظل الشح الحاد في المواد الأساسية.
الهدنة الهشة تحت الضغط الإسرائيلي
الاشتباكات الأخيرة تعيد إلى الأذهان ما جرى منتصف يوليو، حين اندلعت مواجهات عنيفة بين فصائل درزية وعشائر بدوية، دفعت بوزارة الدفاع السورية إلى إرسال تعزيزات لدعم الحواجز التي تعرضت للهجوم. وفي الوقت ذاته، استغل الاحتلال الإسرائيلي الفوضى الداخلية ليعلن قصف آليات عسكرية سورية في السويداء، بذريعة حماية الدروز. وجاء في بيان مشترك لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أن "إسرائيل لن تسمح بإلحاق الأذى بالدروز"، متعهدين بمنع تسلح أي جماعة في الجنوب السوري تهدد "أمن الحدود".
وقف النار.. بين الرغبة والواقع
في 19 يوليو، أعلنت الرئاسة السورية، بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وقفًا فوريًا لإطلاق النار في عموم السويداء، تلاه التزام صريح من الطائفة الدرزية، وتنظيم عملية آمنة لإجلاء بعض عائلات البدو بمرافقة أممية. لكن الوقائع على الأرض تؤكد أن الاتفاق يواجه خطر الانهيار في أي لحظة، في ظل غياب ضامن حقيقي، وتعدد القوى المتداخلة في الميدان، فضلًا عن حالة الغليان الاجتماعي بسبب غياب الخدمات والانهيار المعيشي.
سؤال مفتوح حول دور الحكومة الانتقالية
تشير هذه التطورات إلى حجم التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، منذ إطاحة نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. ورغم محاولات إعادة فرض سلطة الدولة في الجنوب، فإن تعدد مصادر السلاح، وغياب حلول سياسية جذرية، ووجود أطراف إقليمية كإسرائيل تترقب الفراغات لتكريس تدخلها، يجعل استقرار السويداء رهينًا بتسوية أوسع، تُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع في جنوب سوريا.








