وسائل ترامب لتشتيت الانتباه تفشل أمام غضب قاعدته بسبب ملف إبستين

profile
  • clock 26 يوليو 2025, 3:55:46 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

وكالات

لطالما عُرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقدرته الخارقة على المراوغة وتغيير الموضوع والهروب من الأزمات، لكنّ أساليبه المعتادة في صرف الانتباه السياسي تبدو عاجزة هذه المرة في مواجهة الاستياء المتصاعد داخل قاعدته الشعبية بسبب قضية المجرم الجنسي المدان جيفري إبستين وشبكة علاقاته.

ويبدو أن إدارة ترامب، التي اعتادت السيطرة المحكمة على السرد الإعلامي، تجد نفسها في موقف صعب أمام هذه الموجة. كما تقول المستشارة الجمهورية إيرين ماغواير، المتحدثة السابقة باسم حملة ترامب: "بالنسبة لرئيس وإدارة يُجيدان التحكم في السرد، فإن هذا الملف بالتحديد أثبت صعوبة استثنائية."

ملف إبستين يعيد الانقسام داخل اليمين

المثير في هذا الملف أنه لا ينبع من هجوم خصوم ترامب السياسيين، بل من قاعدته اليمينية ذاتها، التي لطالما صدّقت روايات المؤامرة حول تستر النخب الأمريكية على علاقات إبستين بشخصيات نافذة.

بل إن ترامب نفسه غذّى تلك القناعات خلال سنوات، حين روج نظريات مثل "كذبة مكان ولادة أوباما"، واستخدم قضية إبستين كذريعة للهجوم على خصومه. لكن ما إن وصل إلى البيت الأبيض حتى تخلّى عن هذه الروايات، ما خلق فجوة بينه وبين جمهور متعطش لكشف "الحقيقة".

ويقول جيوف دنكان، نائب حاكم ولاية جورجيا السابق وأحد الجمهوريين المعارضين لترامب: "ترامب بنى مشروعه السياسي على دعاية خادعة تشبه الهرم، والآن بدأت تنهار عليه."

البيت الأبيض يرفض الاعتراف

حتى الآن، يكتفي البيت الأبيض بنفي التهم، ويصف التقارير حول علاقات ترامب بإبستين بأنها "أخبار زائفة"، رغم اعترافه بأن اسم الرئيس ظهر في وثائق القضية. وكان ترامب قد أقام صداقة مع إبستين استمرت لسنوات قبل أن تنتهي بخلاف.

المتحدث باسم البيت الأبيض هاريسون فيلدز قال: "الوحيدون الذين لا يستطيعون التخلّص من هذا الموضوع هم الإعلام والديمقراطيون." في المقابل، رد ترامب على الصحفيين قبيل مغادرته إلى اسكتلندا: "يجب أن ينشغل الناس بأداء البلاد، لا الحديث عن شخص لا علاقة لي به."

أسلوب الإلهاء لم يعد فعالاً

في الأسابيع الماضية، لجأ ترامب إلى أسلوب الإلهاء الكلاسيكي؛ فقد وبّخ صحفياً سأله عن إبستين في اجتماع حكومي، وادّعى في المكتب البيضاوي أنه لا يتابع القضية. ثم، بمساعدة تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات القومية، فجّر اتهاماً مفاجئاً للرئيس السابق باراك أوباما بالخيانة، على خلفية تعامله مع معلومات استخباراتية تخص التدخل الروسي في انتخابات 2016.

كما نقل ترامب معركته إلى الاحتياطي الفيدرالي، حيث دخل في سجال مع رئيسه جيروم باول حول تكاليف البناء، وطالب بتخفيض أسعار الفائدة. ويرى المستشار الجمهوري براد تود أن التركيز على الملف الاقتصادي أكثر فاعلية من الرجوع إلى اتهامات 2016، قائلاً: "لو كنت مكانه، لذهبت إلى الفيدرالي كل يوم حتى تُخفض أسعار الفائدة."

الديمقراطيون يستغلون المأزق

من جهتهم، لم يفوّت الديمقراطيون هذه الفرصة. إذ أظهر استطلاع رويترز/إبسوس الأخير أن غالبية الأمريكيين يعتقدون أن إدارة ترامب تتستر على معلومات بشأن إبستين، ما يمنح الديمقراطيين فرصة للضغط، رغم تراجع شعبيتهم.

السيناتور الديمقراطي مارك وورنر كتب على منصة "إكس": "يوم أمس كان مثالاً آخر على محاولة ترامب صرف الأنظار عن ملفات إبستين، عبر إثارة اتهامات عشوائية."

حملة إعلامية مضادة

يرى بعض حلفاء ترامب أن الهجوم الإعلامي الواسع جزء من استراتيجيته المعتادة. تقول ماغواير: "هم يتحركون بسرعة 100 ميل في الساعة... كل وزارة وكل مسؤول يطلق أخباراً لصناعة ضجيج مضاد."

لكن، وعلى الرغم من غضب بعض أنصاره بسبب ملف إبستين، ما تزال قاعدته اليمينية راضية عن سياساته في ملفي الهجرة والاقتصاد. ففي استطلاع يوليو، أيد 56% من الجمهوريين حملات الترحيل في أماكن العمل.

يقول فرانك لونتز، خبير استطلاعات الرأي: "ترامب واجه إدانات جنائية وفاز مجدداً في الانتخابات... لقد مرّ بمواقف مماثلة عدة مرات، ونجا في كل مرة."

أزمة غير تقليدية تهز القاعدة

لكنّ ما يميّز هذه الأزمة عن سابقاتها هو أن الهجوم لا يأتي من الخارج، بل من داخل البيت السياسي لترامب، الذي لطالما تغذّى على نظريات المؤامرة. والآن، يجد نفسه في مرمى نيران جمهوره، العازم على كشف الحقيقة، مهما كانت كلفتها السياسية.

التعليقات (0)