أزمة ثقة داخلية

ترامب في مرمى أنصاره: تصدّع غير مسبوق داخل حركة "ماجا" بسبب إبستين

profile
  • clock 17 يوليو 2025, 10:16:43 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

تواجه حركة "ماجا" – التي طالما شكّلت العمود الفقري الشعبي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب – واحدة من أعمق أزماتها الداخلية، بعد أن تحوّل الخلاف حول قضية جيفري إبستين إلى صدام مفتوح بين ترامب ومؤيديه الأكثر ولاءً.

وفي تطور غير مسبوق، وصف ترامب، الأربعاء الماضي، النظريات المتداولة عن إبستين بين أنصاره بأنها "خدعة"، متهماً بعضهم بتنفيذ "أجندة ديمقراطية" تهدف إلى صرف الانتباه عن إنجازاته السياسية الأخيرة. هذا الهجوم المفاجئ فجّر موجة غضب داخل المعسكر اليميني، وفتح شرخاً واسعاً في القاعدة السياسية التي لطالما منحته تأييداً غير مشروط.

وبينما أعربت شخصيات يمينية بارزة عن استيائها من تصريحات ترامب، رأى بعضهم أن "تحقير القاعدة بسبب ما لقّنهم هو نفسه إياه، ليس خطوة ذكية"، وفق تعبير أحد المؤثرين داخل الحركة.

ملف إبستين المفخخ

طالما شكّلت قضية جيفري إبستين – الملياردير الأمريكي الذي توفي في زنزانته عام 2019 بعد اتهامات واسعة بالاتجار الجنسي – حجر أساس في سرديات "ماجا" حول الدولة العميقة والتستر على فساد النخبة.

لكن رفض ترامب الانخراط في هذا الملف، بل ووصفه بأنه مضلل ومدفوع بأجندات معادية، أثار شعوراً بالخيانة داخل أوساط أنصاره. وأصبح يُنظر إلى صمته بل وتبريره لمواقف بعض مسؤولي إدارته على أنه تراجع عن مواقفه السابقة، إن لم يكن خضوعاً تاماً للنظام الذي قال إنه جاء لمحاربته.

وفي منشور على منصة "تروث سوشيال"، قال ترامب إن التركيز على إبستين "إلهاء من اليسار"، داعياً مؤيديه إلى الالتفات نحو "المعركة الحقيقية" ضد الديمقراطيين، وخصوصاً ملفي الهجرة والاقتصاد. لكنه، بهذا التصريح، عمّق فجوة الشك داخل أوساط القاعدة التي بدأت ترى زعيمها السابق بوصفه جزءاً من التستر الرسمي على الجرائم التي طالما انتقدها.

ضغوط داخل المعسكر

تزايدت الضغوط من داخل المعسكر اليميني على شخصيات بارزة في إدارة ترامب، وعلى رأسهم المدعية العامة بام بوندي، التي سبق أن ألمحت إلى امتلاكها وثائق متعلقة بشبكة علاقات إبستين، قبل أن تعود وتتراجع وتقول إن ما بحوزتها "ملف عام للقضية وليس قائمة عملاء".

هذا التناقض دفع مؤيدي الحركة إلى المطالبة العلنية بكشف الوثائق، وذهب بعضهم، مثل الناشطة لورا لومر، إلى حد المطالبة باستقالة بوندي، متهمة إياها بالتضليل. كما دعا آخرون إلى تشكيل لجنة تحقيق خاصة لإعادة فتح القضية، باعتبارها "أكبر اختبار حقيقي لمصداقية القيادة المحافظة"، وفق تعبير الناشط جاك بوسوبيك خلال مؤتمر طلابي يميني الأسبوع الماضي.

الضغط امتد حتى إلى داخل الكونغرس، حيث صرّح رئيس مجلس النواب مايك جونسون أنه "يؤيد الشفافية الكاملة"، مطالباً بالكشف عن كل ما يتعلق بملف إبستين وترك القرار للرأي العام.

ترامب تحت الحصار

مع تزايد الانتقادات، يجد ترامب نفسه في موقع دفاعي، يحاول التملص من التورط في ملف إبستين عبر التشكيك بمصداقية الوثائق. وألمح إلى أن مدير "إف بي آي" السابق جيمس كومي، والرئيسين السابقين باراك أوباما وجو بايدن، هم من "لفّقوا" الأدلة، دون تقديم أي برهان يدعم هذا الادعاء.

لكن رغم هذه المحاولات، يرى مراقبون أن القاعدة اليمينية لم تعد تتقبل التبريرات، بل باتت تعتبر موقف ترامب تهرّباً سياسياً وخيانة للوعود التي طالما ألزم بها نفسه بمحاربة "الدولة العميقة".

وتقول تقارير من موقع "أكسيوس" إن الحركة المحافظة تمر الآن بمنعطف حاد، إذ تتزايد المخاوف من أن يؤدي انقسامها الداخلي إلى إضعاف قدرة الجمهوريين على خوض الانتخابات المقبلة، وسط دعوات متزايدة من الداخل لإعادة ترتيب أولويات القيادة، وربما حتى البحث عن بدائل لزعامة ترامب.

أزمة قد تعيد تشكيل اليمين

لا يبدو أن الشرخ بين ترامب وقاعدة "ماجا" قابل للترميم بسهولة. فمع تمسك القاعدة الشعبية بالكشف الكامل عن ملفات إبستين، ورفض ترامب الانجرار وراء هذه المطالب، تتجه العلاقة بين الطرفين نحو مسار تصادمي مفتوح.

وإذا استمر الوضع على حاله، فقد تمثل هذه الأزمة أول اختبار جدي لتماسك المعسكر اليميني الأمريكي منذ صعود ترامب عام 2016. وقد يعيد ذلك خلط أوراق اليمين الأمريكي، ويدفع باتجاه تحولات داخلية تعيد صياغة قيادته وتوجهاته في السنوات المقبلة.

التعليقات (0)