"مفاوضات الدوحة على مفترق طرق: تصعيد ميداني يهدد المسار السياسي وتصدّع داخل حكومة نتنياهو"

profile
د. رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والأمني، ورئيس تحرير «180 تحقيقات»
  • clock 20 مايو 2025, 10:35:13 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
مفاوضات الدوحة

تحرير وتحليل: رامي أبو زبيدة – رئيس تحرير موقع 180 تحقيقات


بينما تحتدم المعارك في قطاع غزة، تشهد كواليس المفاوضات غير المباشرة في الدوحة بين إسرائيل وحماس حالة من الغموض والتأرجح، وسط إشارات متضاربة من الأطراف المختلفة بشأن فرص التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى. وفي الوقت الذي تُبدي فيه بعض الشخصيات الدولية تفاؤلاً مشروطاً، تظهر تصدّعات متزايدة داخل الحكومة الإسرائيلية، مع تهديدات بسحب الوفد من المفاوضات وتصريحات تكشف عن صراع محتدم في أعلى المستويات.

تعثر المفاوضات 


القناة 12 العبرية تحدثت عن أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيحسم خلال ساعات مسألة إعادة الوفد الإسرائيلي من الدوحة، ما يشير إلى مأزق حقيقي في مسار التفاوض. وفيما أكد المتحدث باسم نتنياهو أن الاقتراح المطروح يستند إلى "خطة ويتكوف" ويحظى بقبول أميركي، إلا أن التصريحات توحي بعدم وجود تقدم جوهري على الأرض.

وبحسب قناة "كان"، فإن المفاوضات لا تزال تُدار عبر قنوات غير مباشرة، وسط تقدم "طفيف" لا يرقى إلى مستوى اختراق حقيقي. اللافت أن الاسم البارز في هذه المرحلة هو "ويتكوف"، الذي يبدو أنه بات محور الربط بين الجانبين، في ظل غياب مباشر لدور نتنياهو ودرمر عن طاولة التفاصيل.

انقسام داخل الحكومة الإسرائيلية 


تكشف تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش عن وجود خلافات جوهرية داخل الحكومة بشأن سبل التعاطي مع المفاوضات والوضع الميداني. سموتريتش يرى أن الضغط العسكري المتواصل واحتلال 75% من قطاع غزة سيؤديان إلى انهيار حماس، وهو ما يعكس توجهاً نحو الحسم العسكري بدلاً من المضي في تسوية تفاوضية.

هجومه على وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، واتهامه بممارسة الشعبوية سعياً وراء الأصوات، يعكس حالة من التناحر داخل معسكر اليمين ذاته، ويؤكد أن قضية الرهائن باتت ورقة انتخابية أكثر منها قضية إنسانية أو أمنية.

موقف دولي متناقض 


من جهة أخرى، جاء تصريح آدم بويلر، المبعوث السابق للرئيس ترامب، ليمنح جرعة من الأمل بقوله إن "الاتفاق أقرب من أي وقت مضى". لكن هذا التفاؤل لا يبدو مدعوماً بمعطيات ميدانية أو تفاهمات حاسمة.

في المقابل، عبّرت قطر، على لسان وزير خارجيتها، عن خيبة أملها الشديدة، مؤكدة أن إسرائيل أحبطت كل فرصة للتهدئة بشنها موجة عنيفة من الهجمات بعد إطلاق سراح أحد الأسرى، ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا المدنيين. هذا التصريح يعكس توتراً في علاقة الوسيط القطري مع الجانب الإسرائيلي، ويهدد فعالية الجهود الحالية.

الحرب كأداة تفاوضية أم غاية استراتيجية؟


اللافت في تصريحات عومر دوستري، المتحدث باسم نتنياهو، هو تأكيده أن "الحرب مجرد وسيلة"، مشيراً إلى أن الهدف هو إزالة حماس من غزة وإطلاق سراح الرهائن. لكن الميدان يقول غير ذلك، حيث التصعيد الإسرائيلي المستمر يضعف فرص التهدئة ويؤكد أن قرار الحرب بات متقدماً على منطق المفاوضات.

اللحظة الراهنة تبدو مفصلية؛ إذ تتجاذب ملف الرهائن قوى متعارضة داخل إسرائيل، بين من يسعى لتوظيفه سياسياً ومن يدفع نحو الحسم العسكري. أما في الدوحة، فالمفاوضات لا تزال محكومة بإيقاع النار على الأرض. ما إذا كان نتنياهو سيعيد الوفد أو يستكمل التفاوض، يتوقف على توازن الضغط الداخلي من حلفائه المتشددين، والضغط الخارجي من الوسطاء الدوليين. لكن المؤكد أن الزمن لا يعمل لصالح أي من الأطراف، بينما يظل المدنيون في غزة يدفعون الثمن الأكبر.

التعليقات (0)