كسر الصمت في قلب أمريكا

إلينوي تتحدّى اللوبي الإسرائيلي: مشرّعون يسعون لإلغاء حظر حركة BDS

profile
  • clock 20 مايو 2025, 10:48:30 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
متظاهرون مؤيدون لفلسطين خارج المركز المتحد حيث انعقد المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو، إلينوي، في 22 أغسطس 2024

متابعة: عمرو المصري

كشفت صحيفة كابيتال نيوز إلينوي الأمريكية، يوم الأحد، عن محاولة جديدة لإلغاء قانون حظر مقاطعة "إسرائيل" في ولاية إلينوي، والذي يُعتبر من أوائل القوانين المناهضة لحركة المقاطعة (BDS) في الولايات المتحدة. ويقود هذه المحاولة مشرّعون ديمقراطيون تقدميون ضمن الجمعية العامة للولاية، في خطوة تُعدّ جريئة في وجه نفوذ واسع للوبي الداعم لـ"إسرائيل"، ومواقف رسمية داعمة للاحتلال على مستوى الولاية والبلاد.

قانون عمره عقد: حظر الاستثمار في مناهضي "إسرائيل"

منذ عام 2015، يحظر قانون سُنّ في ولاية إلينوي استثمار صناديق التقاعد الحكومية في أي شركة تُظهر ما يُعتبر "تحيّزًا ضد إسرائيل"، ويشمل ذلك الشركات التي تدعم أو تنخرط في أي من أنشطة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). وقد جاء هذا القانون ضمن موجة تشريعية اجتاحت الولايات الأمريكية في السنوات الماضية، حتى وصل عدد الولايات التي أقرت قوانين مشابهة إلى 38 ولاية، تمنع الأفراد أو الشركات التي تتبنى مواقف مناهضة لـ"إسرائيل" من الحصول على عقود حكومية.

وقد أنشأت ولاية إلينوي "مجلس سياسة الاستثمار في إلينوي" (Illinois Investment Policy Board) بهدف مراقبة الشركات وتحديد ما إذا كانت تتخذ مواقف تُعد مناهضة للمصالح الإسرائيلية. وتضم القائمة الحالية للشركات المحظورة نحو 30 شركة، من بينها "طيران كندا" التي اعتذرت مؤخرًا بسبب ظهور خرائط على متن بعض رحلاتها لا تُظهر "إسرائيل" وتكتفي بعبارة "الأراضي الفلسطينية". كما تشمل القائمة شركة "يونيليفر"، الشركة الأم لعلامة "بن آند جيريز" للبوظة، والتي قررت عام 2021 عدم بيع منتجاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عام 1967، وفي مقدمتها الضفة الغربية، بسبب ما اعتبرته التزامًا بمبادئ حقوق الإنسان، ورفضًا للاحتلال "غير القانوني" بحسب توصيف الأمم المتحدة.

مشرّع فلسطيني يسعى لإلغاء القانون

في مواجهة هذا الواقع التشريعي، تقدم النائب الديمقراطي عبد الناصر رشيد، وهو أول أمريكي من أصول فلسطينية يُنتخب لعضوية الهيئة التشريعية في ولاية إلينوي، بمشروع قانون جديد يحمل الرقم 2723 يهدف إلى إلغاء قانون حظر المقاطعة. وقال رشيد، بحسب ما نقلته منصة Capital News Illinois، إن المسألة تتعلق بحرية التعبير وحق الناس في الدفاع عن القيم التي يؤمنون بها، ولا سيما في مجال حقوق الإنسان، دون أن تُجبرهم الدولة على الالتزام بمواقف محددة.

وأضاف رشيد: "يتعلق الأمر بضمان وقوف إلينوي في الجانب الصحيح من التاريخ، وعدم المشاركة في قمع الشعب الفلسطيني. كما أنه يتعلق بحماية سكان الولاية والشركات العاملة فيها من الإجبار أو التنكيل أو الانتقام بسبب تبنيهم مواقف إنسانية".

دعم محدود.. وضغوط من أعلى

بحسب التقرير، حصل مشروع القانون على دعم خُمس أعضاء الكتلة الديمقراطية، بمن فيهم قادة الكتل اللاتينية والأفريقية والتقدمية، لكنه سرعان ما تعرقل، رغم ما توصف به الأغلبية الديمقراطية الحالية بأنها "سوبر أغلبية" تتيح تمرير مشاريع القوانين بسهولة.

ويبدو أن هناك عوامل سياسية تعيق تقدم المشروع، من بينها طموحات الحاكم الديمقراطي الملياردير جي بي بريتزكر، المعروف بدعمه لـ"إسرائيل"، والذي يُتوقع أن يترشح للرئاسة في انتخابات 2028، ما يجعل أي حركة تشريعية تُفهم على أنها مناهضة لـ"إسرائيل" في ولايته، بمثابة تهديد لحملته المرتقبة.

ورغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع ملحوظ في تأييد "إسرائيل" بين الجمهور الأمريكي، وخاصة بين أوساط الشباب والتقدميين، إلا أن الضغوط السياسية من قيادات الحزب قد تؤدي إلى تجميد المشروع، على الأقل في الوقت الراهن.

تباين في المواقف.. وارتباك تشريعي

وفي سياق الجدل الدائر، أشار التقرير إلى أن منظمة "جي ستريت" المؤيدة لـ"إسرائيل"، لكنها ذات توجهات ليبرالية، لم تتخذ موقفًا حاسمًا تجاه قوانين حظر المقاطعة، مؤكدة أنها لا تعارض حملات المقاطعة طالما أنها تقتصر على معارضة الاحتلال لما بعد عام 1967، دون الدعوة إلى إنهاء وجود دولة "إسرائيل" ككل.

وعلى صعيد مجلس الشيوخ المحلي في الولاية، أفاد التقرير بأن بعض المشرّعين بدأوا بسحب تأييدهم لمشروع قانون مماثل يعزز الحظر على المقاطعة، في مؤشر على حالة التردد داخل المؤسسة التشريعية.

وقال ديك سيمبسون، أستاذ العلوم السياسية المتقاعد في جامعة إلينوي في شيكاغو، إن كثيرًا من النواب يفضّلون تجنب التصويت على قانون لا يُتوقع له أن يمرّ، حتى لا يُغضبوا جزءًا من ناخبيهم. وأضاف: "لماذا يصوتون على شيء لن يُقر، ثم يتحملون تبعاته السياسية؟"

محاولة قد تفشل.. لكنها تكسر الصمت

رغم أن فرص تمرير مشروع القانون الجديد تبدو ضئيلة في ظل الحسابات السياسية المعقّدة، إلا أن مجرد طرحه ووجود دعم جزئي له من داخل المؤسسة التشريعية يُعد كسرًا للصمت، وتحدّيًا للمسلمات التي حكمت علاقة الولايات الأمريكية بـ"إسرائيل" لعقود.

كما يُشير المشروع إلى تنامي حضور القضية الفلسطينية داخل المجال السياسي الأمريكي، مدعومًا بتغيرات في الرأي العام، وتراجع قدرة اللوبي الإسرائيلي التقليدي على فرض أجندته دون معارضة.

وفي المحصلة، فإن محاولة إلغاء قانون حظر المقاطعة في ولاية إلينوي، حتى وإن لم تنجح الآن، قد تكون مقدّمة لتحولات أوسع في الولايات المتحدة، حيث لم تعد الرواية الإسرائيلية تحتكر السياسة والتشريع دون مساءلة أو مواجهة.

التعليقات (0)