مطار رامون: مسيرة يمنية تخترق دفاعات العدو وتحقق إصابات بقاعة المسافرين

profile
  • clock 7 سبتمبر 2025, 12:44:10 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
جانب من الأضرار التي لحقت بقاعة المسافرين التي ضربتها مسيّرة يمنية في مطار "رامون" في النقب المحتل (وسائل التواصل الاجتماعي)

متابعة: عمرو المصري

شهدت إسرائيل، اليوم الأحد 7 سبتمبر 2025، واحدة من أخطر الضربات الجوية منذ اتساع نطاق المواجهة الإقليمية، بعدما تمكنت مسيّرة أُطلقت من اليمن من اختراق المنظومة الدفاعية الإسرائيلية والوصول مباشرة إلى مطار "رامون" في النقب جنوبي فلسطين المحتلة. 

وبحسب المشاهد التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد وقع الانفجار داخل صالة المسافرين، وتصاعدت أعمدة الدخان من الموقع، الأمر الذي أحدث حالة ارتباك واضحة في الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

 

القناة 12 العبرية أكدت أن المسيّرة أصابت بالفعل صالة ركاب داخل المطار، ما أدى إلى وقوع إصابتين أحدهما بجروح متوسطة، في حين سارعت قوات الأمن والإطفاء إلى تطويق المكان. وعلى الفور، أعلنت "سلطة المطارات الإسرائيلية" إغلاق المجال الجوي فوق المطار ووقف حركة الطيران، في خطوة تعكس خطورة الحادث وتداعياته على حركة الملاحة الجوية، ليس فقط في النقب بل في عموم الأجواء الجنوبية لإسرائيل.

أربع مسيّرات دفعة واحدة

الرواية الإسرائيلية الرسمية جاءت على لسان الجيش، الذي أعلن اعتراض ثلاث مسيّرات أُطلقت من اليمن في التوقيت نفسه، بينما تمكنت الرابعة من الإفلات والوصول إلى هدفها. بيان الجيش أشار إلى أن اثنتين من المسيّرات أُسقطتا قبل دخول الحدود، فيما فُعّلت صفارات الإنذار في منطقة "نيتسانا" بالنقب الجنوبي كجزء من بروتوكول الطوارئ. ومع ذلك، أقرت إذاعة الجيش بأن الطائرة التي أصابت المطار لم يتم رصدها مسبقًا، وهو ما وصفته بأنه "خطأ خطير" في منظومة الرصد والاعتراض.

وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت عن ارتباك في المؤسسة الأمنية، حيث أشار بعض المراسلين إلى أن أجهزة الاستشعار رصدت ثلاث مسيّرات في أجواء سيناء، بينما أظهرت التحقيقات أن واحدة منها استطاعت تجاوز الدفاعات والوصول إلى قلب المطار، ما دفع سلاح الجو لفتح تحقيق شامل في الحادثة. هذه الروايات المتباينة تكشف حجم الإرباك داخل المنظومة الأمنية التي لطالما سوقت لنفسها بأنها الأكثر تطورًا في المنطقة.

تصعيد من جبهة اليمن

الحادث لم يأتِ بمعزل عن السياق الإقليمي. فقد أكد جيش الاحتلال أن اليمن، منذ اغتيال عدد من قادة حركة "أنصار الله" في صنعاء مؤخرًا، أطلق ثمانية صواريخ باليستية وسبع مسيّرات باتجاه إسرائيل، في تصعيد لافت من جبهة البحر الأحمر. ويشير هذا التطور إلى أن صنعاء باتت حاضرة بقوة في معادلة المواجهة، وأن حدود الحرب لم تعد محصورة في غزة ولبنان بل باتت تتسع تدريجيًا لتشمل أطرافًا جديدة.

من زاوية أخرى، يمثل استهداف مطار "رامون" تحديًا استراتيجيًا لإسرائيل، نظرًا لأن المطار يُعد بديلًا رئيسيًا لمطار بن غوريون في حالات الطوارئ، كما يستخدم لاستقبال رحلات السياح القادمين إلى مدينة إيلات. الضربة اليمنية، إذن، لا تقتصر على بعدها العسكري فحسب، بل تمتد إلى البعد الاقتصادي والسياسي، إذ تُظهر لإسرائيل وللعالم أن أي موقع استراتيجي يمكن أن يكون في مرمى الاستهداف.

هشاشة أمنية

الاعتراف الإسرائيلي بوجود "أخطاء خطيرة" في منظومة الدفاع يكشف حقيقة لطالما حاولت تل أبيب إخفاءها، وهي أن القبة الحديدية ومنظومات الرصد المتطورة ليست قادرة على ضمان حماية مطلقة من الهجمات الجوية. فالاختراق اليمني لم يأتِ بصاروخ باليستي ضخم، بل بطائرة مسيّرة صغيرة نسبيًا، وهو ما يثير الشكوك حول قدرة إسرائيل على مواجهة هجمات مركبة ومتزامنة في حال توسعت الجبهات أكثر.

هذه الضربة قد تترك أثرًا بالغًا على صورة إسرائيل أمام الداخل والخارج. فمن جهة، يشعر المستوطنون في الجنوب بأنهم مكشوفون رغم كثافة الإنفاق على المنظومات الدفاعية. ومن جهة أخرى، فإن الأصدقاء والحلفاء الغربيين، الذين طالما روجوا لتفوق إسرائيل العسكري، سيعيدون التفكير في مدى جدوى الاعتماد على هذه المنظومة التي أظهرت هشاشة واضحة أمام تكتيكات حرب غير متكافئة.

دلالات أوسع

الهجوم على مطار رامون يعكس بوضوح اتساع رقعة الصراع في المنطقة، ويؤكد أن المعركة لم تعد محصورة في جبهة واحدة. فبينما ينشغل جيش الاحتلال في حربه المستمرة على غزة، وتوتراته مع حزب الله في الشمال، جاءت الضربة اليمنية لتفتح جبهة ثالثة تضع المؤسسة الأمنية أمام تحديات غير مسبوقة. هذه التعددية في مصادر التهديد قد تكون أخطر ما تواجهه إسرائيل منذ سنوات، لأنها ترهق قدراتها وتكشف ثغراتها الدفاعية.

كما أن هذا التصعيد يوجه رسالة مباشرة مفادها أن استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة واغتيال القيادات الإقليمية لن يمر دون ردود مؤلمة من أطراف مختلفة، وأن معادلة "الأمن المطلق" التي طالما تباهت بها تل أبيب باتت على المحك. وفي ظل تزايد التنسيق بين أطراف إقليمية معادية لإسرائيل، فإن حادثة رامون قد تكون مجرد بداية لسلسلة من الضربات التي تستهدف عمق الكيان في مواقعه الأكثر حساسية.

التعليقات (0)