محور "مَاغين عوز" في خانيونس: طريق قتالي بأهداف استراتيجية متعددة

profile
  • clock 16 يوليو 2025, 9:59:41 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

قال الدكتور رامي أبو زبيدة، الباحث في الشأن العسكري والأمني، إن ما يسمى "محور ماغين عوز" الذي أعلن جيش الاحتلال عن إنشائه في قلب خان يونس جنوب قطاع غزة، ليس مجرد ممر عسكري ميداني، بل يمثل أداة هندسة ميدانية هدفها إعادة تشكيل الخريطة الجغرافية والعملياتية للقطاع بما يخدم استراتيجية الاحتلال على المدى الطويل.

وأوضح أبو زبيدة أن شق هذا المحور جاء في إطار خطة إسرائيلية ممنهجة لتقسيم مدينة خان يونس إلى شطرين غير متكافئين، بحيث يجري عزل الجزء الشرقي من المدينة، الذي أخلي من سكانه بفعل التهجير القسري، وتحويله إلى منطقة خاضعة لسيطرة عسكرية إسرائيلية شبه كاملة، يتم تقديمها كـ"مساحة مطهرة من حماس"، على غرار ما حصل في مدينة رفح.

وأشار إلى أن الجزء الغربي من خان يونس، في المقابل، ما زال يضم منطقة المواصي المزدحمة بأكثر من مليون نازح، ويشهد وجودًا فعّالًا للمقاومة واشتباكات مستمرة، مع بقاء السيطرة الإسرائيلية عليه جزئية وغير مستقرة، ما يكرس واقعًا ميدانيًا منقسمًا يخدم مصالح الاحتلال.

جيوب أمنية وممرات فصل

وأضاف أبو زبيدة أن هدف الاحتلال من هذا المحور لا يقتصر على العمليات العسكرية الآنية، بل يتعداها إلى خلق "جيوب أمنية" معزولة عن المقاومة يمكن التحكم بها، واستخدامها لاحقًا كقواعد تمركز أو مناطق عازلة، تقلص من قدرة المقاومة على الحركة والمناورة.

وأكد أن إسرائيل تحاول من خلال هذه التكتيكات فرض واقع تقسيم ميداني يجعل إعادة توحيد القطاع أو عودة النازحين إليه عملية معقدة وصعبة، ما يحقق هدفًا سياسيًا استراتيجيًا يتمثل في إضعاف الرابط الجغرافي والديمغرافي بين السكان والمقاومة المسلحة.

ورقة تفاوضية

وبيّن الباحث أن الاحتلال ينظر إلى هذه المحاور أيضًا باعتبارها أوراقًا تفاوضية مستقبلية، يمكنه توظيفها في أي محادثات مقبلة حول "اليوم التالي" أو صفقات التبادل، عبر تقديم نموذج "الانسحاب الجزئي المشروط" من بعض المحاور كمقابل لمكاسب سياسية أو أمنية.

ولفت إلى أن هذه الاستراتيجية تتيح لإسرائيل توسيع هامش مناورتها في المفاوضات، وتقديم ما يشبه "التنازل الإنساني" من دون المساس بالسيطرة العسكرية الفعلية أو إنهاء الاحتلال بمعناه الجوهري، وهو ما يعيد إنتاج تجربة "فيلادلفيا" و"نتساريم" بمحاور جديدة.

مشروع "المنطقة الآمنة"

وأشار أبو زبيدة إلى أن إنشاء محور "ماغين عوز" ينسجم مع هدف أوسع يسعى الاحتلال لتحقيقه، وهو توسيع نطاق ما يسميه "المنطقة الإنسانية البديلة"، من خلال ضم شرق خان يونس إلى رفح، لخلق مساحة يُسوَّق لها دوليًا كـ"منطقة آمنة" خالية من حماس.

وأوضح أن هذه الخطة ليست جديدة، بل تمثل تكرارًا لأسلوب الاحتلال في جنوب لبنان خلال الثمانينيات، وفي أريحا بالضفة الغربية خلال التسعينيات، حين حاول عزل السكان عن المقاومة عبر مناطق تحت إدارة مدنية "محمية" أو "منزوعة السلاح"، تمهيدًا لتطبيع الاحتلال وتجزئته سياسيًا.

تمزيق الجغرافيا بديلا للفشل

وختم الدكتور رامي أبو زبيدة بالقول إن محور "ماغين عوز" يوضح بجلاء أن إسرائيل لم تنجح في القضاء على المقاومة، فتحاول بدلًا من ذلك تمزيق جغرافيتها، وفصلها عن بيئتها، وإضعاف الحاضنة الشعبية عبر التهجير والتقسيم.

وأكد أن هذا المحور ليس انتصارًا عسكريًا حاسمًا، بل هو اعتراف بفشل الحسم التقليدي، واللجوء إلى أسلوب تفكيكي طويل الأمد يهدف إلى فرض سيطرة غير مباشرة، وتقليل كلفة الاحتلال، وتقديم وهم "الإدارة الإنسانية" بديلاً عن أي حل سياسي عادل أو إنهاء حقيقي للاحتلال.

التعليقات (0)