-
℃ 11 تركيا
-
14 يونيو 2025
كيف مهّد الموساد الطريق لأوسع عملية اغتيال داخل إيران؟
كيف مهّد الموساد الطريق لأوسع عملية اغتيال داخل إيران؟
-
13 يونيو 2025, 10:17:50 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
في تطور غير مسبوق، نفّذت إسرائيل فجر الجمعة واحدة من أوسع عملياتها الهجومية على الأراضي الإيرانية، استهدفت قلب القيادة العسكرية الإيرانية، وأوقعت كبار قادتها قتلى، في عملية وُصفت بأنها لحظة فاصلة في تاريخ الصراع بين الجانبين. لكن خلف هذا العدوان المفاجئ، كانت عملية استخباراتية معقدة تُدار منذ شهور داخل العمق الإيراني، بحسب ما كشفته صحيفتا "واشنطن بوست" الأمريكية و"هآرتس" العبرية.
تهريب صواريخ ومسيرات مفخخة: حرب الظل تخرج إلى العلن
بحسب "واشنطن بوست"، فقد بدأ جهاز الموساد الإسرائيلي منذ عدة أشهر تهريب صواريخ إلى داخل إيران، وهي خطوة بالغة الجرأة في عمق أراضي العدو، تمهيدًا لتنفيذ عملية عسكرية مباغتة. وترافقت هذه الخطوة مع زرع أسراب من المسيرات المفخخة داخل الأراضي الإيرانية، في ما بدا أنه تحضير لمنظومة هجوم متناغمة بين الجو والبر.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الطائرات جرى تفعيلها بشكل متزامن مع الغارات الجوية، واستهدفت منصات إطلاق صواريخ بالقرب من العاصمة طهران، وهو ما يشير إلى تنسيق استخباراتي-عسكري متقدم بين أذرع الأمن الإسرائيلية.
وفي تطور أكثر خطورة، ذكرت "واشنطن بوست" أن وحدات كوماندوس من الموساد انتشرت في مناطق حساسة وسط إيران، حيث ركّزت أسلحة دقيقة التوجيه قرب مواقع الدفاعات الجوية الإيرانية. هذه الفرق الخاصة عملت على تشغيل الأنظمة القتالية الأرضية تزامنًا مع الهجوم الجوي، ما مكّن الطائرات من ضرب أهدافها دون اعتراض جوي فاعل.
هآرتس: قاعدة داخل إيران لتنفيذ الهجوم
من جهتها، أكدت صحيفة "هآرتس" العبرية، نقلاً عن مصدر أمني، أن الموساد أنشأ قاعدة للطائرات المسيّرة المفخخة داخل إيران قبل وقت طويل من تنفيذ الهجوم. هذه القاعدة كانت جزءًا من البنية التحتية التي استخدمتها إسرائيل لتنفيذ عملية "الأسد الصاعد".
ووفق المصدر، فإن الطائرات المفخخة استهدفت منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض في قاعدة "أشفَق آباد" قرب طهران، وهي من المواقع التي تُعد تهديدًا إستراتيجيًا لإسرائيل.
كما أكد المصدر أن وحدات الكوماندوس التي تسللت إلى الداخل الإيراني نشرت أنظمة تشغيلية لأسلحة دقيقة قرب منظومات الدفاع الجوي الإيراني، وساهمت هذه الأنظمة في تعطيل قدرات الردع الإيرانية أثناء الهجوم.
الضربة الكبرى: تصفية قيادة الحرس الثوري و"هيئة الأركان"
الهجوم الإسرائيلي، الذي سمّته تل أبيب "عملية الأسد الصاعد"، لم يكن مجرد غارة جوية، بل عملية اغتيال ممنهجة لأركان النظام العسكري الإيراني.
فقد أكدت وسائل إعلام رسمية إيرانية، ومصادر إسرائيلية متقاطعة، مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، إلى جانب رئيس هيئة الأركان اللواء محمد باقري، وقائد مقر خاتم الأنبياء العسكري اللواء غلام علي. كما تحدثت تقارير عن اغتيال علماء نوويين بارزين، بينهم مهدي طهرانجي وفريدون عباسي، وضرب منشآت نووية في نطنز ومصانع لتصنيع الصواريخ في كرمنشاه وتبريز.
وأشارت القناة الإسرائيلية الـ13 إلى أن "الضربة قد تكون حققت نتائج أفضل من المتوقع"، فيما تحدثت وسائل إعلام عن تدمير ثلاثة مبانٍ في حي شهراك شهيد محلاتي بطهران، حيث يقيم كبار القادة العسكريين الإيرانيين.
هجوم متعدد المراحل.. ورد متوقع من طهران
قالت مصادر أمنية إسرائيلية إن الهجوم لن يتوقف عند هذه المرحلة، وإن الجولات المقبلة قد تستمر لعدة أيام، مؤكدة أن "الاغتيالات تمثل مكونًا أساسيًا من الضربة الأولى".
من جهتها، توعدت إيران بـ"انتقام قاسٍ ومذل"، مشيرة إلى أن الهجوم تم بمعرفة ومباركة أمريكية. وتحدثت وسائل الإعلام الإيرانية عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم مدنيون، في الغارات التي استهدفت مناطق سكنية شرقي طهران.
وبينما أعلنت إسرائيل حالة الطوارئ وأغلقت مجالها الجوي، بدأ الحديث عن مرحلة جديدة من التصعيد الإقليمي، قد تحمل في طياتها احتمالات اندلاع حرب أوسع تشمل حزب الله وسوريا والعراق وربما اليمن.
هل تغيرت قواعد اللعبة؟
يوحي ما كشفته "واشنطن بوست" و"هآرتس" بأن العدوان الإسرائيلي على إيران لم يكن وليد اللحظة، بل ثمرة عمل استخباراتي معقّد دام شهورًا، شاركت فيه وحدات الموساد بعمليات تهريب وتسلل وزرع أنظمة قتالية داخل أراضي العدو.
وبعد تأكد الأنباء حول مقتل قادة الصف الأول في إيران، فإننا أمام ضربة جراحية موجّهة قد تخلخل التوازن داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية لسنوات، لكنها في المقابل قد تستدرج تل أبيب إلى جولة انتقام قاسية قد لا تخرج منها دون ثمن باهظ.
التطورات القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه الضربة ضربة استباقية ناجحة، أم بداية لمواجهة مفتوحة لا تُعرف حدودها.









