-
℃ 11 تركيا
-
4 أغسطس 2025
قراءة عسكرية تركية لحرب إسرائيل – إيران: دروس الاستعداد والحسم
قراءة عسكرية تركية لحرب إسرائيل – إيران: دروس الاستعداد والحسم
-
3 أغسطس 2025, 1:14:32 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
- رامي أبو زبيدة
مع اشتعال الحرب بين إسرائيل وإيران، وقفت تركيا تراقب المشهد كمن يقرأ سيناريو حرب مستقبلية قد تنفجر في خاصرتها الجنوبية أو الشرقية. لم تكن المتابعة التركية مجرد رصد، بل دراسة دقيقة لأدق تفاصيل الصراع، لاستخلاص دروس عملياتية واستراتيجية تُسهم في إعادة تشكيل عقيدة الردع والدفاع والهجوم لدى الجيش التركي في زمن الحروب المركبة.
*منذ انطلاق الضربات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية تابعت أنقرة الحرب بدقة وبتقدير استراتيجي عالٍ، باعتبارها:*
*نموذجًا مقلقًا لصراع إقليمي شامل قد يتمدد فجأة ويطال الدول المجاورة.*
*اختبارًا عمليًا لمفهوم الردع الجوي والصاروخي، وأداء أنظمة الدفاع متعددة الطبقات في بيئة حرب حقيقية.*
*معيارًا لفشل أو نجاح عقيدة الحرب الإلكترونية والتشويش بين قوتين تمتلكان قدرات سيبرانية معتبرة.*
*تقرير الاستخبارات التركية المسرّب (2 أغسطس) وصف الهجوم الإسرائيلي الجوي على منشآت نووية ومراكز قيادة إيرانية بأنه «ضربة جراحية ذات بصمة استخباراتية معقدة، استندت إلى تفوق استخباري تقني وسايبراني أكثر من كونها مجرد اجتياح ناري».*
⚔️ *الدروس العسكرية المستفادة*
*1. أهمية الاستخبارات المتكاملة والضربات الاستباقية*
ركّزت تركيا على نجاح إسرائيل في تحقيق المفاجأة التكتيكية عبر ضرب مراكز حساسة دون إنذار مبكر.
يترجم هذا درسًا حيويًا بأن منظومة الاستخبارات القومية التركية (MIT) يجب أن ترتقي إلى التكامل الاستخباري – التقني – السيبراني، وليس الاستخبارات البشرية فقط.
*2. فشل الردع الصاروخي الإيراني يفتح أعين أنقرة*
رغم امتلاك إيران لترسانة صاروخية ضخمة، إلا أن فاعلية منظومة الردع الإيرانية بقيت رمزية وغير ميدانية.
وهذا ما اعتبره العسكريون الأتراك إخفاقًا خطيرًا في تفعيل عقيدة “الانتقام الآني”، مما يستدعي من أنقرة:
تعزيز أنظمتها الدفاعية الداخلية.
تطوير قدرتها على تنفيذ ضربات مضادة دون الاعتماد على الناتو.
*3. الحرب الجوية الدقيقة هي السلاح الحاسم*
أثبتت إسرائيل قدرتها على تنفيذ ضربات جوية دقيقة بمستوى “ضرب مركز العصب” لا الأطراف، باستخدام طائرات الشبح والدرونز العالية التقنية.
تركيا رأت في ذلك مبررًا لتسريع مشاريع طائرتها المقاتلة الشبحية "قآن" وطائرات الدرون "آقنجي" و"أنكا 3".
*4. الحرب السيبرانية حرب موازية لا تقل خطرًا*
الحرب شهدت اختراقًا لأنظمة القيادة والسيطرة الإيرانية، وإرباكًا لمنظومات الرادار والاتصالات.
أنقرة اعتبرت ذلك مؤشرًا بالغ الخطورة، وأوصت برفع ميزانية الدفاع السيبراني داخل وزارة الدفاع، ومضاعفة كوادر "الفريق الأزرق" الدفاعي في الجيش التركي.
*5. هشاشة العمق المدني الإيراني تحت الضربات*
تسببت الهجمات في حالة هلع وفوضى داخل المدن الإيرانية الكبرى، مع فشل جزئي في إدارة الأزمات.
تركيا درست هذا السيناريو كـنموذج لانهيار الجبهة الداخلية حال غياب الإعلام السيادي والجاهزية المدنية، ما دفعها لإعادة تقييم وحدات "الدفاع المدني القومي" (AFAD) في سيناريوهات الحرب.
* ماذا تعني هذه الدروس لتركيا عملياً؟*
*1. تعزيز الاستقلال الدفاعي: ضرورة تسريع مشاريع الصناعات الدفاعية المحلية وتحديث مكونات المنظومات الجوية والبرية والبحرية، لتقليل الاعتماد على الحلفاء الغربيين الذين قد يخذلونها في أي حرب قادمة.*
*2. نموذج للحرب المقبلة مع خصم مثل اليونان أو روسيا: قرأت تركيا الصراع على أنه "نموذج مصغّر" لما قد تواجهه مع خصم يمتلك قدرات غير تقليدية، وأن الحسم في الجو والسيبراني هو الفيصل وليس بالضرورة عبر الحشود البرية.*
*3. مراجعة عقيدة الانتشار الدفاعي في سوريا والعراق: إذ بات من الضروري تقييم المواقع التركية في شمال سوريا والعراق تحسبًا لسيناريوهات "ضربات انتقامية" إيرانية أو من حلفائها المحليين مثل الحشد الشعبي أو PKK.*
*4. تحسين العلاقة مع القوى الكبرى بحذر: تابعت أنقرة كيف سُمِح لإسرائيل بالتدخل دون تدخل أمريكي مباشر، وهو ما يشير إلى أن الضوء الأخضر الدولي مرهون بالحسابات الكبرى، وعلى تركيا ألا تعتمد على "الدعم الغربي المفترض" في أية معركة إقليمية.*
*نرى أن الحرب بين إسرائيل وإيران لم تكن مجرد تبادل ناري، بل مختبرًا مفتوحًا لأنظمة الردع والذكاء الاصطناعي والسلاح السيبراني، وتركيا – التي تتموضع كقوة إقليمية صاعدة – تعاملت معها كفرصة لإعادة بناء مزيجها الدفاعي والهجومي وفق قاعدة:*
*> "لا تنتصر في الحرب القادمة بما تملكه اليوم، بل بما كنت مستعدًا له بالأمس."*









