غزة تحت نار الحرب والجوع: حين يصبح ثمن الرغيف دمًا وذلًا

profile
  • clock 11 يوليو 2025, 4:23:48 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كتب: عمرو المصري

في غزة اليوم، لا يحتاج الناس إلى قائمة طعام فاخرة. إنهم يبحثون عن كسرة خبز، مجرد رغيف صغير يكسر جوعًا يلتهم الأمعاء ويذل الكرامة. لكن حتى ذلك صار ترفًا بعيد المنال في حرب إبادة إسرائيلية لم تبقِ ولم تذر، حرب تحاصر البشر، وتنهش الحجر، وتُميت الروح قبل الجسد.

اليوم الجمعة، 11 يوليو 2025، يبيعون كيلو الطحين في غزة بـ80 شيكلًا إسرائيليًا. ذلك يعني أكثر من 24 دولارًا أمريكيًا، أو نحو 1200 جنيه مصري، وأكثر من 88 درهمًا إماراتيًا أو 89 ريالًا سعوديًا.

 

تخيل أن رغيف الخبز صار أغلى من حياة البشر. هل يستطيع رب أسرة في مخيم مكتظ، خسر بيته وعمله وكل ما يملك، أن يطعم أطفاله بهذا السعر؟

طوابير ذل وقلوب مكسورة

في شوارع غزة المدمرة، الطوابير تمتد أمام نقاط توزيع مساعدات شحيحة، لكن الأبواب غالبًا مغلقة، والحواجز الإسرائيلية تخنق قوافل الرحمة. النساء ينتظرن تحت الشمس المحرقة، يحملن أطفالًا هزالًا، يتوسلن نظرة رأفة أو كيس طحين أو عبوة زيت.. وبعد كل ذلك، بدلا من ان يحصلوا على كيس طحين يسد رمق أطفالهم، تغتالهم يد الغدر الصهيونية وهم جوعى في مشهد متكرر لمجازر المساعدات التي تهندسها الإدارة الأمريكية مع العدو المحتل.

يكتب أحد المراسلين من قلب المأساة:

«في غزة، لا نشتهي لذيذ الطعام… بل كسرة خبز تسند ما تبقّى من الكرامة.
الأطفال لا يبكون من الجوع، فقد أنهكهم التعب وأسكتهم الوجع.
الكرام يتسوّلون بعيونهم، والنساء يقفن في طوابير الذلّ بلا وعد ولا رغيف.
أبواب المساعدات مغلقة، والرحمة تُحتضر خلف الحواجز.»

هكذا تعاقب إسرائيل غزة، لأنها طلبت حريتها، فحرمتها من رغيفها، من دوائها، من كرامتها.

 

صمت العرب وتواطؤ الغرب

في مواجهة هذا الجحيم، العالم صامت. العرب والمسلمون ينظرون إلى غزة من وراء شاشات الهواتف. بيانات شجب باردة تصدر أحيانًا، لكن لا ضغط حقيقي يجبر إسرائيل على فتح المعابر أو إدخال المساعدات.

أي خذلان هذا؟ أي عار هذا على أمة تقول إنها أمة المروءة والنجدة؟

بينما يئن سكان غزة من الجوع والقصف، تغرق القوافل في البيروقراطية أو تتعثر عند الحواجز، ولا تجد من يضغط بجدية لكسر الحصار.

أما الغرب، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، فلا يكتفون بالصمت. بل يرسلون السلاح والذخائر، ويدعمون آلة الحرب الإسرائيلية سياسيًا وماليًا. يحرسونها من أي مساءلة أو محاسبة في مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية الدولية. يغلفون القتل والتجويع بلغة «الدفاع عن النفس» بينما يُذبح الأطفال في المدارس والمستشفيات.

حرب إبادة كاملة

هذه ليست حربًا عادية. إنها سياسة ممنهجة لإبادة غزة، لقتل الحياة فيها. ليس فقط عبر القصف، بل عبر الحصار والتجويع وتعطيش الناس.

إنها محاولة لكسر إرادة شعب يصر على البقاء في أرضه. محاولة اقتلاع الناس من بيوتهم وإجبارهم على الرحيل إلى المجهول، أو دفنهم تحت الركام.

وفي قلب هذا الرعب، تستمر الحياة بعناد مؤلم. أمهات يخبزن فتات القمح على الحطب، أطفال يبحثون في الأنقاض عن شيء يؤكل، آباء يبيعون آخر ممتلكاتهم من أجل رغيف.

نداء للضمير الإنساني

إلى متى هذا الصمت؟ إلى متى هذا التواطؤ؟

غزة اليوم تختنق. تجوع. تنزف. تبكي أطفالها وأمهاتها وشيوخها.

هل سنكتفي بالبكاء على صورها؟ أم سنرفع الصوت عاليًا ونطالب بوقف هذه الحرب، بكسر هذا الحصار، بإجبار الاحتلال على إدخال المساعدات؟

هل سنبقى نتفرج على رغيف خبز يُباع بدم الناس ودموعهم؟ أم سنرفض أن نكون شهود زور على نكبة جديدة تُنفذ في القرن الحادي والعشرين؟

إن الضمير الإنساني كله، وليس فقط العربي والإسلامي، مطالب اليوم بأن يقول: كفى.

التعليقات (0)