-
℃ 11 تركيا
-
12 يونيو 2025
غزة تحت النار في عيد الأضحى 2025: طقوس غائبة ومعاناة حاضرة في كل بيت
غزة تصرخ... والعالم يصمت
غزة تحت النار في عيد الأضحى 2025: طقوس غائبة ومعاناة حاضرة في كل بيت
-
6 يونيو 2025, 3:06:32 م
-
428
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
بين ركام المنازل وصمت العالم، حلّ عيد الأضحى لعام 2025 على قطاع غزة مثقلًا بالألم، خاليًا من طقوسه المعتادة، وسط حصار خانق وعدوان متواصل منذ أكتوبر 2023. وبدلًا من الأضاحي والاحتفالات، وجد أهالي القطاع أنفسهم يواجهون المجاعة والنزوح والحزن الجماعي في مناسبة يفترض أن تكون للفرح.
عيد بلا أضاحٍ... وموت للحياة الزراعية والحيوانية
بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس"، فقد باتت شعائر العيد التقليدية شبه مستحيلة في غزة. منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر، مُنعت اللحوم الطازجة من الدخول، فيما قُضيت معظم المواشي بسبب القصف ونقص الأعلاف. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن 96% من المواشي و99% من الدواجن قد نفقت، بينما أصبحت 95% من الأراضي الزراعية غير صالحة للاستخدام.
في هذا السياق، قالت كريمة نجيلي، وهي نازحة من شمال غزة:"لم نرَ فرحة العيد منذ أربع سنوات، لا أضاحي، لا كعك، ولا ملابس جديدة. كل شيء فقدناه، حتى من نحب."
الأسواق خالية والخبز حلم بعيد المنال
في ظل الحرب والحصار، أصبحت القدرة الشرائية شبه معدومة. ويشير المواطن عبد الرحمن ماضي إلى أن أسعار الخبز والخضروات فاقت التحمّل، موضحًا أن شراء اللحوم لم يعد واردًا حتى في الخيال.
وفي خان يونس، لجأت نساء مثل هالة أبو نقيرة إلى صناعة كعك العيد فوق ركام البيوت المهدّمة، باستخدام ما توفر من دقيق بأسعار معقولة، محاولة يائسة للإبقاء على شيء من الطقوس.
الطفولة المسروقة: العيد يُختزل في وعاء شوربة
في قطاع كان العيد فيه موعدًا لفرح الأطفال، تبدلت الصورة تمامًا. المبادرات المحلية، مثل فريق أهل غزة، وزعت كسوة العيد على 150 طفلًا نازحًا، إلا أن هذه الجهود المحدودة لم تستطع تعويض حجم المعاناة.
الأطفال الذين كانوا ينتظرون الحلوى والألعاب، باتوا يتزاحمون على وجبة من الشوربة في مخيمات النزوح، وسط صدمة نفسية جماعية وحرمان مزمن من أبسط حقوقهم.
محاولات للحفاظ على الشعائر وسط الدمار
رغم كل الصعاب، حاول بعض السكان الحفاظ على الحد الأدنى من طقوس العيد. تمت إقامة صلاة العيد والتكبيرات في عدد من المخيمات، لكن الأجواء اتسمت بالحزن.
رشا أبو سليمة، نازحة من رفح، عادت إلى منزلها المدمر لتجمع ما تبقى من الملابس وألعاب بلاستيكية لتقديمها هدايا لبناتها، قائلة:"لا أستطيع أن أوفر لهن حتى الخبز، لكن أردت أن أمنحهن لحظة فرح".
مساعدات محدودة وسط قيود الاحتلال والنهب
رغم السماح بدخول بعض شاحنات الطحين قبل أسبوعين، إلا أن توزيع المساعدات واجه صعوبات بسبب النهب وقيود الجيش الإسرائيلي.
هذا الوضع دفع العائلات إلى إعادة استخدام الملابس القديمة، أو صناعة أراجيح من الحبال للأطفال، في محاولات بدائية للفرح في غياب كل مقومات الحياة.
نزوح متكرر ويأس متصاعد
بحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من مليوني فلسطيني نزحوا مرات متكررة داخل القطاع، هربًا من القصف وتدمير الأحياء.
ومع انهيار الزراعة والصناعة، باتت المساعدات الدولية الملاذ الوحيد، لكنها لا تصل بما يكفي، مما جعل العيد في غزة مرادفًا للجوع والخذلان العالمي.
ومضات أمل رغم كل شيء
في منطقة المواصي الساحلية، رصدت عدسات المصورين أطفالًا يلعبون قرب حظيرة مؤقتة فيها عدد محدود من الأغنام والماعز، مرددين تكبيرات العيد بضحكات خافتة، وكأنهم يتشبثون بما تبقى من الفرح.
لكن كما قالت كريمة نجيلي:"العيد لم يعد كما كان. أصبح مجرد ذكرى... تذكرنا بمن فقدناهم، ومن لم يعودوا بيننا."
غزة تصرخ... والعالم يصمت
في عيد الأضحى 2025، تختصر غزة المأساة الإنسانية الأعمق في العصر الحديث. طقوس ممزقة، طفولة منهوبة، ومجتمع يعاني الجوع والنزوح في ظل حصار لا يرحم، وعدوان لا يتوقف.
ورغم كل شيء، ما زال في غزة من يخلق لحظة فرح وسط الحطام، في رسالة تقول: "نحن هنا، رغم كل شيء".









