تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

تتواصل جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق مدينة طولكرم ومخيميها "طولكرم" و"نور شمس" للّاجئين، في عدوان مفتوح دخل يومه الـ174، وسط تصعيد عسكري واسع النطاق، وعمليات هدم وتجريف ممنهجة طالت مئات المنازل والمنشآت، وتهجير آلاف العائلات، في ظل صمت دولي مريب.

تصعيد متواصل وهدم منهجي للمنازل في طولكرم

في مشهد يُعبّر عن عمق المأساة، واصلت جرافات الاحتلال صباح اليوم أعمال الهدم في مخيم طولكرم، حيث غطى الركام والغبار الأحياء المدمرة، تبعه دوي انفجار عنيف هزّ أرجاء المخيم. وتُعد هذه الهجمة امتدادًا لخطة الاحتلال الهادفة إلى هدم 104 مبانٍ تضم نحو 400 وحدة سكنية، ما تسبب حتى الآن في تشريد آلاف العائلات الفلسطينية.

أحياء كاملة تُمحى من الوجود وسط تجاهل دولي

خلال الأسابيع الماضية، تركزت الهجمات على أحياء "المربعة"، و"أبو الفول"، و"الشهداء"، و"الحمام"، حيث فقدت مئات الأسر مساكنها بالكامل. وعلى الرغم من حجم الكارثة، لا تزال المؤسسات الدولية تلتزم الصمت، في وقت يتسع فيه نطاق الدمار والنزوح القسري يومًا بعد يوم.

مخيم نور شمس: نيران الاحتلال تلتهم ما تبقى

في اليوم الـ161 من الحصار المشدد على مخيم نور شمس، تصاعدت وتيرة العدوان، حيث نفذت قوات الاحتلال عمليات حرق متعمدة لمنازل المواطنين، خصوصًا في منطقة جبل النصر. وشهد اليوم استيلاء جنود الاحتلال على مبنى سكني قيد الإنشاء واعتلوا سطحه، واعتدوا على الأهالي بإلقاء الحجارة والطوب، في سلوك يُظهر نية التنكيل والإذلال المتعمد.

دمار شامل وتمزيق للنسيج العمراني والاجتماعي

يُضاف هذا إلى خطة الاحتلال لهدم 106 مبانٍ داخل المخيمين، نُفّذ منها حتى الآن 48 مبنًى في نور شمس وحده. وتهدف هذه الحملة إلى تفكيك البنية العمرانية وفتح شوارع تفصل الأحياء، في محاولة لتمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني وفرض واقع جغرافي جديد بالقوة.

آلاف المهجرين وآلاف المنازل المتضررة

حتى اللحظة، أسفر العدوان المتواصل عن تهجير قسري لأكثر من 5,000 عائلة (أي ما يزيد عن 25,000 مواطن)، وتدمير ما يزيد عن 600 مبنى بشكل كامل، وتضرر أكثر من 2,500 منزل جزئيًا. كما تم إغلاق مداخل المخيمَين وتحويلهما إلى مناطق شبه خالية من الحياة، حيث تُطلق قوات الاحتلال النار على كل من يقترب من ممتلكاته أو يحاول العودة إلى منزله.

الاحتلال يوسّع عدوانه ويستفز المواطنين

دفع الاحتلال بتعزيزات عسكرية إضافية إلى مدينة طولكرم، حيث تنتشر القوات في الأسواق والشوارع الرئيسية، خصوصًا في محيط مستشفى الشهيد ثابت ثابت وميدان جمال عبد الناصر وشارع نابلس، ما أدى إلى إرباك الحياة اليومية، وعرقلة حركة المركبات والمواطنين بطريقة استفزازية.

اقتحامات واسعة واعتداءات على السكان

تعرّضت أحياء "شويكة"، و"ارتاح"، و"اكتابا" لاقتحامات متكررة، تخللتها عمليات تفتيش واسعة للمنازل واعتداءات على السكان. ويستمر الاحتلال في تحويل شارع نابلس إلى ثكنة عسكرية، بعد الاستيلاء على مبانٍ سكنية وتهجير سكانها، خاصة في جزئه الشمالي المقابل لمخيم طولكرم، حيث تنتشر الجرافات والدوريات على مدار الساعة.

حصيلة دامية: شهداء وجرحى وأضرار جسيمة

حتى الآن، أسفر العدوان عن استشهاد 14 مواطنًا، بينهم طفل وسيدتان – إحداهما في شهرها الثامن من الحمل – بالإضافة إلى عشرات المصابين والمعتقلين. كما لحقت أضرار جسيمة بالبنية التحتية، والمحال التجارية، والمركبات، والمرافق العامة، ما زاد من حجم المعاناة اليومية لأهالي المدينة والمخيمات المحاصرة.

في ظل استمرار هذا العدوان وتدهور الوضع الإنساني، تبقى الحاجة ملحة لتحرك دولي عاجل يوقف آلة التدمير، ويُحمّل الاحتلال المسؤولية القانونية والأخلاقية عمّا يحدث.