-
℃ 11 تركيا
-
10 أغسطس 2025
رغد الكناني تكتب: واقعة الطف… ملحمة الدم والخلود
رغد الكناني تكتب: واقعة الطف… ملحمة الدم والخلود
-
10 أغسطس 2025, 1:23:17 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
واقعة الطف ليست مجرد معركة في سجل التاريخ الإسلامي، بل هي ملحمة إنسانية خالدة، ومشهد من أروع مشاهد التضحية والفداء في سبيل المبادئ والقيم. في العاشر من محرم سنة 61 هـ، على أرض كربلاء، ارتفع صوت الحق متحديًا الظلم والطغيان، واصطدمت إرادة الإصلاح بجيوش الاستبداد التي حاولت قمع الحقيقة وإخماد الشعلة.
في هذه المعركة الفريدة، سطّر الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه أروع صور الصبر والثبات، إذ كانوا قلة من البشر، لكنهم كانوا عمالقة في الإيمان والوفاء والعزيمة. عندما استُشهد الحسين، أُطفئت شمعة الجسد، لكن شعلة الرسالة بقيت متقدة تتوارثها الأجيال عبر العصور، تحمل معها دروسًا لا تنضب في الشجاعة، والعدل، والتمسك بالمبادئ.
لقد كانت رسالة الحسين في واقعة الطف إصلاحًا شاملاً للأمة، بعيدًا عن صراعات السلطة أو الطمع فيها، بل كانت دعوة صادقة لإعادة الأمة إلى طريق الحق والعدل، والتمسك بالقيم الإنسانية الرفيعة. وأثبتت واقعة عاشوراء أن التضحية في سبيل المبادئ أسمى وأجلّ من الانتصار بالسيف وحده، فحين يُسفك الدم دفاعًا عن الحق، ينتصر على الظلم مهما علت قوته.
لا تُروى واقعة الطف في كتب التاريخ فحسب، بل هي مدرسة حية ومتجددة تربي الأجيال على قيم التضحية والوفاء والثبات في وجه الظلم. لقد أظهر الإمام الحسين وأصحابه أن الموقف الحق، حتى وإن كان محفوفًا بالمخاطر والدماء، يبقى الطريق الوحيد الذي يسلكه الأحرار، ويخلّده التاريخ بأبهى الصور.
ومن يخدم في سبيل الحسين، كأنه يمد يده في كربلاء ليحمل سيف الوفاء، ويواسي زينب (عليها السلام) في خيمتها، إذ يفدي الخادم الحسيني وقته وجهده وراحته، وبعضهم يفدي قوت يومه، مؤمنًا بأن كل ما يُبذل في خدمة الحسين هو جزء يسير من بحر عطائه الذي قدم روحه وأهل بيته في سبيل الله.
فالخدمة الحسينية ليست مجرد عمل، بل هي امتداد لدماء الشهداء، وفداء بالعمل والوفاء، بعد أن كان الفداء بالدم. إنها رسالة تتجدّد في كل زمان ومكان، تدعو إلى البناء، والتضحية، ونشر قيم الحق والعدل، لتظل شعلة الطف مضيئة في قلوب المؤمنين، منارة للأمل والكرامة








