-
℃ 11 تركيا
-
29 سبتمبر 2025
د.علاء الدين سعفان يكتب: ( لا تعترضوا طوفان الهجرة )
سلسلة مقالات تحليلية
د.علاء الدين سعفان يكتب: ( لا تعترضوا طوفان الهجرة )
-
29 سبتمبر 2025, 12:29:28 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
1: الهجرة: قضية إنسانية، تنموية وأخلاقية
(الإطار والمنهجية)
تتجه أنظار العالم اليوم إلى الحدود، حدود مغلقة بأسلاك شائكة، وأخرى مفتوحة على مضض، وبينها بحار ابتلعت أحلام الآلاف. إنها قضية الهجرة؛ ذلك "الطوفان" البشري الذي لا يمكن اعتراضه أو إيقافه، بل يجب استيعابه وتوجيهه. لقد تحولت الهجرة من حركة طبيعية لتعمير الأرض إلى أزمة سياسية وعنوان للعنصرية، رغم أنها كانت ولا تزال المحرك السري لثراء الحضارات القديمة والحديثة.
هذه السلسلة من المقالات التحليلية، تأتي لتفكيك هذه الأزمة الشائكة، مستندة إلى إيمان عميق بأن الهجرة ليست مجرد ملف أمني أو اجتماعي، بل هي فريضة وفطرة وقد تكون اضطراراً، وقاطرة تنموية وامتحان أخلاقي للبشرية جمعاء.
تكمن المشكلة الجوهرية في قضية الهجرة في ازدواجية المعايير والصدام بين التنظير القيمي والواقع العملي: كيف أن شعوباً بأكملها نشأت أصلاً كموجات هجرة متعاقبة ترفض اليوم استقبال مهاجرين جدد وتضطهدهم؟ وكيف تنتشر ظاهرة العنصرية المقيتة في دول ترفع راية الإسلام بينما ينهى دينها عن التمييز؟ سنثبت أن الأصل المهاجر هو السمة الغالبة لتاريخ البشرية، وسنفضح تناقض سياسات الغرب التي تضيّق على الهجرة.
لقد تجسد هذا التناقض بوضوح في دعوات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث عملت على التضييق على المهاجرين، وبخاصة القادمين من الجنوب، ودعت بشكل صريح في منصات دولية مثل الأمم المتحدة إلى إيقاف تدفقات الهجرة العالمية، في محاولة خطيرة لتعميم نهج عنصري ومناهض للإنسانية، وكأن العالم كله يجب أن يتبع سياستها القائمة على الكبرياء والكراهية.
الهدف من هذه السلسلة يتجاوز مجرد التحليل إلى نشر الوعي وبث روح الوئام والتركيز على المدخل الاقتصادي والتنموي والقيمي.
سنحاول إعادة تعريف الهجرة كضرورة للحفاظ على النفس والدين وتعمير الأرض. وسنثبت بالأدلة أن المهاجرين ليسوا عبئاً، بل هم قوة اقتصادية جبارة، فهم يساهمون بشكل مباشر في تخفيض متوسطات أعمار شعوب الدول المستضيفة ورفع نسبة الخصوبة والإنجاب، مما يعزز قدرة الموارد البشرية على إدارة عجلة الإنتاج ويوفر الشباب لفرق العمل، وهذا استثمار في العقل البشري والتركيبة السكانية.
ولضمان مصداقية الطرح وعمقه، ستعتمد السلسلة على منهجية بحثية مزدوجة:
🔻 تحليل سياسات الهجرة العالمية، ومناقشة التشريعات الدولية،
🔻 وفي المقابل سنغوص بعمق في دراسة الحالات الموثقة لجميع المهاجرين، وليس العرب فقط.
وسنخصص مقالات كاملة لتتبع أثر هجرة:
* الأوروبيين إلى مصر والشام وإفريقيا إبان الصراعات والحروب العالمية.
* الأفغان والإيرانيين إلى باكستان وتركيا وأوروبا وأمريكا.
* السوفيت وأوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا.
* الفلسطينيين والمصريين واللبنانيين والعراقيين والسوريين واليمنيين والليبيين والسودانيين.
* هجرة المكسيكيين وبعض المهاجرين من أمريكا اللاتينية للولايات المتحدة وكندا.
موثقين قصص نجاحهم وإسهامات بعض علمائهم ولاعبيهم في نيل الجوائز والبطولات مثل جائزة نوبل وفي تأسيس الشركات العالمية الكبرى وفي الاختراعات والابتكارات العالمية والبطولات الرياضية الدولية.
إن الهجرة ليست مشكلة يجب حلها، بل هي ديناميكية كونية يجب فهمها واستثمارها.
إننا ندعو القارئ للغوص معنا في هذا الملف الشامل الذي لا يخص المهاجرين وحدهم، بل يخص مستقبل البشرية ونموها.
فلتنطلق رحلتنا التحليلية، لنثبت أن الحل ليس في اعتراض طوفان الهجرة، بل في فتح الموانئ والقلوب لاستقبال موجات التنمية والبركة والأخلاق والتعاون والسلم والأمن الدوليين.
انتظروا مقالنا التالي:
2: "الهجرة في ميزان الشرع:
الفريضة الغائبة وبناء الحضارة الإنسانية"
حيث سنحاول التأصيل الشرعي لفريضة الهجرة في الإسلام، وتاريخياً، وبيان أنها طالما كانت للحفاظ على الدين والنفس والعرض والمال والهوية والقيم وطلب العلم والتمكين الاقتصادي، وبيان دورها في الامتزاج الحضاري والثقافي بين الأمم، والتعارف والدعوة إلى الله والتنمية والعلم ونشر قيم السلام والوئام والمحبة والتعاون المشترك.







