هل تتحدث أثناء نومك؟! إليك أهم الأسباب وراء ذلك

profile
  • clock 23 سبتمبر 2025, 11:35:19 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

سلمى (اسم مستعار) روت لـ"بي بي سي" تجربتها الغريبة مع الحديث خلال النوم، مؤكدة أنها في إحدى المرات أجابت على اتصال صديقتها لمدة نصف ساعة وساعدتها في إعداد مقال كامل، لتكتشف لاحقاً أنها فعلت ذلك وهي نائمة. وتقول إنها منذ سنوات تسمع من والدتها أنها تتحدث أثناء النوم، أحياناً بكلمات غير مفهومة، وأحياناً وهي تحلم لتستيقظ مفزوعة غير مدركة أنها كانت تتكلم. وتضيف أنها في بعض الليالي تستجيب بوعي نسبي لأسئلة من حولها أثناء النوم، لكنها لا تتذكر لاحقاً تفاصيل ما قالت، وقد تنسى تماماً ما إذا كان الحوار قد حدث بالفعل أو كان مجرد حلم عابر.

هذه التجربة تعكس ما يعيشه كثيرون ممن يعانون من هذه الحالة، حيث يمكن أن نسمع أحد أفراد العائلة يتمتم أو يتحدث بصوت مسموع رغم نومه العميق، ثم ينهض صباحاً دون أن يتذكر شيئاً مما قاله. وهنا يبرز التساؤل الدائم: لماذا يتحدث البعض أثناء النوم؟ وهل يرتبط ذلك بمرض أو مشكلة صحية خطيرة، أم أنه مجرد حالة طبيعية لا تستدعي القلق؟

الأسباب المحتملة

بحسب ما أوضحه الدكتور طارق غرايبة، اختصاصي الصدرية وطب النوم، فإن الظاهرة لا ترتبط عادةً بمرض محدد، بل يمكن أن تتأثر بعدة عوامل. أبرزها اضطراب الساعة البيولوجية الناتج عن السفر بين مناطق زمنية مختلفة، أو قلة النوم لفترات طويلة ثم تعويضها بنوم ممتد، وهو ما يزيد من فرص حدوث الكلام أثناء النوم. كما يشير إلى دور بعض المشكلات الصحية مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، وكذلك التوتر والقلق النفسي اللذان يرفعان احتمالية هذه الحالة بشكل واضح.

ويضيف غرايبة أن الدراسات أثبتت أيضاً وجود عامل وراثي محتمل، حيث لوحظ أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي في هذه الحالة يكونون أكثر عرضة للإصابة بها. ومن اللافت أن بعض الأبحاث الحديثة أظهرت أن الإنسان قد يرد على أسئلة أو يخوض محادثة قصيرة وهو في مرحلة نوم حركة العين السريعة، أي في عمق النوم الذي يُفترض أن يكون فيه الجسد شبه مشلول.

بين الحلم والواقع

الطبيب غرايبة أوضح أن الكلام أثناء النوم يكون غالباً مفهوماً لكنه بلا معنى محدد، فهو عبارة عن كلمات عشوائية أو أصوات تشبه النداء، ولا يحتفظ النائم بأي ذكرى عنها. لكن في حالات نادرة، وخاصة عند كبار السن فوق الخمسين عاماً، يمكن أن يكون الحديث أثناء النوم مؤشراً على اضطراب سلوكي مرتبط بمرحلة الأحلام (اضطراب نوم حركة العين السريعة السلوكي). في هذه الحالة قد يصاحب الكلام حركات عنيفة كالصراخ أو الضرب أثناء النوم، ويحتاج الأمر عندها إلى تشخيص دقيق عبر دراسة نوم متخصصة.

وقد أظهرت الدراسات أن النوم ليس حالة من السكون التام كما كان يُعتقد في خمسينيات القرن الماضي، بل عملية نشطة ومعقدة تساهم في تثبيت الذكريات وتنظيم الأيض وتنظيف الدماغ من السموم. ومن الطبيعي أن تتداخل الأحلام مع هذه العملية لتظهر على شكل أصوات أو كلمات عفوية أثناء النوم.

أرقام ودراسات

وفقاً للأكاديمية الأمريكية لطب النوم، يعد الكلام أثناء النوم شائعاً جداً، إذ تصل نسبته إلى نحو 60 – 65% من الأشخاص في مرحلة ما من حياتهم. النسبة تكون أعلى بين الأطفال (نحو 50%) بينما تنخفض لدى البالغين إلى 5% فقط. دراسة أخرى عام 2021 أظهرت أن بعض الأشخاص قادرون على التفاعل والرد على أسئلة أثناء نومهم في مرحلة حركة العين السريعة.

قصة رشاد (13 عاماً) تمثل نموذجاً لذلك، إذ اكتشف من شقيقه الذي ينام بجواره أنه يتحدث أثناء النوم، وغالباً بكلمات غير مفهومة. ويقول إن الظاهرة تزداد عنده خلال الامتحانات بفعل التوتر، لافتاً إلى أن والده وعمه يعانيان من الأمر نفسه، وهو ما يعزز احتمال أن يكون العامل الجيني وراء حالته.

الجانب النفسي

الدكتور سهم الروابدة، اختصاصي الطب النفسي، يرى أن للنوم عالمه الخاص، إذ يمر بمرحلتين أساسيتين: حركة العين وعدم حركتها. وخلال هذه المراحل تتشكل الأحلام التي يصفها بأنها أشبه بفيلم سينمائي قصير، يتضمن مشاهد وأحداثاً مختلفة، قد تدفع النائم إلى التحدث أو حتى الصراخ تبعاً لطبيعة الحلم. ويؤكد أن كل إنسان يحلم كل 90 دقيقة تقريباً، وإن لم يتذكر تلك الأحلام.

ويضيف أن العوامل النفسية والجسدية تؤثر بوضوح على طبيعة الأحلام، ومنها الجوع أو التخمة، الصداع أو الحمى، إضافة إلى التوتر والقلق والاكتئاب. حتى الظروف المحيطة بالنوم مثل حرارة الغرفة أو عدم راحة السرير يمكن أن تترك بصمتها على محتوى الأحلام وبالتالي على ظاهرة الكلام أثناء النوم.

كيف تتعامل مع الحالة؟

يرى الأطباء أن الكلام أثناء النوم غالباً ما يكون حالة عابرة لا تستدعي العلاج. لكن لتخفيفها ينصح بالحصول على قسط كافٍ من النوم يتراوح بين 6 إلى 8 ساعات يومياً، وتجنب المنبهات التي تحتوي على الكافيين، والتقليل من التوتر والضغط النفسي. أما إذا كان الكلام متكرراً بشكل مفرط أو مصحوباً بانفعالات حادة كالصراخ والحركات العنيفة، فيجب استشارة الطبيب المختص لإجراء الفحوصات اللازمة وربما جلسات العلاج النفسي.

حالة طبيعية

في المحصلة، يؤكد الخبراء أن الحديث خلال النوم ظاهرة طبيعية يمر بها معظم الناس في مرحلة من حياتهم، وغالباً ما تختفي عند تحسين نمط الحياة والالتزام بعادات نوم صحية. ورغم أنها قد تثير القلق أو الإحراج أحياناً، إلا أن العلم يضعها في إطار الحالة الطبيعية ما لم ترتبط باضطرابات أخرى تستوجب التدخل الطبي.

كلمات دليلية
التعليقات (0)