-
℃ 11 تركيا
-
15 يونيو 2025
د.أسعد جودة يكتب: بلا مساحيق .. الثورة الفلسطينية المعاصرة
د.أسعد جودة يكتب: بلا مساحيق .. الثورة الفلسطينية المعاصرة
-
13 مايو 2025, 7:26:45 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
صورة أرشيفية
بدون تهويل أو تهوين ولا مقدمات ، الثورة التي انطلقت فى منتصف الستينيات ١٩٦٤منظمة التحرير الفلسطينية ، -١٩٦٥ حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح. تعد أغرب حركة تحرر فى العالم ،لأنها سعت للانتقال مبكرا جدا من "حالة الثورة الى الدولة دون المرور بمرحلة التحرير" .
هذه الاستراتيجية كانت تكيف وتتكيف مع الظروف ومارست عملية - الترويض- منذ البداية ،هذه المفردة استخدمها قيادى فلسطيني بارز وعضو اللحنة المركزية لحركة لفتح هانى الحسن فى ١١ ديسمبر ١٩٨٩ فى محاضرة له فى جمعية مركزية تابعة لحزب المحافظين البريطانين ،"الذى أكد ان القيادة الفلسطينية التيار الرئيسي في المنظمة كان يسعي لتهيئة الأرضية لحل سياسي والتفاوض مع اسرائيل منذ السبعينيات رغم ان الخطاب العلني يركز على الكفاح المسلح وكان فى أوجه فى تلك الفترة كان يستخدم كوسيلة لاقناع الشعب الفلسطيني أنه غير مجدى مما يمهد الأرضية لقبول فكرة التسوية السياسية هذا الفكر عكس تحولا استراتيجيا فى الفكر السياسي الفلسطيني حيث عكس لاحقا تبني خيار الدولة الفلسطينية كحل سياسي وهذا ما تجلى باتفاق اوسلو عام ١٩٩٣" -هذه المحاضرة نشرت فى مجلة اليوم السابع فى عددها الصادر ٥يناير ١٩٩٠م وهى من الوثائق المهمة التى تسلط الضوء على التحولات فى الاستراتيجية الفلسطينية فى تلك المرحلة -
حركة فتح ومنظمة التحرير تبنت استراتيجية القتال من ساحات خارجية بعد الهزيمة المدوية وسقوط النظام القومي العربي عام ١٩٦٧ واستبعدت التركيز على الداخل المحتل مركز الاشتباك الرئيس وهذا يحتاج بحث منفصل .
بداية العمل على الساحة الأردنية كان بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ ،عندما قررت قيادة حركة فتح التفرغ من أعمالها فى الخليج ودول أخرى وبدأوا بأنشاء مواقع للتدريب فى المناطق الحدودية ،وبعد فترة أدرك العدو خطورة العمل فقرر مهاجمتهم فى مارس عام ١٩٦٨ وقاتلت فتح والمنظمة ومعهم ألوية انضمت معهم من الجيش الأردني تحت قيادة اللواء الجازى عنيفا واندحر العدو مهزوما وسميت معركة الكرامة كرد على هزيمة ١٩٦٧ ساهم فى رفع شهرة وأسهم حركة فتح ودفعها للدخول فى المنظمة التى لم تكن عضوا ممثلا فيها عبر الشعار "الكفاح المسلح الخيار الوحيد لتحرير فلسطين " وفى اجتماع للمجلس الوطني تم تعديل الميثاق القومي الى الميثاق الوطني وحذفت كل المواد التي تعطي للعرب الرسميين أى مجال للتدخل وحل محلها إضافة بنود تجعل تقرير المصير والقرار الوطني المستقل ؟! وكل ما يتعلق بمستقبل وحاضر القضية فقط محصور بيد المنظمة ،وتم انتخاب الراحل ياسر عرفات رئيسا للجنة التنفيذية للمنظمة.
فى أقل من عامين حصلت الأحداث الدامية بين المنظمة والنظام الأردني وخروج المنظمة والانتقال للقتال من لبنان بناءا على اتفاقية القاهرة للعام ١٩٦٩ بين وزير الدفاع اللبناني والسيد ياسر عرفات وامين عام الجامعة العربية ،تسمح للمقاومة الفلسطينية استخدام الجنوب اللبناني لقتال الكيان ، ماحصل فى لبنان من حرب أهلية واحتلال العدو لجنوب الليطاني واخلاء المقاومة من تلك المناطق وانتهاءا باحتلال العدو لبنان عام ١٩٨٢ وخروج المنظمة وتشتتها فى عواصم عربية ،مرورا بالبرنامج المرحلي العشر نقاط عام ١٩٧٤ الذى توج من القمة العربية فى قمة فأس نفس العام باعتماد "منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد"؟! لأنهم حصلوا على من يزيح عنهم فلسطين وتداعايتها ، وفى نفس العام طار أبو عمار الي جنيف وحصل على بعثة مراقب فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصولا لمحطة الاعلان عن قيام دولة فلسطين عام ١٩٨٨ فى الجزائر فى ظلال أجواء الانتفاضة العملاقة العام ١٩٨٧ التى للأسف استثمرت بثمن زهيد للوصول الى اتفاق أوسلو عام ١٩٩٣.
د.نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الوفد الفلسطيني المفاوض فى محادثات طابا ،عشية التوقيع على اتفاقية أوسلو قوله "تأكدت اليوم أن ثمانين بالمائة من فلسطين قد ضاعت ، وأنني لا أستطيع أن أعد أولادي بأن تكون لهم دولة على الجزء المتبقي منها".
إتفاق فى جوهره حكم ذاتي ترجمته عمليا نقل صلاحيات الادارة المدنية فى المناطق المدارة غير كاملة من الكيان الصهي -و-ني للسلطة الفلسطينية ،ادارة للسكان بدون سيادة على الأرض، العدو الماكر لا مانع لديه من تسميته امبراطورية فلسطينية أو دولة أو ما شئت .
رسائل الاعتراف المتبادلة بين رابين -عرفات، اعتراف رسمي وصريح من قبل منظمة التحرير الفلسطينية بدولة الكيان الصهي'وني على ٧٨%من أرض فلسطين التاريخية ،مقابل اعتراف الكيان بالمنظمة كممثل للفلسطينيين فى المناطق المحتلة فقط في ضوء التزامها باتفاق أوسلو شكلا ومضمونا واعتقال من يقاوم الاتفاق حتى لو كان من أفراد المنظمة ،هذا هو الكنز الاستراتيجي التي سعى له الاحتلال ومعه كل منظومة دول العالم لأنه فتح ومهد الطريق أمام كل الدول التي لم تعترف بالكيان أن تعترف لتصبح دولة الكيان طبيعية وجزء من نسيج المنطقة العربية والاسلامية .
الآن عمره أكثر من ثلاثين عام ، ماذا أنجز منه على الأرض واقعيا ؟
تضاعف بناء وتسمين المستوطنات ألاف المرات من بعد احتلال العام١٩٦٧م فى الضفة الغربية والقدس
المسماه عند العدو (يهودا والسامرة) حتى وصل عدد المستوطنين قرابة المليون مستوطن دولة المستوطنات ، وعدد المستوطنات ما يقارب أربعمئة مستوطنة ما بين ما هو قائم وبؤر استطانية ، واستقر الأمر على ،
"الأمن مقابل المقاصة " وحتى هذه النهاية المآسوية العدو يماطل فيها وباعتراف السلطة أن ما قيمته مليارين دولار محجوزة تحت حجج وذرائع مختلفة .
الشعب الفلسطيني فى كل مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني يبذل ويقدم خيرة قادته وقوافل من الشهداء العظام وألاف من الجرحي والأسرى والمفقودين دفاعا عن قضيته ومستقبله ، هم تاج الرأس ومقل العيون وهم السراج المضئ فى حياة شعب ابتلي بأعقد وأخس خلق الله، يستلهم كل جيل أرثه من صلابتهم وعطائهم وتضحياتهم ، على مدار الثلاثين عام الحديث عن دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش جنبا الى جنب مع الكيان ، ليس أكثر من ابر بنج متلاحقة يتشدق بها الأمريكان والأوروبيين لافشال أى مصالحات أو توافقات فلسطينية -فلسطينية لتعزير الشرخ والانقسام ، وحتى العرب والمسلميين الرسميين تجاوزوا المبادرة العربية التى تنص تطبيع شامل مقابل دولة فلسطينية ،من قمة بيروت عام ٢٠٠٢ م ليومنا هذا كم دولة عربية طبعت فى العلن أو السر.
الأزمة الحقيقية هى الاصرار من قبل العالم الظالم القائم علي الخداع والتضليل والمكر أن الشرعية الفلسطينية التى يتحدثون معها عمليا السلطة التي أفرزتها المنظمة وهي مكبلة باتفاق كما ذكرت لا تستطيع تجاوز ه .
طوفان الأقصى كونه أتي من حركات وفصائل من خارج بنية المنظمة مع أنها من- بنية الاطار القيادى المؤقت الذى ولد ميتا- ، وانضمت اليه العديد من الفصائل المكونة للمظمة رسميا كالشعبية والديمقراطية والقيادة العامة والمبادرة الوطنية وأجسام أخرى وطنية كتائب الأقصي والألوية والمجاهدين والأحرار وأخرين .
قامت الدنيا ولم تقعد الغرب بمجموعه كان تاره يسموا حكومة حم-اس أمر واقع كونهم جاءوا عبر انتخابات وتارة إرهابيين واليوم اعتمد ارهابيين وقتلة .
قبل الطوفان العدو ظن أنه وصل للحظة التى يعلن عن تصفية القضية واستصدار شهادة الوفاة لتشييع القضية الى مثواها الأخير ،الترانسفير للضفة والتهجير لغزة والظروف على كل الأصعدة مهيأءة حتى أن العدو اجتهد فى المراحل الأخيرة ايقاع فتنة تمهيدا لاقتتال بين التنظيمين المسلحين بشكل قوى ومنظم حم-اس والج-هاد ، الزلزال قلب الواقع والمنطقة والعالم رأسا على عقب .
الأسئلة المطروحة فى ظل واقع متفجر ومسلسل ابادات لم يشهدها التاريخ المعاصر من بشاعة وقسوة على مدار تسعة عشر شهر من قتل وتشريد وتجويع وانعدام الحياة الأدمية على كل الصعد فى غزة ،والتى يتم القفز عنها بتعزيز التراشق والشيطنة وتحميل مسؤلية كل ما حصل للمقاومة الغير مسوؤلة والمرتبطة بامتدادات اقليمية ومستخفة بالشعب ودمه ومقدراته ؟! .
هل المطلوب من ممثلي الشرعية منظمة وسلطة المقاومة تسليم الرهائن والسلاح والخروج من المشهد والواقع؟
هل توافق المنظمة والسلطة على أن تأتي لحكم غزة بعد هذا الدمار على ظهر دبابة اسرائيلية ؟
لماذا تصم المنظمة والسلطة أذانها عن حجم الكوارث ،وأيضا حينما يصرح قادة الكيان أنهم لم يسمحوا لا لفت-ح ولا حم-اس بحكم غزة .؟
السلطة والمنظمة لم تسمع تصريح نتنياهو أمام الجيش بالأمس أن ما يحصل فى غزة ليس رد فعل عل ٧ اكتوبر بل خطة متكاملة لتهجير غزة؟
أين السلطة من البزار والسيناريوهات التى يطرحها العدو والأمريكان وأخرها حاكم أمريكي ؟
هل الموقف الذى اتخذته المنظمة والسلطة عبر سفاراتها ووزاراتها وإمكانياتها وصمت القبور يصب فى مصلحة الشعب أم لمصلحة فئوية ،الواقع يشهد أن أى من هذه الأدوات لم تفعل ولم تستخدم ،بل جيش ذباب الكتروني يقذف برجال المقاومة وصنعيهم تحت ذريعة التجويع والقتل ويحمل المقاومة ورأسها حم-اس السبب فى كل ما حصل ويحصل ؟
هل تسويق مصطلح المؤسسات الشرعية الى متى سيظل مستخدم كسيف فى اليد و الكل يعلم أن جميعها معطلة وغير مفعلة الا عند الطلب ،المجلس الوطني الفلسطيني ، والصندوق القومي و اللجنة التنفيذية والمجلس التشريعي المنتخب ،فقط الجسم المفعل هو المجلس المركزى وعاد هو الجامع لكل المؤسسات وغالبية أعضاءه من أجسام اخرى ومنهم اكراميات وتعينات من رئيس السلطة الذى يتحكم بالثلاث سلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ؟
استحضار مصطلحات وإطلاق شعارات غير صحيحة بالمطلق بأن قوى المقاومة اليوم هى أذرع للاخوان المسلمين أو أداوات عند ايران وغيرها ،بصراحة هذا الطرح فيه اهانة للقضية وللشعب ،الذين فجروا الثورة المعاصره من حركة فتح بغالبيتهم كانوا من شباب الاخوان المسلمين أمثال الشهداء فتحى البلعاوى وأبو يوسف النجار وكمال عدوان وسعيد المزين وخليل الوزير وصلاح خلف تجاوزوا الاخوان ووقفوا كالسد المنيع ضد مشروع التوطين فى شمال سيناء مطلع الخمسينيات وأفشلوة ومعهم الرفاق فى الحزب الشيوعي بقيادة معين بسيسو ، وتم فصلهم من قبل مرشد الأخوان الهضيبي بأمر من الحكومة المصرية،و لاحقا شكلوا حركة فتح.
الحالة الفلسطينية شديدة التعقيد والتداخل والتشابك والتحالفات فمعظم التنظيمات الفلسطينية والمشكلة لمنظمة التحرير يساريين فهم قادة وطنيين ولهم تاريخ مشرف في مسيرة النضال كالدكتور جورج حبش ووديع حداد ونايف حواتمه ،وشباب حركة الجه -هاد منهم من غادروا فتح واليسار والاخوان ومستقلين وشكلوا اطارا جديد ،وحتى حم-اس تجاوزت الاخوان وركزت على الجوهر وأم القضايا فلسطين بدل التشعب واعتارها قضية كباقى القضايا، وهذه التنظيمات ولدت ونمت وترعرت فى الداخل وأعادت للقضية وهجها بعدما كانت أن تنطفأ ، ومثال استدعاء وفد فلسطيني من الداخل برئاسة د.حيدر عبد الشافي ملحق تحت المظلة الأردنية لحضور مؤتمر مدريد للسلام عام ١٩٩١؟!
ومن أهم انجازتها تفجير الانتفاضة العملاقة فى العام ١٩٨٧ التى شلت الكيان ، وقصة ايران فى صراعها مع الاستكبار العالمي وأمريكا والكيان أن تركز على مركز الصراع الكوني فلسطين هذه ايجابية عندهم ووعي استثنائي، وتعاملهم ومد يد العون لحركات التحرر والمستضعفين ساهم فى تمددهم ونموهم وتقدمهم، وأيضا ساعد حركات المقاومة الفلسطينية ان تجد فيه حليفا صلبا وعنيدا ، و النتيجة بتجرد عاد تأثير هذا البلد رقم مهم على الساحة الدولية والاقليمية .
الحالة الرسمية الفلسطينية اليوم مصابة بالوهن والضعف والشلل وتحتاج الى تجديد ونفض وضخ دماء جديدة، ،أما الاصرار على هذا الوضع البائس فهو جريمة بحق الشهداء والأسرى والشعب والقضية ،بل سيساهم فى مراحل قادمة لا سمح الله بتمزق ويكون الشعب متقاتل وموسساته مفككة ،القضية الفلسطينية مر عليها قرن والله يعلم كم ستحتاج من الوقت.
خلاف ذلك مزيد من الضياع وستعاد معزوفة التهجير الطوعي والقسرى ولحين الوصول لهكذا نتائج سيبذلون الجهد لخلق روابط قرى من رجال مستنبتين ومعروف ولائهم للاحتلال .
ختاما :
المعركة طويلة ومستمرة ومدرك سلفا أن التضحيات ستكون عالية،والتكاليف باهظة والثمن يستحق دفعه من أجل الكرامة والحرية واسترجاع الوطن المغتصب من براثن الغازى الصهي-وني ،وهذا يستدعي التفكير الجدي لتأسيس شراكة وطنية حقيقية وتجديد كل الأجسام المحنطة والتوافق على استراتيجية كفاحية ملزمة للجميع .
التحرير والعودة والدولة لن يتأتي عبر اتفاقات مذلة بل عبر السواعد المؤمنة بعدالة قضيتها ،وتبني المقاومة بكل أشكالها خيارا استراتجيا لا تكتيكا ولا عبر الوعود والأوهام والمنح ، لأن الاستقلال وبناء الدول ينتزع انتزاعا .
لكل بداية نهاية وهذه الحرب المجنونة الغير مسبوقة أوشكت على الانتهاء باذن الله ،كانت قاسية وقاتلة عاني شعبنا كل صنوف العذاب والحرمان والفقد فى المال والولد ولكنه بالمقابل قدم عطاءا وأداءا على صعيد المقاومة والصمود الأسطورى تعجز عنه دول كبرى ذلك من فضل الله ومنته ، والنتائج المبشرة ستظهر قريبا.
القضية اليوم عادت أم القضايا على المستوى الكوني، وصححت المسار التاريخي للنصال الفلسطيني من الوهم والوعود الى الجهاد والمقاومة ، والكيان فى أحط مراحله وانكفاءه ولو أنفقت مليارات الدولار لمسح سرديته أنه ضحية الهولوكوست ومذابح النازية وسوقة لمحكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب، بوادر مسخه ودخلوه ان شاء الله مرحلة قطع حبل الناس بعد انقطاع حبل الله والشواهد للمتابع كثيرة .
"مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" ۖ ...سورة الفتح
الاية ٢٩.








