حادثة "حدشوت بزمان": نموذج فاضح لتزييف الحقائق

حرب الرواية في مواجهة الحقيقة: كيف يدير الاحتلال الإسرائيلي آلة التضليل الإعلامي في ظل تصاعد الاستنزاف؟

profile
  • clock 14 يوليو 2025, 1:36:26 م
  • eye 455
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الاحتلال الإسرائيلي

محمد خميس

في الوقت الذي تتصاعد فيه ضربات المقاومة الفلسطينية وكمائنها النوعية ضد قوات الاحتلال في قطاع غزة، تتكشّف ملامح حرب إعلامية موازية تخوضها إسرائيل عبر أدواتها السياسية والعسكرية والإعلامية، تهدف إلى طمس الحقائق، وتزييف الواقع، وخلق وعي مزيف لدى جمهورها المحلي والدولي.

حادثة "حدشوت بزمان": نموذج فاضح لتزييف الحقائق

في واحدة من أكثر الفضائح الإعلامية دلالة، كشف تسجيل صوتي منسوب لأدمن قناة "حدشوت بزمان" العبرية أن الجيش الإسرائيلي أعاد الإعلان عن اغتيال شهيد فلسطيني ارتقى في عام 2023، وكأنها عملية جديدة في 2025.
هذه الواقعة ليست مجرد خطأ فردي، بل تمثل نموذجًا واضحًا لاستراتيجية التضليل التي تعتمدها المؤسسة العسكرية والإعلامية الإسرائيلية.

تزييف متعمّد للرواية: من الميدان إلى الكاميرا

يبدو أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لم يعد مجرد ناقل للأحداث، بل تحول إلى أداة سياسية وإعلامية، تسعى إلى:

إخفاء الخسائر البشرية الكبيرة في صفوف الجنود.

استبدال الحقائق العسكرية بمصطلحات دعائية مثل "اغتيالات نوعية" و"إحباط خلايا".

إعادة تدوير العمليات وتكرار أسماء الشهداء والمواقع المستهدفة، في محاولة لإيهام الجمهور بتحقيق إنجازات متواصلة.

التضليل كأداة لتغطية الفشل الميداني

تعمد سلطات الاحتلال إلى تكرار الأخبار المضللة، خاصة عند وقوع كمائن دامية، فتعلن عن عمليات اغتيال أو تدمير أنفاق في ذات التوقيت، بهدف تشتيت الانتباه عن خسائرها.
لكن المشهد الميداني لا يُخفي نفسه:

جثث جنود تُنتشل تحت نيران المقاومة.

مروحيات إجلاء في عمق المعارك.

نعي لوحدات قتالية بأكملها.
وكل ذلك يحدث بينما تحاول الحكومة الإسرائيلية تغليف إخفاقاتها ببيانات نصر مصطنعة.

تفكك الرواية الرسمية: اهتزاز الثقة داخل المجتمع الإسرائيلي

في ظل هذه الفوضى المعلوماتية، يفقد الجمهور الإسرائيلي الثقة ببيانات جيشه، ويبدأ الشك في صدقية المؤسسة العسكرية، خصوصًا مع تسريب تسجيلات وفيديوهات تُظهر الواقع الميداني بعكس ما يُعلن رسميًا.
وهنا تفشل منظومة الإعلام الصهيوني في الحفاظ على اتساق خطابها، وتخسر في معركة الوعي التي تفرضها المقاومة بذكاء واتزان.

المقاومة تفرض معادلة جديدة: بين الاستنزاف والانكشاف

المعركة في غزة لم تعد فقط على الأرض، بل تدور أيضًا على مستوى الرواية والإدراك الجماعي.
فالمقاومة لا تكتفي بالتكتيكات العسكرية الموجعة، بل تُراكم إنجازات وحقائق تُحرج الاحتلال أمام جمهوره والعالم، وتجعله يُقاتل على جبهتين:

جبهة ميدانية تتكبد فيها خسائر جسيمة.

وجبهة إعلامية ينكشف فيها زيف روايته.

الاحتلال الإسرائيلي لا يواجه فقط أنفاق غزة وممراتها الملغّمة، بل يواجه أيضًا حرب وعي قاسية، باتت المقاومة تُجيد إدارتها بمهارة، بينما يغرق هو في دوامة تضليل لا تنطلي على أحد. ومع تصاعد الفضح الداخلي والتسريبات، يُصبح التحدي الأكبر لإسرائيل ليس فقط كسب المعركة، بل محاولة إقناع جمهورها بأنها ما زالت تخوضها بنجاح.

التعليقات (0)