تكبير الخط تصغير الخط

إعداد وتحليل
*رامي أبو زبيدة – باحث في الشأن العسكري*

في مشهدٍ يعكس التباين الصارخ بين واقع غزة المحاصرة وخطاب الاحتلال المزدوج، خرج الناطق العسكري باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" بتصريح مقتضب لكنه حاسم، ردّ فيه على حملة العويل الإسرائيلي حول أوضاع الأسرى الإسرائيليين في غزة، بعد نشر القسام لمقطع مصور للأسير أفيتار دافيد بدا فيه هزيلًا ومنهكًا بعد 666 يومًا من الأسر.

*رسائل القسام: وضوح في الموقف وشروط إنسانية عادلة*

*أكد أبو عبيدة أن: "كتائب القسام مستعدة للتجاوب مع أيّ طلبٍ للصليب الأحمر بإدخال أطعمة وأدوية لأسرى العدو، شريطة فتح الممرات الإنسانية بشكل طبيعي ودائم لإغاثة شعبنا ووقف الطلعات الجوية الإسرائيلية في أوقات استلام الطرود".*

*هذا الإعلان حمل ثلاث رسائل عسكرية وإنسانية مركزية:*

*1. الرد على الادعاءات الإسرائيلية بأن حماس "تجوع" الأسرى، عبر التأكيد أن الأسرى يأكلون مما يأكله المجاهدون والشعب المحاصر، ولا يُمنحون امتيازًا خاصًا في ظل الجوع العام.*

*2. توظيف الإعلان لتعرية النفاق الغربي، عبر المطالبة بالمساواة الإنسانية بين أسرى العدو وأطفال غزة الذين يموتون جوعًا ومرضًا في ظل الحصار.*

*3. استخدام ملف الأسرى كورقة ضغط إنساني مضاد: فكما تسعى إسرائيل للفت أنظار العالم لأوضاع أسراها، ها هي القسام تربط أيّ تجاوب بتحسين الظروف العامة للمدنيين الفلسطينيين.*

*الهستيريا في إسرائيل: مشهد الأسير يهزّ الداخل ويكشف فشل الحكومة*

الفيديو الذي نشرته القسام لأفيتار دافيد كان له وقع الصدمة داخل إسرائيل، فخرجت الأصوات من كل اتجاه:

شقيقته "يعلا" أطلقت مناشدة عاطفية مدوية للعالم، تطلب التدخل لإنقاذه.

مكتب نتنياهو أصدر بيانًا يحمل حماس مسؤولية "التجويع السادي"، مطالبًا الصليب الأحمر بالتحرك الفوري.

وزير الخارجية جدعون ساعر توجه للأمم المتحدة ومجلس الأمن.

رئيس الموساد السابق إفرايم هاليفي قال إن الحكومة أخطأت بإهمال هذا الملف و"أولوية الأسرى يجب أن تكون رقم 1".

*المنظومة السياسية والعسكرية في الكيان وُضعت فجأة في مواجهة حقيقتين مرّتين:*

*1. عجز أمني واستخباري كامل عن معرفة أماكن الأسرى أو تحريرهم خلال 22 شهرًا من الحرب.*

*2. خسارة المعركة الإعلامية والأخلاقية أمام القسام، بعدما قلبت مشاهد الأسير المعادلة، من "صورة الجلاد" إلى "صورة الضحية".*

*من جانب آخر، تسعى المقاومة:*

*تحويل الضغط إلى فرصة: عبر دمج قضية الأسرى مع شروط فك الحصار.*

*فرض قواعد اشتباك إنساني: لا طعام ولا دواء للأسرى إلا كما يُعامل أبناء غزة.*

*ما يحدث اليوم في ملف الأسرى هو اختزال للحرب كلها:*

*بين من يحاصر شعبًا بأكمله ويمنع عنه الطعام والدواء، ثم يشتكي من قلة طعام أسراه،*

*وبين من يقاوم ويأسر ويعرض التفاوض وفق معايير إنسانية واضحة، ويصر أن يكون الحل شاملاً لكل أبناء غزة لا لفئة دون أخرى.*

*تصريحات أبو عبيدة ليست فقط ردًا على الاتهامات، بل هي رسم لخط سياسي-عسكري جديد:*

*> الأسير لن يُعامل بمعزل عن المحاصَرين. العدالة في المعاملة تمرّ أولًا من بوابة العدالة لغزة.*