ما بين الإطفاء والوقاية: دعوات لخطة استباقية

حرائق غابات طنجة: النيران تلتهم هوارة والأسئلة تتصاعد حول الأسباب والمآلات

profile
  • clock 31 مايو 2025, 1:57:14 م
  • eye 433
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
حرائق

محمد خميس

يوم سادس من اللهب: حرائق هوارة تواصل ابتلاع الغطاء الغابوي

في مشهد صادم لا يزال مستمرًا، تواصل حرائق غابة الهوارة بضواحي مدينة طنجة زحفها للأسبوع الثاني على التوالي، ملتهمةً أكثر من 85 هكتارًا من المساحات الغابوية الكثيفة. وقد خلفت هذه الحرائق خسائر بيئية جسيمة، وولّدت حالة من الهلع والقلق في صفوف السكان المحليين، الذين يعيشون على وقع ألسنة اللهب والدخان الكثيف منذ أيام.

تنسيق محكم لفرق الإطفاء… ولكن!

رغم صعوبة التضاريس وسرعة انتشار النيران، نجحت فرق الإطفاء المغربية، بتنسيق بين مصالح الوقاية المدنية، والدرك الملكي، والقوات المسلحة، في احتواء معظم بؤر الحريق. وقد استخدمت في عمليات الإخماد أربع طائرات من نوع "كانادير"، ظلت مرابطة على أهبة الاستعداد لدعم الفرق الأرضية.

غير أن النجاح الميداني لا يخفي تساؤلات كبرى حول تكرار حرائق الغابات في شمال المملكة، وخاصة في منطقة طنجة التي كانت قد عرفت حرائق مدمرة صيف 2022، الأمر الذي يفتح الباب أمام تحليلات عميقة حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الكوارث المتكررة.

موسم حرائق مبكر: هل بدأ الصيف قبل أوانه؟

اللافت هذا العام أن اندلاع حريق غابة الهوارة جاء مبكرًا مقارنة بالمواسم السابقة، وهو ما دفع مختصين في المناخ إلى التحذير من أن موسم الحرائق قد بدأ فعليًا قبل أوانه، في ظل موجات حر وجفاف غير مسبوقة شهدتها المنطقة.

ويؤكد خبراء أن ارتفاع درجات الحرارة وتراجع التساقطات أصبحا يهددان بوضوح الغطاء النباتي بالمغرب، لا سيما في المناطق الشمالية المعروفة بكثافتها الغابوية، والتي تسجل أعلى نسب الحرائق سنويًا.

العامل البشري: إهمال أم جريمة بيئية؟

ورغم وضوح العوامل المناخية، إلا أن التحقيقات الأمنية كشفت عن وجود شبهة جنائية وراء اندلاع النيران. فقد أعلن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف في طنجة عن توقيف شخص متلبس بالقرب من موقع الحريق، بحوزته عدد من الولاعات.

هذا التطور أعاد إلى الواجهة دور العامل البشري في إشعال الحرائق، سواء نتيجة ممارسات غير مسؤولة، أو إهمال جسيم، أو حتى بدافع تخريبي. وهي مسألة تضع السلطات المحلية أمام تحديات قانونية ومجتمعية معقدة، تستوجب المساءلة والردع إلى جانب التدخلات الميدانية.

ما بين الإطفاء والوقاية: دعوات لخطة استباقية

ورغم الإشادة بجهود فرق الإطفاء، إلا أن المراقبين والخبراء البيئيين يطالبون بوضع رؤية وطنية استباقية لإدارة حرائق الغابات، تشمل:

تأمين ممرات النار وتوسيعها لتقليل سرعة الانتشار.

إطلاق حملات تحسيسية مستمرة لفائدة الساكنة القروية والمخيمات الصيفية.

تعزيز منظومة الإنذار المبكر والمراقبة الجوية والبرية.

تفعيل القوانين الردعية ضد مسببي الحرائق عمدًا أو إهمالًا.

حماية غابات الشمال... ضرورة وطنية عاجلة

ما جرى في غابة الهوارة ليس حادثًا عرضيًا، بل هو جزء من نمط متكرر ومقلق بات يهدد المنظومة البيئية في المغرب. ومع استمرار مؤشرات التغير المناخي، فإن حماية الغابات في طنجة والشمال لم تعد ترفًا بيئيًا، بل أصبحت مسؤولية جماعية تستوجب تعبئة فورية واستراتيجيات طويلة الأمد تقوم على الوقاية، المساءلة، والتخطيط البيئي المستدام.

التعليقات (0)