-
℃ 11 تركيا
-
3 أغسطس 2025
حجاي عميت: الصواريخ الإسرائيلية التي لم تنفجر.. "كنز" لـ "حماس"
حجاي عميت: الصواريخ الإسرائيلية التي لم تنفجر.. "كنز" لـ "حماس"
-
7 مايو 2025, 10:14:43 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تصعب مشاهدة الفيلم الذي بثّته قناة "الجزيرة" في الثامن من كانون الثاني، تظهر في الفيلم دبابة إسرائيلية تسافر ببطء في بيت حانون في شمال قطاع غزة، حيث يتم تشغيل عبوة ناسفة شديدة الانفجار ضدها.
في الطريق التي سارت فيها مرت قبلها جرافة "دي 9" في محاولة لكشف الألغام، لكن العمق الذي تم دفن العبوة فيه أدى إلى فشل اكتشافها.
نتيجة انفجار العبوة ملأ الدخان الشاشة دقائق طويلة. وعندما تلاشى الغبار شاهدنا الدبابة مقلوبة والجنود الإسرائيليين يحيطون بها في محاولة لإنقاذ الجنود الذين كانوا فيها.
أدت قوة الانفجار إلى انفصال برميل الدبابة والبرج من مكانهما. الكاميرا، التي وضعتها "حماس" لمعرفة توقيت تفجير القنبلة استمرت في تصوير العملية طوال الوقت لغرض الدعاية.
وظهر مدماك آخر من المأساة في التحقيق الذي أجري بعد الانفجار. وأظهر التحقيق أن العبوة تم إعدادها من مواد متفجرة مصدرها بقايا قنابل لم تنفجر للجيش الإسرائيلي، أي قذائف سلاح الجو الإسرائيلي التي لم تنفجر.
لم يكن هذا الحادث الأول والأخير لاستخدام "حماس" للقنابل التي لم تنفجر.
عدد القنابل التي لم تنفجر في القطاع نتيجة هجمات سلاح الجو في السنة والنصف الأخيرة، كبير.
حتى نهاية 2024 فإن عدد هجمات الجيش الإسرائيلي الجوية في القطاع هو أكثر من 40 ألف هجوم.
وقدر مركز الألغام التابع للأمم المتحدة أن 5 – 10 في المئة منها لم تنفجر.
وعلمت "ذي ماركر" أنه حتى بداية 2025 عرفوا في سلاح الجو أن حوالى 3 آلاف قذيفة على الأقل لم تنفجر، وبقيت في أعقاب هذه الهجمات.
تكلفة كل قنبلة منها 20 – 30 ألف دولار، والمعنى هو أن استغلال القنابل التي لم تنفجر للجيش الإسرائيلي من قبل "حماس" لغرض إنتاج العبوات ليس موضوعاً بسيطاً.
عملياً، يمكن وصف هذه القنابل، التي لم تنفجر، بأنها مسار نقلت دولة إسرائيل بوساطته بغير إرادتها لـ "حماس" آلاف الأطنان من المواد المتفجرة التي تبلغ قيمتها عشرات ملايين الدولارات خلال السنة والنصف الأخيرة.
مع الأخذ في الحسبان الضائقة في الوسائل القتالية التي تعاني منها "حماس" فإن هذه مواد خام تمكنها من إنتاج العبوات.
يحدث هذا في الفترة التي تحول فيها استخدام هذه العبوة إلى مصدر رئيس في الصراع مع "حماس"، الذي يجبي حياة جنود الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، ويتوقع أن يجبي ثمناً باهظاً أكثر على خلفية الخطة التي تمت المصادقة عليها في الكابينت، توسيع العملية في القطاع.
مشكلة فنية
السبب في آلاف القنابل التي لم تنفجر في عمليات القصف الإسرائيلية في قطاع غزة في السنة والنصف الأخيرة هو اقتصاد التسلح لدولة إسرائيل.
الأغلبية الساحقة من الحالات كان مصدر الفشل في قذائف سلاح الجو، التي لم تنفجر، هو مشكلة فنية.
أدت عشرات آلاف الهجمات في القطاع إلى أن احتياطي الصواعق (الأجهزة التي تشغل المواد المتفجرة) لدى الجيش تضاءل.
من يبحث عن تعبير لذلك فانه سيجده في ارتفاع 2000 في المئة، سجلته أسهم الشركة المنتجة للصواعق الإسرائيلية "أريت".
بسبب الاحتياط الجزئي فإن الجيش بدأ في استخدام صواعق قديمة، جمعها من مصادر مختلفة أو حصل عليها من الأميركيين، بعضها عمره عشرات السنين.
النتيجة هي أن نسبة القذائف التي لم تنفجر قفزت من 2 في المئة من إجمالي القنابل التي تم إلقاؤها إلى 20 في المئة في جزء من القذائف التي استخدمها سلاح الجو في القطاع.
استخدام "حماس" للقنابل التي لم تنفجر لا يعتبر أمراً معقداً، في بعض الحالات يقومون بقطع القنبلة وإخراج المواد المتفجرة منها ونقلها إلى صندوق معدني كبير من أجل استخدامها كعبوة.
وفي حالات أخرى يأخذون القنبلة كما هي ويربطونها بسلك تفجير. و"حماس" مستعدة لتحمل القتلى من "حوادث العمل".
أطلق وانس
النسبة المرتفعة للقذائف التي لم تنفجر تطرح عدة أسئلة: هل الجيش الإسرائيلي نفذ متابعة دقيقة للقنابل التي لم تنفجر؟
إذا كان الأمر حدث فلماذا لم يتم توفير خرائط استخبارية لمستوى القيادة في الميدان عليها النقاط التي يمكن أن تكون فيها قنابل لم تنفجر، كي يتم تشخيص خلايا "حماس" التي تتجول حولها في محاولة لـ "إعادة تدويرها"؟.
أسئلة أخرى مثل لماذا عندما شخّص سلاح الجو أن القنبلة التي ألقيت لم تنفجر لم يتم اتخاذ قرار بقصف الهدف ذاته مرة أخرى بقنبلة دقيقة؟
حتى عندما تبين أن الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي سيئة الجودة، ما يؤدي إلى ارتفاع عدد القنابل التي لا تنفجر، هل جرى اختيار انتقائي للأهداف؟
في حالات كثيرة أنقذت عمليات قصف سلاح الجو حياة الجنود. ولكن مثلما صاغ ذلك ضابط حارب في القتال في عدة جولات في السنة والنصف الأخيرة: "ليس كل قصف للجيش الإسرائيلي يستهدف قتل قائد كتيبة في الشجاعية. أحياناً يقرر قائد كتيبة إسرائيلي أو قائد لواء أن مبنى معيناً في القطاع، لا يعيش فيه أي أحد، هو مرتفع جداً حسب رأيه، وطلب تدميره".
الوضع الذي وصلنا إليه والذي توجد فيه عشرات الأطنان من المواد المتفجرة في القطاع، التي تنتظر "حماس"، هو وضع غير طبيعي.
بصورة تقليدية فإن القذائف التي لا تنفجر هي "مشكلة الطرف الثاني" في الحرب.
السوريون غير قلقين من الألغام التي بقيت في هضبة الجولان لمدة خمسين سنة بعد حرب "يوم الغفران".
الأردنيون لا ينزعجون من أنه حتى الآن، على بعد بضعة مئات الأمتار عن الشارع رقم 1، يقوم الإسرائيليون بالتنزه قرب المناطق التي بقيت فيها ألغام منذ 1967.
بالدرجة ذاتها لا يقلق الجيش الإسرائيلي من أن سكان غزة سيواصلون العيش قرب المناطق التي توجد فيها قنابل لم تنفجر لسنوات بعد انتهاء الحرب الحالية.
لكن في الوضع الحالي الذي يواصل فيه جنود الجيش الإسرائيلي التمرغ في وحل غزة بعد سنة ونصف على بداية الحرب فإن هذه القذائف التي لم تنفجر هي مشكلة للإسرائيليين. لذلك، من المهم الإجابة عن هذه الأسئلة.
بقلم: حجاي عميت عن "هآرتس/ ذي ماركر"








