تبعات إنسانية وقانونية كارثية

طائرات الاحتلال الانتحارية في غزة: من أداة اغتيال إلى سلاح عشوائي ضد المدنيين

profile
  • clock 1 مايو 2025, 2:04:05 م
  • eye 411
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
طائرات الاحتلال الانتحارية في غزة

تشير المعطيات الميدانية المتوفرة إلى تصعيد خطير في استخدام الاحتلال الإسرائيلي للطائرات المُسيّرة الانتحارية داخل قطاع غزة، بشكل يتجاوز الاستخدام التقليدي لهذه الوسائل لأغراض الاغتيالات المحددة، ويتجه نحو استهداف عشوائي ومدني مكثف، بحسب ما أكده الدكتور رامي أبو زبيدة رئيس تحرير موقع “180 تحقيقات” في تصريحات خاصة لـ"وكالة سند للأنباء".

 

تحول في التكتيك: من الاغتيال المحدد إلى القصف العشوائي

 

يؤكد أبو زبيدة أن هناك تحولاً نوعيًا في طريقة استخدام الاحتلال للطائرات المسيرة، حيث لم تعد تقتصر على اغتيالات تستهدف أفرادًا بعينهم، بل أصبحت تُستخدم ضد تجمعات مدنية مثل الخيام والمقاهي ومناطق النزوح.

هذا النمط الجديد، كما يصفه، يعكس تصعيدًا تكتيكيًا خطيرًا في بيئة سكانية مكتظة، ويمثل تطورًا لافتًا في أدوات الحرب الإسرائيلية، التي باتت تعتمد أكثر على التكنولوجيا لتفادي الاشتباك المباشر، وتعويض الفشل في العمليات البرية المعقدة.

 

بيئة معقدة ومسيرات قاتلة: تكنولوجيا القتل في المدن

 

بحسب أبو زبيدة، فإن قطاع غزة يمثل بيئة ميدانية معقدة ذات كثافة سكانية عالية، مما يجعل الطائرات الانتحارية أداة مثالية للاحتلال لتنفيذ عمليات مراقبة وتتبع واستهداف، يصعب تنفيذها عبر القوات التقليدية.

وأوضح من أبرز هذه الطائرات "ماعوز" الانتحارية، والتي تحمل رأسًا حربيًا بوزن 350 غرامًا، وهي مصممة خصيصًا للاشتباك في المناطق الحضرية، بالإضافة إلى أنواع أخرى تُستخدم للاستطلاع وتحديد الأهداف.

 

تقليل المخاطر على الجنود... وزيادة الضغط على السكان

 

ومن الأسباب الرئيسية لاعتماد الاحتلال على هذه الطائرات، كما يرى أبو زبيدة، الرغبة في تقليل تعرض الجنود الإسرائيليين للخطر خلال الاشتباكات المباشرة، خصوصًا في بيئة حضرية معقدة مثل غزة.

لكنه في المقابل، يرى أن الاستخدام الموسّع لهذه المسيرات ضد المدنيين يهدف إلى إثارة الرعب الجماعي والضغط النفسي على السكان، ودفعهم للنزوح القسري أو السخط على المقاومة.

 

غزة كميدان تجريب للأسلحة الإسرائيلية

 

وأشار أبو زبيدة إلى أن الاحتلال يستخدم غزة كميدان عملي لاختبار أسلحته الجديدة، ومن بينها الطائرات المُسيّرة، التي غالبًا ما تُجرَّب في الميدان قبل تسويقها دوليًا.

هذا الاستخدام، بحسبه، لا يخلو من دلالات سياسية وتسويقية، حيث يسعى الاحتلال لإثبات فعالية هذه التقنيات الحديثة عبر نتائجها الميدانية الدامية في غزة.

 

تبعات إنسانية وقانونية كارثية

 

يحذر أبو زبيدة من تبعات وخيمة لاستخدام الطائرات الانتحارية بهذه الطريقة، على رأسها ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، نتيجة استهداف التجمعات والمناطق السكنية.

كما يُنبه إلى التأثيرات النفسية بعيدة المدى على الأطفال، الذين يعيشون في ظل حالة رعب دائم وفقدان للأمان، ما ينعكس سلبًا على نسيج المجتمع ومستقبله.

 

انتهاك للقانون الدولي والإنساني

على الصعيد القانوني، أكد أبو زبيدة أن استخدام هذه الأسلحة ضد أهداف مدنية يثير تساؤلات خطيرة حول مدى التزام الاحتلال بالقانون الدولي الإنساني، وخاصة مبادئ التمييز والتناسب في استخدام القوة.

ويرى أن الاستهداف العشوائي لا يتوافق مع أي من قواعد الاشتباك، خاصة أن القطاع لا يشهد معركة تقليدية بين جيوش، بل حربًا تشنها "إسرائيل" على شعب أعزل.

 

أهداف تكتيكية على حساب الاستقرار طويل الأمد

فيما يتعلق بالجانب العسكري، يشير أبو زبيدة إلى أن هذه المسيرات تُستخدم لتوفير دعم ناري فوري ودقيق للوحدات البرية الإسرائيلية، إضافة إلى توفير صور جوية مباشرة تساعد في تحديد الأهداف.

لكنه يوضح أن الاستخدام غير المقيد لهذه الطائرات ضد المدنيين يخلق حالة من الاحتقان والتوتر، ويقوّض أي مساعٍ مستقبلية لإعادة الاستقرار، بل يدفع نحو تصعيد أكبر ومزيد من الردود من جانب المقاومة الفلسطينية.

 

تكنولوجيا القتل لا تُخفي الجريمة

يُختَتم التحليل بتحذير من أن الاعتماد المتزايد على الطائرات الانتحارية لا يعفي الاحتلال من مسؤوليته القانونية والإنسانية، بل يكشف مدى استهتاره بالقيم الأخلاقية والإنسانية في تعامله مع شعب محاصر.

ويؤكد أبو زبيدة أن الاستخدام المفرط لهذه التكنولوجيا ضد المدنيين العزل لن يحقق الأمن لـ"إسرائيل"، بل يزيد من عزلة الاحتلال ويعمّق المأساة الفلسطينية المستمرة.

التعليقات (0)