تكبير الخط تصغير الخط

في جلسة علنية ضمن أسبوع المرافعات أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، عبّر وفد دولة المكسيك عن قلق بالغ إزاء الانهيار الكارثي في أوضاع المدنيين في قطاع غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشددًا على أن الاحتلال ينتهك القانون الدولي الإنساني بشكل منهجي.

انهيار إنساني شامل واتهامات بجرائم حرب

خلال مداخلته، أكد الوفد القانوني للمكسيك أن الوضع الإنساني في غزة بلغ درجة الانهيار التام، واصفًا ما يجري بأنه كارثة إنسانية شاملة، حيث يتعرض المدنيون، ولا سيما النساء والأطفال، لحلقة موت مستمرة نتيجة استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية.

كما اتهم الوفد "إسرائيل" باستخدام التجويع كسلاح حرب، وهو ما يُعد وفقًا للقانون الدولي جريمة حرب صريحة، محذرًا من أن الاحتلال يسعى لتحويل غزة إلى منطقة قتل مغلقة ومحاصرة.

استهداف فرق الإغاثة وموظفي الدفاع المدني

في تصريح صادم، اتهم الوفد المكسيكي قوات الاحتلال بقتل عدد من موظفي الدفاع المدني في غزة ودفنهم بهدف إخفاء الجريمة، معتبرًا ذلك تجاوزًا فاضحًا لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تنص على حماية العاملين في الحقل الإنساني.

وأكد ممثل المكسيك أن هذه الانتهاكات تتطلب تحقيقًا دوليًا شفافًا ومحاسبة فورية للمسؤولين، خاصة أن الاستهداف تم ضد من يفترض أنهم يقدمون المساعدة في بيئة نزاع، وليسوا طرفًا فيه.

دعوة لاحترام دور "الأونروا" ومنظمات الإغاثة

وشدد وفد المكسيك على أن "إسرائيل" ملزمة قانونيًا باحترام عمل منظمات الأمم المتحدة الإنسانية، وعلى رأسها وكالة الأونروا، وعدم عرقلة أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد أن هذا الالتزام مستند إلى ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف التي تضمن الحق في إيصال المساعدات والتمتع بالحماية أثناء النزاعات.

ودعت المكسيك إلى عدم تسييس عمل منظمات الإغاثة، مطالبة بتمكينها من العمل بحرية دون تدخلات أو قيود تفرضها سلطات الاحتلال.

70% من الضحايا.. نساء وأطفال

في جانب بالغ الأهمية، أشار الوفد إلى أن أكثر من 70% من القتلى في غزة هم من النساء والأطفال، مما يدل على أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تستهدف المدنيين بشكل عشوائي وغير متناسب.

وحذر من أن استمرار هذه الجرائم سيؤدي إلى تداعيات إنسانية ونفسية طويلة الأمد، مطالبًا المجتمع الدولي بتكثيف الجهود لوقف هذا النزيف الإنساني وتقديم الإغاثة الفورية للناجين.

تأكيد على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني

أكد ممثل المكسيك أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية حق في تقرير المصير، وهو حق مكفول في ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة، موضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك هذا الحق بشكل يومي من خلال سياساته الاستيطانية والحصار والعدوان المستمر.

وطالب بضرورة فرض عقوبات دولية على الاحتلال لردعه عن هذه الممارسات، والتأكيد على أن القانون الدولي لا يمكن أن يكون أداة انتقائية.

سياق العدوان والحصار المستمر

تأتي هذه التصريحات في ظل استمرار الحصار الشامل المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 50 يومًا، بالتزامن مع تجدد العدوان الإسرائيلي في 18 مارس/آذار 2025، بعد هدنة هشّة تم خرقها مرارًا.

وبحسب تقارير حقوقية، فإن العدوان الذي بدأ في أكتوبر 2023 تسبب في استشهاد أكثر من 170 ألف فلسطيني وإصابة آلاف آخرين، إلى جانب أكثر من 14 ألف مفقود، في ظل دعم أميركي وأوروبي سياسي وعسكري صريح.

المحكمة الدولية.. آمال في العدالة

تُعقد جلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية من 28 أبريل وحتى 2 مايو 2025، بمشاركة 44 دولة و4 منظمات دولية، في محاولة لمراجعة مدى التزام "إسرائيل" بالقانون الدولي الإنساني، في ضوء الانتهاكات المستمرة بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

وتُعد مرافعة المكسيك من بين أبرز المواقف القانونية الدولية التي تدين الاحتلال صراحة وتطالب بمحاسبته، مما يفتح الباب أمام تصعيد الضغط الدولي باتجاه إنهاء الحصار ووقف الجرائم.