تقدير موقف| إلى أين تتجه الأمور في غزة؟ تهدئة أم إعادة تدوير للعدوان؟

profile
د. رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والأمني، ورئيس تحرير «180 تحقيقات»
  • clock 28 يوليو 2025, 8:21:38 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تتقاطع مجموعة من التصريحات الإسرائيلية والأميركية في لحظة حرجة تكشف عن نوايا استراتيجية لا تشير إلى نهاية قريبة للحرب، بل إلى إعادة تشكيل أدواتها ومظاهرها، بما يحفظ لإسرائيل *"هامش المناورة"* و*"شرعية الاستمرار"*، خاصة أمام الحليف الأميركي، وفي ظل سيف المجاعة المُسلّط على رقاب المدنيين في غزة.

المساعدات.. مناورة إنسانية وليست تحولًا أخلاقيًا

كشفت صحيفة إسرائيل اليوم عن أن السماح بدخول شاحنات المساعدات جاء نتيجة ضغوط مباشرة من البيت الأبيض والرئيس ترامب، وليس بدافع "الرحمة".

صرح مصدر مطلع:

"حملة المجاعة تلحق بنا ضررًا بالغًا في الرأي العام العالمي، بما في ذلك أمريكا... لا يمكننا القتال إذا ظهر أننا نجوع غزة. الأمر ليس تراجعًا بل خطوة تكتيكية، ولدينا المزيد من المفاجآت ضد حماس".

هذا التصريح يُفصح عن إدراك إسرائيلي بأن *"العملة الإنسانية" باتت ضرورة سياسية لشراء الوقت والشرعية*، لا تعبيرًا عن تحول في الموقف أو تغير في طبيعة العدوان.

سموتريش: "عمل استراتيجي" في الطريق

وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريش، وفي رسالة داخلية لحزبه، لمح إلى مشروع غامض قائلاً:

“نحن بصدد عمل استراتيجي جيد، ليس من المجدي الحديث عنه الآن، وخلال فترة قصيرة سنعلم إن كان سينجح وإلى أين وجهتنا”.

الرسالة التي تؤكد "هدنة سياسية داخل الحكومة" تعكس دعمًا كاملاً لاستمرار العمليات، وربما الدخول في مرحلة جديدة أكثر حسمًا، تُمكّن من إعادة ترتيب المشهد في القطاع بعد الإبادة والدمار.

تصريحات تمهّد لمرحلة جديدة:

النائب المتطرف "موشيه سعدة" يقول بوضوح:

"حصلنا على موافقة ترامب، ونتجه نحو حسم حماس، ولا خيار أمام نتنياهو سوى السيطرة على القطاع بأكمله".

أما ترامب نفسه، فيضع نهاية لأي مسار تفاوضي بقوله:

"سيتعين أن يكون هناك قتال وقضاء على حماس... هي لا تريد التوصل إلى اتفاق، بل تريد أن تموت".

هذه المواقف لا تترك مجالًا للتهدئة الشاملة، بل تهيئ الأرضية السياسية والدعائية لـتوسيع العدوان تحت غطاء "الحسم".

سيناريوهات قيد التشكل:

1. تصعيد عسكري تدريجي: من خلال تمدد عمليات جزئية جديدة في دير البلح (المنطقة الوسطى) وقلب (مدينة غزة) تحت مبرر "العمل الاستراتيجي"، أو إعادة توسيع العمليات لتأمين "السيطرة" الميدانية.

2. تكريس واقع جديد: الهدف الأعمق يبدو فرض أمر واقع داخل غزة عبر تصفية حماس سياسيًا وميدانيًا، وإنشاء سلطة بديلة مفرغة من الهوية الوطنية، تمامًا كما فعل الاحتلال في جنوب لبنان أو العراق.

3. تدوير الحرب وليس إنهاؤها: التوقف المؤقت وإدخال المساعدات ما هو إلا خطوة في إعادة تدوير الحرب، وليست بوادر هدنة، خاصة في ظل تشديد الخطاب الأميركي وتراجع حماس الموقف السياسي الغربي.

رغم مشاهد دخول بعض شاحنات الإغاثة، فإن الواقع يؤشر إلى تحضير لهجمة جديدة مغلفة إنسانيًا ومغطاة سياسيًا.

الاحتلال لا يتجه إلى التهدئة، بل إلى تثبيت ركائز "معركة الحسم الطويلة"، مستفيدًا من الهدوء الظاهري و"العملة الإنسانية" لتبرير الاستمرار وشراء صمت العالم.

كل المؤشرات تُجمِع: نحن أمام استئناف العدوان بطريقة مختلفة، وليس إنهاءه.

التعليقات (0)