تقديرات عبرية: الحرب مع مصر أقرب من أي وقت مضى

profile
  • clock 10 سبتمبر 2025, 1:46:21 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في جولة استعراضية بمعبر رفح

متابعة: عمرو المصري

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بينها موقع "ميكوميت"، بأن احتمالات اندلاع مواجهة مفتوحة بين مصر وإسرائيل باتت أقرب من أي وقت مضى، وذلك بعد التصريحات الاستفزازية التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

ففي مقابلة مع قناة على تطبيق تليجرام، تحدث نتنياهو عن إمكانية فتح معبر رفح لتهجير الفلسطينيين من غزة نحو الأراضي المصرية، وهو ما اعتُبر في القاهرة تجاوزًا لخط أحمر لا يمكن السماح به. وأدى ذلك إلى موجة غضب عارمة داخل مصر على المستويات الرسمية والإعلامية والشعبية، حيث يُنظر إلى أي محاولة لفرض التهجير على مصر باعتبارها تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.

ووفقًا للتقارير العبرية، فإن هذه التصريحات لم تمر مرور الكرام داخل إسرائيل نفسها، إذ تحولت إلى أزمة دبلوماسية حادة واحتلت عناوين الصحف خلال الأيام الماضية. ورغم محاولات حكومة الاحتلال التقليل من وقعها، إلا أن الموقف المصري بدا صلبًا بشكل غير مسبوق، الأمر الذي عزز التقديرات بأن التوتر بين الجانبين تجاوز مرحلة المناكفات السياسية ليقترب من حافة الانفجار.

الموقف المصري الحاسم

أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه تصريحات نتنياهو، مؤكدة أن مصر لن تكون شريكة في أي مخطط لتهجير الفلسطينيين، ولن تسمح باستخدام أراضيها كمعبر لتصفية القضية الفلسطينية سياسيًا. وقد لقي هذا الموقف دعمًا إقليميًا واضحًا من دول مثل الأردن والإمارات، التي حذرت بدورها من خطورة فرض وقائع جديدة على الأرض من خلال التهجير القسري.

ونقل التقرير العبري عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن الرفض المصري ليس وليد اللحظة، بل يعكس شعورًا متجذرًا داخل الشارع المصري بعداء إسرائيل والتضامن العميق مع الفلسطينيين. وأضاف أن زيارته الأخيرة إلى سيناء قبل أسبوعين كشفت عن أجواء عدائية غير مسبوقة، حيث بات المصريون يتحدثون بصراحة عن أن الحرب مع إسرائيل ليست احتمالًا بعيدًا، بل خيارًا وشيكًا.

دعم شعبي غير مسبوق

بحسب التقرير، فإن كل من تحدّث معهم المصدر الإسرائيلي أكدوا دعمهم الصريح لموقف الرئيس عبد الفتاح السيسي الرافض للضغوط الأمريكية والإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح. هذا التماسك الشعبي يعكس وحدة غير مسبوقة بين مؤيدي النظام ومعارضيه على حد سواء، إذ بات الجميع يعتبر أن الدفاع عن غزة جزء لا يتجزأ من الدفاع عن الأمن القومي المصري. ويشير محللون إلى أن هذا الدعم الواسع قد يضع النظام في موقف يضطر فيه لاتخاذ خطوات أكثر صرامة تجاه إسرائيل إذا حاولت فرض سيناريو التهجير.

ويضيف التقرير أن معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979 لم تغيّر الموقف الشعبي المصري من الاحتلال، بل إن الحرب على غزة وما رافقها من حصار وتجويع وجرائم حرب زادت من حدة الموقف. ومع ذلك، فإن القيادة السياسية المصرية عادة ما كانت توازن بين مصالحها الاستراتيجية والتزاماتها الإقليمية، لكن المرحلة الحالية تبدو مختلفة، حيث يؤكد النظام أن لا مجال للتهاون في قضية التهجير.

تحركات عسكرية لافتة

أشار التقرير العبري إلى أن مصر لم تكتفِ بالتصريحات السياسية، بل اتخذت خطوات ميدانية مؤثرة. فقد أرسلت عشرات الآلاف من الجنود إلى سيناء، متجاوزة بذلك القيود المفروضة على المنطقة المنزوعة السلاح بموجب اتفاقية كامب ديفيد، وهو ما بررته القاهرة بأنه يأتي في إطار مكافحة الإرهاب والدفاع عن الحدود. غير أن التوقيت والسياق يكشفان أن الأمر يحمل رسالة ردع واضحة لإسرائيل.

كما لفت التقرير إلى أن صور الرئيس السيسي الأخيرة وهو يتفقد جنودًا يتدربون على دبابات شبيهة بـ"الميركافا" الإسرائيلية كانت رسالة مباشرة بأن الجيش المصري يستعد لسيناريو المواجهة. وأكد أن هذه التحركات العسكرية بدأت منذ ديسمبر 2023، وشملت تعزيزات في البنية التحتية والتسليح، وتدريبات متقدمة لمواجهة قوة عسكرية على مستوى جيش الاحتلال.

وحدة داخلية ضد التهجير

ورغم وجود نقاشات داخل النخبة المصرية حول طبيعة العلاقة مع حركة حماس، حيث يرى بعض المسؤولين ضرورة نزع سلاحها بينما يعارض آخرون هذا التوجه، فإن الموقف المشترك بين جميع الأطراف ظل ثابتًا: رفض التهجير والتصدي للجرائم الإسرائيلية في غزة. حتى الشخصيات غير المقربة من النظام، مثل اللواء سمير فرج، تشدد على أن مصر لن تسمح بفرض سيناريو الطرد.

كما شهد الإعلام المصري، بما في ذلك القنوات الموالية للسلطة، تصعيدًا كبيرًا في خطابه تجاه إسرائيل. الإعلامي عمرو أديب صرّح عبر شاشة MBC السعودية بأن التوتر وصل إلى مستويات غير مسبوقة وأن مصر مستعدة للحرب إذا فُرضت عليها، محذرًا من أن إسرائيل ستكون الخاسر الأكبر في أي مواجهة. فيما وصف ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات الحكومية، نتنياهو بأنه ينتمي إلى "اليمين التوراتي" الذي يروّج لفكرة إسرائيل الكبرى، مؤكدًا أن مصر ستظل العائق الأكبر أمام مشروع التوسع الإسرائيلي.

انتقادات داخل إسرائيل

اللافت أن بعض الأصوات في الداخل الإسرائيلي عبّرت عن قلق مماثل. فقد شن الكاتب والمحلل الإسرائيلي المعروف تسيفي برائيل هجومًا حادًا على نتنياهو، متهمًا إياه بجرّ إسرائيل إلى مواجهة عبثية مع مصر من أجل حسابات سياسية ضيقة. 

واعتبر برائيل أن ما يحدث يمثل أحد أخطر الأخطاء الاستراتيجية في تاريخ العلاقات الإسرائيلية العربية، وأن الاستهانة بمكانة مصر ودورها الإقليمي قد يفتح الباب أمام مواجهة لا قدرة لإسرائيل على تحمّلها.

التعليقات (0)