-
℃ 11 تركيا
-
9 سبتمبر 2025
إذلال قطر وتكثيف الضغط على مصر.. رسائل العدوان الإسرائيلي على الدوحة
إذلال قطر وتكثيف الضغط على مصر.. رسائل العدوان الإسرائيلي على الدوحة
-
9 سبتمبر 2025, 4:10:12 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
لم يكن الاستهداف الإسرائيلي لوفد قيادي من حركة حماس في قلب العاصمة القطرية الدوحة مجرد عملية اغتيال جديدة في سجل الاحتلال، بل بدا رسالة سياسية مركبة تحمل أكثر من دلالة. فاختيار الدوحة، بما تمثله من وسيط أساسي في المفاوضات بين حماس وإسرائيل برعاية أمريكية، يعني أن الوسيط نفسه بات هدفًا للإهانة والإذلال.
التحليلات المتواترة تؤكد أن العملية لا يمكن أن تكون قد تمت من دون ضوء أخضر أمريكي، إذ إن المجال الجوي القطري يخضع لتوازنات أمنية دقيقة، ولا يمكن لطائرات إسرائيلية أن تنفذ ضربة بهذا الحجم في العاصمة دون تنسيق مع واشنطن على الأقل.
ما يعنيه ذلك عمليًا أن قطر تلقت ضربة مزدوجة: فمن جهة جرى تهميش دورها كوسيط وضرب مصداقيتها أمام حماس نفسها، ومن جهة أخرى جرى تذكيرها علنًا بحدود استقلاليتها السياسية. فالمعادلة التي تحكم الوسيط الخليجي لم تعد قائمة على التوازن الدبلوماسي، بل على الإذعان الكامل للقرارات الأمريكية والإسرائيلية.
وساطة مهددة
توقيت الاستهداف يأتي بينما كانت قطر تحتضن اجتماعًا لوفد حماس لمناقشة مقترح ترامب الأخير، وهو ما يجعل من العملية جزءًا مباشرًا من مسار التفاوض. إسرائيل أرادت أن تقول إن التفاوض لا يتم وفق منطق الوساطات، بل من خلال القوة والإملاء. وفي الوقت نفسه، فإن العملية توضح أن واشنطن لم تعد معنية بمنح قطر مساحة لعب أوسع، بل إنها توظفها كأداة ضغط ليس أكثر، حتى وإن جاء ذلك على حساب هيبة الدولة المضيفة.
هنا تتعرض الوساطة القطرية لضربة قاصمة، فالثقة بين الطرفين (حماس وقطر) تهتز، كما أن قدرة الدوحة على لعب دور المتوازن أمام واشنطن وتل أبيب تتقلص. والنتيجة أن العملية لم تستهدف قيادات حماس فقط، بل استهدفت البنية السياسية التي قامت عليها الوساطة برمتها.
انتقال الضغط إلى مصر
في خلفية المشهد، يلوح بعدٌ استراتيجي أخطر. إذ إن استهداف الدوحة قد يكون تمهيدًا لانتقال مركز الضغط إلى القاهرة، حيث يتحرك ملف التهجير من غزة إلى سيناء كأحد المسارات الواقعية على الأرض. وإذا كانت قطر قد تلقت رسالة الإذلال والإخضاع عبر العملية العسكرية، فإن مصر مرشحة لأن تواجه الضغط المباشر لتنفيذ ما يُراد فرضه بشأن التهجير وإعادة رسم خرائط المنطقة.
هكذا، يصبح العدوان على غزة ليس مجرد عملية عسكرية محدودة، بل مشروعًا متكاملًا لإعادة هندسة الجغرافيا والسياسة، بغطاء أمريكي وإسرائيلي، وباستخدام دول المنطقة كأدوات تنفيذ. وما ضربة الدوحة إلا خطوة جديدة في هذا المسار، تحمل رمزية كاشفة لعصر "السماوات المفتوحة" حيث لا سيادة ولا حصانة، بل استباحة معلنة بلا رادع.
ما بعد الضربة
الأيام المقبلة ستكشف إلى أي مدى ستتأثر مسارات التفاوض بهذا التصعيد، وهل ستستطيع قطر استعادة موقعها كوسيط فاعل أم أن وساطتها دخلت مرحلة الأفول. لكن المؤكد أن إسرائيل وأمريكا تعمدتا من خلال هذه العملية إذلال الدوحة وإضعاف حماس في آن واحد، لفرض معادلة جديدة عنوانها: لا تفاوض بلا استسلام، ولا وساطة بلا خضوع كامل لموازين القوة المفروضة.









