-
℃ 11 تركيا
-
23 سبتمبر 2025
"الفايننشال تايمز": ما الذي قد يحدث إذا عاش بوتين وشي إلى الأبد؟
"الفايننشال تايمز": ما الذي قد يحدث إذا عاش بوتين وشي إلى الأبد؟
-
23 سبتمبر 2025, 12:52:08 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز، طرح الباحث والمفكر إيفان كراستيف سؤالاً لافتاً يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة التقليدية: "ماذا قد يحدث لو عاش كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الأبد؟". السؤال الذي يبدو للوهلة الأولى أقرب إلى الخيال العلمي، جاء على خلفية مشهد واقعي جرى في بكين أوائل سبتمبر، عندما جلس الزعيمان في أجواء العرض العسكري ليتناقشا ليس في الحرب أو التجارة أو حتى مستقبل النظام الدولي، بل في قضايا تتعلق بزراعة الأعضاء والاكتشافات البيولوجية التي تَعِد بإطالة العمر وربما الاقتراب من فكرة الشباب الأبدي.
هذا الحوار الغريب في مضمونه قد يكون أكثر تأثيراً في مستقبل السياسة العالمية من كثير من التحولات الجيوسياسية الجارية اليوم. إذ إن التحدي الذي يفرضه لا يتعلق بتوزيع القوى بين الشرق والغرب، بل بمدى قدرة الزمن نفسه على إعادة تشكيل معادلة الحكم. فما الذي قد يحدث لو لم يعد قادة العالم محكومين بحدود العمر الطبيعي؟
زمن بلا نهاية
يشير كراستيف إلى أن بوتين عندما يُكمل ولايته الحالية، سيكون قد تجاوز بالفعل في مدة الحكم كلاً من ستالين وبريجنيف، كما أنه سيكون أكبر سناً منهما. هذا الامتداد الزمني في السلطة يتزامن مع نقاش عالمي متزايد حول إمكانية إطالة العمر البشري عبر التقدم الطبي والبيولوجي، وهو ما يجعل السؤال التقليدي حول "من يخلفه؟" أقل إلحاحاً من سؤال آخر أكثر جوهرية: "هل يستطيع أن يحكم روسيا لربع قرن إضافي؟".
هذه الفرضية تقلب المعادلة السياسية رأساً على عقب. فبدلاً من الانشغال بمرحلة ما بعد الزعيم، يصبح التحدي الحقيقي هو إدراك كيف يمكن أن يؤثر الإحساس بالخلود على سلوكياته السياسية: هل سيدفعه ذلك إلى الصبر والتريث لأنه يمتلك وقتاً بلا نهاية؟ أم قد يغريه بالاندفاع واتخاذ قرارات أكثر خطورة لأنه يشعر أن الزمن لم يعد قيداً يحده؟
السلطة وإعادة تشكيل الزمن
يستشهد الكاتب برأي المؤرخ كريستوفر كلارك الذي قال إن "السلطة تعيد تشكيل الزمن كما تعيد الجاذبية تشكيل الضوء". بمعنى أن ممارسة الحكم ليست فقط إدارة للقرارات والسياسات، بل هي أيضاً إعادة صياغة للعلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل. ففي التصور السياسي الحديث، يُفترض أن الأفراد فانون، بينما الدول هي الكيانات الخالدة. لكن إذا اقتنع القادة بإمكانية تخطي الموت أو تأجيله لمدى بعيد، فإن العلاقة بين الزمن والسلطة قد تدخل مرحلة جديدة تماماً.
وهنا يصبح الحكم ليس مجرد إدارة لفترة تاريخية محدودة، بل مشروعاً ممتداً يمكن أن يتجاوز الحدود الطبيعية للحياة الإنسانية. هذا التحول في التفكير قد ينعكس على كل شيء: من السياسات الداخلية إلى طبيعة التحالفات الخارجية، ومن طريقة إدارة الحروب إلى أسلوب التعامل مع المعارضة.
ترامب وزمن مختلف
في المقابل، يجسد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نموذجاً مغايراً تماماً لفكرة الزمن في السياسة. فبينما ينشغل بوتين وشي بمصير الدول والأمم وما يمكن أن يحدث لها على المدى البعيد، يبدو ترامب وكأنه مهتم بخلوده الشخصي فقط، دون أن يُبدي اكتراثاً جاداً بكيفية تذكره أو بما قد يحدث بعده. وكأن التاريخ عنده يجب أن ينتهي بعهده، فلا أهمية لما سيجري بعد مغادرته المسرح السياسي.
حتى في حديثه عن تايوان، يكرر شي جينبينغ وعده بألا يغزو الجزيرة طالما بقي في السلطة، لكنه يترك الباب مفتوحاً لما قد يحدث بعد ذلك، وكأن استمراريته الشخصية هي الضمانة الوحيدة لسياسات الصين. وهذا يكشف عن تصور جديد للعلاقة بين السلطة والوقت: لم يعد الأمر مجرد دورات انتخابية أو حدود بيولوجية للحياة، بل أصبح مرتبطاً بإحساس الزعيم بمصيره الفردي وبقدرته على البقاء.










