السياق الإنساني والسياسي للاعتراف

سان مارينو تعلن الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين وسط تصاعد الأزمة في غزة

profile
  • clock 23 سبتمبر 2025, 12:53:27 م
  • eye 422
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

أعلن التلفزيون الرسمي لجمهورية سان مارينو في أوروبا، اليوم الثلاثاء، الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تاريخية وتعكس تحولات ملحوظة في المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية.

وأوضح التلفزيون الرسمي أن القرار اتُخذ أمس الاثنين خلال مؤتمر "حل الدولتين" الذي نُظّم في نيويورك تحت قيادة فرنسا والسعودية وبمظلة الأمم المتحدة، لتعزيز المسار السياسي الذي يهدف لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإرساء دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على حدود 1967.

موجة اعتراف دولية بفلسطين

تأتي خطوة سان مارينو بعد سلسلة من الاعترافات الدولية التي عززت الوضع القانوني والسياسي لفلسطين على الساحة الدولية، حيث أعلنت كل من بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال يوم الأحد الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين.
ثم تبعتها لوكسمبورغ وبلجيكا وأندورا وفرنسا ومالطا وموناكو يوم الاثنين، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للدول المعترفة إلى 159 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، منذ إعلان الرئيس الراحل ياسر عرفات من الجزائر عام 1988 إقامة دولة فلسطين.

السياق الإنساني والسياسي للاعتراف

ويأتي هذا الاعتراف الدولي في ظل إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بدعم أمريكي وأوروبي، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير وعمليات الاعتقال.

وقد خلفت هذه الجرائم أكثر من 232 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، أغلبهم من الأطفال والنساء، فيما بلغ عدد المفقودين أكثر من 11 ألف شخص، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة حقيقية في القطاع، ودمار شامل لمناطق كبيرة من غزة، الأمر الذي يرفع الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات دولية فعالة لحماية المدنيين وفرض سلام دائم.

دور مؤتمر "حل الدولتين" في تعزيز الاعتراف الدولي

مؤتمر "حل الدولتين" في نيويورك لعب دوراً محورياً في الدفع بعجلة الاعتراف بدولة فلسطين، إذ جمع المؤتمر بين دول أوروبية وعربية تحت مظلة الأمم المتحدة لمناقشة خطوات عملية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد المشاركون على ضرورة توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في غزة، ودعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، لضمان السلام والاستقرار في المنطقة.

الموقف الفرنسي والسعودي

أبرزت فرنسا والسعودية دورهما القيادي في المؤتمر، حيث ساهمت المبادرة الفرنسية في حشد التأييد الأوروبي لتعزيز الاعتراف بفلسطين، بينما ركزت السعودية على الأبعاد الإنسانية والسياسية لدعم حقوق الفلسطينيين.

وأكدت الدول المشاركة على أن الاعتراف لا يقتصر على الجانب الرمزي فقط، بل يجب أن يُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض تشمل فرض حظر على تصدير الأسلحة والتكنولوجيا الإسرائيلية المستخدمة في الانتهاكات، ووقف التعاون العسكري والاستخباراتي مع الاحتلال.

التحول الأوروبي والدولي في دعم فلسطين

يشير هذا التطور إلى تحول ملحوظ في الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية، إذ اتجهت بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج لتقديم دعم سياسي مماثل، ما يعكس عزلة متزايدة للمشروع الاستعماري الإسرائيلي على الساحة الدولية.

ويرى محللون أن هذا التحول يعزز من الضغط على إسرائيل للالتزام بالقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ويعيد فتح ملف حقوق الفلسطينيين بشكل حقيقي وملموس.

دعوات لاتخاذ إجراءات عملية

رغم الأهمية الرمزية للاعتراف، حذر خبراء من أن الاعتراف الرسمي لا يحقق هدفه دون تطبيق إجراءات فعلية على الأرض، تشمل:

فرض حظر شامل على التجارة العسكرية مع إسرائيل.

وقف التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي الذي يُستخدم في الانتهاكات.

دعم التحقيقات الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية، من خلال المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.

فرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان.

رفع الحصار عن غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار تحت إشراف دولي.

الاعتراف خطوة نحو تحقيق حقوق الفلسطينيين

اعتبر مراقبون أن اعتراف سان مارينو وعدد من الدول الأوروبية بفلسطين خطوة استراتيجية تدعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وتساهم في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على ضرورة استمرار الضغط الدولي لتحقيق حل عادل ومستدام في المنطقة.

التحديات المستقبلية

بالرغم من هذه الاعترافات، تواجه فلسطين تحديات كبيرة تشمل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وضغط بعض الدول التي تعارض خطوات الاعتراف، مما يستدعي استمرار الضغط الدبلوماسي والسياسي الدولي، ودعم مسارات السلام العادلة لضمان حقوق الفلسطينيين.

التعليقات (0)