تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

كشف تحقيق مشترك لمجلة 972 الإسرائيلية وصحيفة الغارديان البريطانية عن بيانات عسكرية سرية تشير إلى أن 5 من كل 6 فلسطينيين قتلهم الجيش الإسرائيلي في غزة كانوا مدنيين، وهو معدل غير مسبوق ويعد متطرفًا ونادرًا في النزاعات المسلحة الحديثة. وتكشف هذه البيانات عن أن الجيش الإسرائيلي يصنف القتلى تلقائيًا على أنهم إرهابيون بمجرد وفاتهم، وهو ما يثير جدلًا واسعًا حول الممارسات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.

معدل القتلى المدنيين في غزة

وفقًا للتحقيق، بلغ معدل قتل المدنيين 83% من إجمالي القتلى في غزة، وهو رقم يعد استثنائيًا مقارنة بالحروب التقليدية. ويشير هذا الرقم إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا هم نساء وأطفال وكبار السن، ما يعكس حجم المعاناة الإنسانية التي يواجهها السكان المدنيون نتيجة العمليات العسكرية. ويعتبر هذا المعدل "متطرفًا ونادرًا" حسب تقييم خبراء الحروب، حيث أن النسبة المعتادة للضحايا المدنيين في النزاعات الدولية عادة ما تكون أقل بكثير.

تصنيف القتلى وإشكالية الرواية الإسرائيلية

أوضح التحقيق أن الجيش الإسرائيلي يقوم بتصنيف القتلى فور وفاتهم كإرهابيين أو عناصر حماس، دون وجود دليل ملموس على مشاركتهم في العمليات القتالية. هذه الممارسة أثارت انتقادات واسعة، حيث تشير إلى أن الأرقام الرسمية التي تعلنها إسرائيل عن القتلى العسكريين قد لا تعكس الواقع على الأرض.
في الواقع، لو صدقنا الرواية الرسمية الإسرائيلية، فإن الحسابات ستوصل إلى أن إسرائيل قتلت 200% من عناصر حماس في غزة، وهو أمر مستحيل ويؤكد وجود مبالغة أو تلاعب في التصنيفات الرسمية.

الأبعاد الإنسانية للأرقام

التحقيق يسلط الضوء على الأبعاد الإنسانية المأساوية للصراع في غزة. قتل المدنيين بهذا الحجم يعكس حجم المعاناة النفسية والجسدية للسكان، ويزيد من الاحتقان الإقليمي والدولي ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية.
كما أن ممارسات تصنيف القتلى كإرهابيين تؤثر على قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم الدعم للضحايا وأسرهم، وتجعل من الصعب توثيق الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

التغطية الإعلامية والتحقيقات المستقلة

تأتي هذه البيانات من تحقيق مستقل لمجلة 972 والغارديان، وهو يختلف عن الروايات الرسمية التي تصدر عن الجيش الإسرائيلي. ويمثل هذا التحقيق نموذجًا على أهمية التحقيقات الصحفية المستقلة في كشف الحقائق التي قد تُغيب عن الإعلام الرسمي أو تحجبها الجهات العسكرية.
كما أن هذه البيانات توفر صورة أكثر دقة عن واقع الصراع المدني في غزة، وتوضح حجم الانتهاكات التي قد لا يتم الإفصاح عنها علنًا.

الانعكاسات الدولية

كشف معدل قتل المدنيين بهذا الحجم يضع ضغوطًا كبيرة على المجتمع الدولي للتدخل و التحقيق في الانتهاكات المحتملة. المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة مطالبة بمتابعة الوضع عن كثب، وتقديم الدعم للضحايا، ومحاسبة المسؤولين عن أي تجاوزات.
وتشير الخبرة الدولية إلى أن ارتفاع معدل قتل المدنيين يساهم في تأجيج الصراع وخلق أجيال جديدة من الحقد والاستياء، مما يجعل الحلول السياسية والدبلوماسية أكثر صعوبة.

يكشف التحقيق المشترك لمجلة 972 والغارديان عن حجم المأساة الإنسانية في غزة، حيث يمثل المدنيون 83% من القتلى، ويشير إلى وجود ممارسات مثيرة للجدل في تصنيف القتلى كإرهابيين. هذه الأرقام تؤكد الحاجة الماسة إلى مراجعة السياسات العسكرية الإسرائيلية وحماية المدنيين، بالإضافة إلى ضرورة تدخل المجتمع الدولي لمراقبة الوضع وتقديم الدعم الإنساني.
يبقى التحقيق نموذجًا على أهمية الصحافة الاستقصائية في كشف الحقائق وحماية حقوق الإنسان، وتسليط الضوء على الانتهاكات التي قد تمر دون محاسبة إذا اكتفت الروايات الرسمية.