في لقاء مع الرئيس الأوغندي

السيسي: المياه جزءاً من حملة ضغوط على مصر لتحقيق أهداف أخرى

profile
  • clock 12 أغسطس 2025, 2:02:13 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
جانب من استقبال الرئيس المصري السيسي لنظيره الأوغندي موسيفيني

متابعة: عمرو المصري

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، بقصر الاتحادية، رئيس جمهورية أوغندا يويري كاجوتا موسيفيني، في زيارة رسمية حملت رسائل سياسية واقتصادية وأمنية مهمة. بدأت الزيارة بمراسم استقبال رسمية عزف خلالها السلامان الوطنيان لمصر وأوغندا، قبل أن يعقد الرئيسان اجتماعًا مغلقًا أعقبه جلسة مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين، في أجواء أكدت عمق الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين، والمستندة إلى شريان الحياة الأزلي، نهر النيل، وإلى عقود طويلة من التضامن والتعاون في مختلف المحافل والمجالات.

توقيع اتفاقيات جديدة

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، بأن المباحثات تناولت سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية التاريخية، مع التأكيد على مواصلة تعزيز التعاون، خاصة في الجوانب السياسية والتجارية والاستثمارية، بما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين الشقيقين. وشهد الرئيسان توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات التعاون الفني في إدارة الموارد المائية، والتعاون الزراعي والغذائي، والاستثمار، والإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الرسمية، إلى جانب التعاون الدبلوماسي لدعم إنشاء معهد دبلوماسي أوغندي.

تعاون اقتصادي موسع

أوضح السيسي أن المباحثات تطرقت إلى سبل تفعيل التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، مشيرًا إلى الاتفاق على الإسراع في تشكيل مجلس أعمال مشترك، وتشجيع تبادل الزيارات بين مجتمع الأعمال. وأعلن أن منتدى الأعمال المشترك سينعقد على هامش الزيارة، لبحث الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر وأوغندا، وبدء خطوات تنفيذية ملموسة لتعزيز الشراكة الاقتصادية. كما ناقش الجانبان فرص التعاون في مجال التدريب وبناء القدرات، إلى جانب التأكيد على المضي قدمًا في التعاون في مكافحة الأمراض البيطرية، مع اهتمام متزايد بتعزيز التعاون في قطاع الطاقة.

 

تنسيق أمني وعسكري

في الجانب الأمني، تم الاتفاق على مواصلة التعاون القائم بين البلدين، خاصة في ضوء التطورات الإيجابية التي شهدها هذا الملف عقب الزيارة الأخيرة لقائد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية إلى مصر، والتفاهم على عقد لجنة التعاون العسكري سنويًا لدعم التنسيق الدفاعي وتبادل الخبرات.

توافق حول النيل

خصصت المباحثات حيزًا واسعًا لقضية نهر النيل، حيث شدد السيسي وموسيفيني على أن التعاون بين دول حوض النيل يجب أن يقوم على أساس تحقيق المنفعة المشتركة والحفاظ على المورد الحيوي وتنميته، في إطار صيغة تراعي مصالح الجميع وتمنع الإضرار بأي طرف، التزامًا بقواعد القانون الدولي. وقال السيسي: "بدون الحفاظ على بيئة حوض النيل، لن نجد شيئًا نتقاسمه".

وأكد الرئيس المصري دعم بلاده الكامل لجهود التنمية في أوغندا ودول الحوض الجنوبي، واستعداد القاهرة للمساهمة في تمويل مشروع سد "أنجلولو" بين أوغندا وكينيا من خلال آلية مصرية للاستثمار في مشروعات البنية التحتية في حوض النيل، بتمويل مبدئي قدره 100 مليون دولار. كما أعلن عن توقيع مذكرة تفاهم جديدة في الإدارة المتكاملة للموارد المائية بقيمة 6 ملايين دولار على مدى خمس سنوات، للبناء على أكثر من 20 عامًا من التعاون القائم بين البلدين.

رفض الإجراءات الأحادية

في كلمته، شدد السيسي على رفض مصر الكامل للإجراءات الأحادية في حوض النيل الشرقي، قائلاً: "سعينا أن يكون النيل مصدرًا للتعاون لا للصراع، ومخطئ من يتوهم أن مصر ستغض الطرف عن تهديد وجودي لأمنها المائي، وسنتخذ كافة التدابير التي يكفلها القانون الدولي للحفاظ على مقدرات شعبنا".

وأوضح أن مصر لا ترفض تنمية دول الحوض، مضيفًا: "ليس لدينا مشكلة في ذلك، ولكن يجب ألا يكون لهذه التنمية تأثير على حجم أو حصة المياه التي تصل إلى مصر". وأشار إلى أن الأمطار التي تسقط على الحوض، سواء النيل الأزرق أو الأبيض، تصل إلى نحو 1600 مليار متر مكعب سنويًا، لكن ما يصل إلى النيلين الأبيض والأزرق لا يتجاوز 85 مليار متر مكعب، أي نحو 4٪ فقط من إجمالي المياه، وهو ما تعتمد عليه مصر والسودان للعيش.

 

نحن جميعًا معًا

أكد السيسي خلال المؤتمر الصحفي: "حينما نطلب أن هذا الحجم من المياه يصل إلى مصر والسودان من أجل العيش بهم، حيث ليس لدينا مصدر آخر، هل يعني ذلك رفض التنمية أو رفض الاستفادة من المياه المتاحة؟ لا بالطبع. نحن جميعًا معًا، نعيش جميعًا، وننمو جميعًا، ونتعاون جميعًا من أجل ازدهار واستقرار بلادنا"، موضحًا أن مصر لم تطالب حتى بالاقتسام العادل لكل المياه، بل تتحدث عن الجزء الضئيل الذي يصل إليها.

وأضاف أن الرئيس موسيفيني ذكّره بأن "مصر" تعني "الحديقة" في اللغة الأوغندية، وقال: "هذه الحديقة لا يوجد لها مصدر آخر من المياه سوى النيل، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتصور أن مصر ستتخلى عنها، فالتخلي عن أي جزء منها يعني التخلي عن حياتنا، وذلك أمر لن يحدث".

ضغوط عبر ملف المياه

تطرق السيسي إلى ما وصفه بحملة الضغوط التي تتعرض لها مصر عبر ملف المياه، قائلاً: "قد تكون المياه جزءًا من حملة ضغوط لتحقيق أهداف أخرى، ونحن مدركون لذلك. وأؤكد مرة أخرى أننا ضد التدخل في شؤون الآخرين وضد التآمر عليهم وضد الهدم والتدمير. نحن مع البناء والتعاون والتنمية، فقد كفت أفريقيا سنوات طويلة من الاقتتال والصراع".

كما أرسل رسالة طمأنة للشعب المصري، مؤكدًا: "لن نسمح أبدًا بالمساس بالمياه التي يعيش عليها 105 ملايين مصري و10 ملايين ضيف، ولا نسميهم لاجئين"، مشددًا على أن وعي المصريين وصلابتهم هما الركيزة الأساسية لمواجهة أي تهديد محتمل.

إشادة بدور أوغندا

أشاد السيسي بالدور البنّاء الذي تقوم به أوغندا في قيادة العملية التشاورية بمبادرة حوض النيل لاستعادة الشمولية والتوافق بين دول الحوض، وأكد ثقته في اللجنة السباعية بقيادة أوغندا للوصول إلى تفاهمات تحقق الاستفادة المشتركة. واختتم الرئيس المصري كلمته قائلًا: "أشكر فخامة الرئيس موسيفيني وأرحب به مرة أخرى في بلده مصر".

التعليقات (0)