محلل إسرائيلي: السيسي كان مؤيدا لبيان الأزهر.. واتصال أمريكي أجبرهم على الحذف

profile
  • clock 28 يوليو 2025, 12:44:36 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية، اليوم، عن كواليس حذف بيان أصدره الأزهر الشريف في مصر قبل أيام، اتهم فيه إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية واتباع سياسة تجويع في قطاع غزة. البيان الذي أثار ضجة كبيرة، حُذف بشكل مفاجئ بعد ساعات من نشره، وسط تقديرات بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي تدخّل شخصيًا لإزالته، بسبب ضغوط أمريكية وإسرائيلية، وخشية من انفجار في الشارع المصري.

الأزهر... "رأس الأفعى"؟

التحليل الذي قدّمه الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إيلي ديكل، والمتخصص في الشأن المصري، جاء قاسيًا في وصفه لمؤسسة الأزهر، حيث اعتبر أن السيسي حوّل الأزهر إلى ذراع رسمية تخدم رؤيته للإسلام، مشيرًا إلى أن الرئيس المصري "تبنّى المؤسسة منذ وصوله إلى الحكم، ودعمها ماليًا ولوجستيًا، لتكون لسان حاله في تصدير نسخة رسمية من الإسلام السني".

يصف ديكل العلاقة الوثيقة بين الحكومة المصرية والمؤسسة الدينية قائلاً: "عندما تولى السيسي السلطة، احتضن هذه المؤسسة، ورعاها، وضخّ فيها الموارد، وحوّلها إلى الناطق الرسمي باسم النسخة السنية من الإسلام. كانت هذه المؤسسة بمثابة مقاول من الباطن لنشر رؤيته وفقًا لرغباته. عاش أحمد الطيب والسيسي في سلام وطمأنينة، ولم يعترض الرئيس المصري قط على تصريحات هذه المؤسسة".

على سبيل المثال، يشير ديكل إلى موقف الأزهر فور تنفيذ عملية طوفان الأقصى في7 أكتوبر 2023، حيث أصدرت المؤسسة فتوى دينية بعدم إدانة هجوم حماس، لأنهم، تصرفوا على نحو صائب لتحرير الأراضي الإسلامية المحتلة. ومنذ ذلك الحين، لم يُدن السيسي - ولو تلميحًا - هجوم 7 أكتوبر، ولا تصريحات المؤسسة.

لماذا حُذف البيان؟

يرى ديكل أن حذف البيان لم يكن إجراءً شكليًا، بل "تعبير واضح عن خوف السيسي من تبعات داخلية فورية، وخشيته من أن يتحول الخطاب إلى محرض على الشارع المصري وسط أوضاع اقتصادية واجتماعية متفجرة". لكنه لا يستبعد أيضًا أن السيسي "ربما أيد البيان في البداية، قبل أن يتلقى اتصالًا عاجلًا من واشنطن أو تل أبيب"، أُبلغ فيه بأن الاستمرار في تبني هذا الخطاب سيُسقط عنه صفة الوسيط في مفاوضات التهدئة، التي تسعى مصر منذ شهور للعب دور محوري فيها.

ويتابع الضابط الإسرائيلي السابق: "السيسي فهم أن عليه تهدئة الأجواء فورًا، وأن استمرار الأزهر في هذا النهج قد يجر البلاد إلى انفجار لا يمكن احتواؤه. ولذلك، إذا أراد الرئيس المصري إنهاء دور المؤسسة، يستطيع ببساطة أن يغلق عليها القنوات الإعلامية، ويجفف تمويلها، ويشلّ حركتها بالكامل".

توازنات دقيقة

التحقيق يسلط الضوء على التوازن الدقيق الذي تحاول مصر السيسي الحفاظ عليه: من جهة، الحاجة إلى امتصاص غضب الشارع المصري والعربي عبر مواقف رمزية من مؤسسات مثل الأزهر، ومن جهة أخرى، الالتزام بخطاب معتدل ومقبول أمريكيًا وإسرائيليًا حتى لا تفقد القاهرة دورها كمحاور إقليمي أساسي.

الجدير بالذكر أن بيان الأزهر المحذوف اعتبر أن ما يجري في غزة وصمة عار على جبين العالم، ودعا إلى التحرك الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي. إلا أن البيان لم يبقَ على موقع المؤسسة الرسمية سوى ساعات قليلة، قبل أن يُزال دون تفسير.

سياق أوسع

وتأتي هذه الواقعة في وقت تتصاعد فيه الضغوط الشعبية داخل مصر بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتفاقم الأوضاع المعيشية. ووفقًا لقراءة ديكل، فإن النظام المصري يخشى من تكرار سيناريوهات الفوضى، أو فقدان السيطرة على الرأي العام، إذا بدا وكأنه يسمح بخطاب تصعيدي قد يُفهم على أنه دعوة للمواجهة.

في الخلاصة، فإن حذف بيان الأزهر لم يكن مجرد تعديل على موقف ديني، بل كان قرارًا سياسيًا بامتياز، فرضته اعتبارات دولية داخلية وخارجية، وعبّر عن مدى هشاشة الهامش الذي تتحرك فيه القاهرة اليوم بين قمع الداخل ومسايرة الخارج.

التعليقات (0)