تباين الرسائل وتضخيم الإنجاز التفاوضي

الإعلام العبري كأداة ضغط نفسي وسياسي في سياق مفاوضات غزة

profile
  • clock 18 مايو 2025, 8:06:56 م
  • eye 432
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
غزة

✍️ رامي أبو زبيدة

في خضم الحديث عن المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، تبرز موجة مكثفة من التصريحات والتقارير الصادرة عن وسائل الإعلام العبرية، تؤدي وظيفة تتجاوز الإخبار إلى التأثير النفسي، وصياغة بيئة تفاوضية مشحونة بالضغط والمناورة. وتكشف هذه الحملة الإعلامية عن نمط موجه ومدروس لتشتيت الجبهة الداخلية الفلسطينية، وضرب ثقة الحاضنة الشعبية بالمقاومة، وإرباك المفاوض الفلسطيني عبر رسائل مزدوجة متناقضة تارة، وتطمينية تارة أخرى.

💢 أولًا: تباين الرسائل وتضخيم الإنجاز التفاوضي

نلاحظ كيف تنقل القنوات العبرية (كان، 12، 13، i24، يديعوت، معاريف، والا) تصريحات متضاربة حول المفاوضات:

يارون أفراهام يتحدث عن "تغير جذري في موقف إسرائيل".

أمير بوخبوط يوحي بأن "الاتفاق وشيك".

معاريف تتحدث عن تمسك حماس بشروط صعبة وفجوات كبيرة.

باراك رافيد يكشف أن المحادثات الحقيقية لا تجري في الدوحة بل عبر قنوات خلفية.

هذا التناقض المقصود يهدف إلى خلق بيئة من الغموض واللايقين، ما يضغط نفسيًا على حماس، ويدفع بعض أطرافها أو حلفائها لتقديم تنازلات خشية تفويت "فرصة" أو انسداد سياسي.


💢 ثانيًا: رسائل موجهة للداخل الفلسطيني والعائلات

يركز الإعلام العبري على تسريب رسائل تتحدث عن:

"تقدّم في المفاوضات"
"تفاؤل غير مسبوق"
"أقرب ما يكون لاختراق"
"حماس تعيد النظر في موقفها"

كل ذلك موجّه لاختراق الجبهة الشعبية الفلسطينية، خاصة لدى أهالي الشهداء والأسرى، عبر خلق أمل كاذب بإمكانية التوصل لاتفاق يوقف الحرب، ما قد يولد ضغطًا داخليًا على المقاومة لتليين مواقفها.


💢 ثالثًا: توظيف ملف المساعدات كأداة ابتزاز سياسي

تكثفت الرسائل حول إدخال المساعدات الإنسانية:

موقع والا والقناة 12 أكدا أن المساعدات ستدخل "فورًا" عبر مؤسسات دولية.
موريا أشراف كشفت عن صدام في الكابينت حول هذا الموضوع.
القناة 12 شددت على أن المساعدات ستوزع "كما في السابق" رغم المعارضة الداخلية.

هذا الخطاب يهدف لتقديم الاحتلال في صورة "الطرف الإنساني"، وتكريس سردية أنه يسمح بالمساعدات بهدف الضغط على المقاومة عبر بيئتها الاجتماعية، وخلق شعور بأن استمرار القتال يعرقل إدخال الغذاء والدواء.


💢 رابعًا: التهديد بالتصعيد العسكري كوسيلة ضغط تفاوضي

بالتزامن مع الحديث عن التفاوض، يجري تسريب تهديدات متصاعدة:

"إذا لم يتم الاتفاق خلال 24 ساعة – سننسحب من المفاوضات"
"قد نبدأ مناورة عسكرية ضخمة"
"الجيش جاهز للعمل في مناطق لم يصلها بعد"
"حماس تكبدت خسائر فادحة خلال الأيام الماضية"

هذه التصريحات تمثل أحد أذرع الحرب النفسية، حيث يجري تضخيم القدرات الإسرائيلية لزرع الشك في قدرة المقاومة على الصمود، وبالتالي دفعها للتراجع.


💢 خلاصة أمنية: يستثمر الاحتلال الإعلام العبري كأداة عملياتية في الحرب النفسية، ويستخدمه في ثلاثة اتجاهات متوازية:

1. الضغط على المقاومة لإرباك قرارها التفاوضي.
2. تشتيت الجبهة الشعبية الفلسطينية وخلق فجوات داخلية.
3. تحسين صورة الاحتلال أمام المجتمع الدولي.

هذه المنظومة تُدار بإشراف استخباري وإعلامي مركزي، يظهر عبر تزامن التصريحات، وتركيز الرسائل، وتحركها ضمن سقف سياسي وأمني موحد.


💢 توصيات للوعي الشعبي والإعلام المقاوم:

1. التنبه لطبيعة الضخ الإعلامي الإسرائيلي وتوقيته.
2. التركيز على كشف التناقضات في الرواية العبرية وتفكيكها للرأي العام.
3. عدم الانجرار خلف أي خطاب "تفاؤلي" ما لم يصدر عن مصادر المقاومة.
4. الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية باعتبارها سلاحًا تفاوضيًا رديفًا للميدان.

التعليقات (0)