-
℃ 11 تركيا
-
21 يونيو 2025
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: مراكز المساعدات الأمريكية في غزة... حين تصبح لقمة الخبز كفنًا للموت
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: مراكز المساعدات الأمريكية في غزة... حين تصبح لقمة الخبز كفنًا للموت
-
21 يونيو 2025, 11:37:59 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المجاعة في غزة
تحوّلت مراكز المساعدات الأمريكية في غزة إلى مسارح إعدام جماعي لا توزع الغذاء، بل توزع القتل ، لم تعد هذه النقاط الإنسانية تحمل سوى الموت، بعدما زرعتها الولايات المتحدة في قلب المجاعة، لتكون فخاخًا يتربص فيها جنود الاحتلال بالفلسطينيين المنهكين من الجوع والتشريد ،
الآلاف يهرعون على أمل التقاط كيس طحين أو علبة طعام، فيُقابلون بوابل من الرصاص، وكأنهم أهداف تدريبية في لعبة قنص إلكترونية ، جنود الاحتلال لا يفرقون بين طفل وامرأة، بين شيخ مريض أو أم تحمل رضيعها، فكلهم أهداف مشروعة في هذا الميدان الجهنمي. إن ما يجري لا يُشبه أي حرب في العصر الحديث، بل يتفوق على وحشية النازية، حيث يجتمع الحصار والتجويع والقنص المتعمد تحت مظلة واحدة: الشراكة الأمريكية الإسرائيلية.
واشنطن لم تكتفِ بتمويل القنابل والصواريخ، بل حولت شاحنات المساعدات كاداة وصورة إنسانية مزيفة، تخفي خلفها أحد أفظع أشكال الاستغلال السياسي للجوع ، بينما يُحاصر الداخلون إلى مراكز التوزيع بقناصة محترفين ، من ينجُ من الموت قنصًا قد لا ينجو من التدافع والجوع والهلع ، لم تكن المساعدات الأميركية يومًا خارج المشروع الصهيوني، بل كانت دومًا أداة ناعمة لتجميل الوجه القبيح للاحتلال، واليوم تحولت إلى أداة مباشرة في مشروع الإبادة.
ما يجري في غزة هو جريمة مكتملة الأركان، تُنفذ بأدوات أميركية وسلاح إسرائيلي وصمت دولي مخزٍ، وتواطؤ عربي مكشوف، والأنكى أن القاتل نفسه هو من يدّعي الإنقاذ، وأن الدولة التي تشارك في صناعة المجاعة تريد أن تظهر كحامية للضعفاء، بينما تصمت أمام قصف المخابز والمشافي وتدمير شبكات المياه والكهرباء ومراكز الإيواء ، إنها مأساة مزدوجة: الاحتلال يقتل، وأميركا تُبيّض صورته، والعالم يُشيح بنظره كأن غزة ليست على الخريطة.
الضحايا لا يسقطون في ميادين معركة، بل في طوابير الطعام، في الزوايا الموحلة حول صناديق الإغاثة، في ممرات الجوع حيث يتحول الضعف إلى جريمة تستحق القنص. لم تعد غزة فقط تحت النار، بل باتت تحت الابتزاز الغذائي، وتحت منظومة إبادة جماعية تقتل الجسد ثم تتاجر بصورته في الإعلام.
إن ما يحدث في غزة اليوم ليس فقط جريمة إبادة، بل هو انهيار شامل لكل ما تبقى من ضمير في هذا العالم ، لا يكفي أن يُقتل الأطفال في أحضان أمهاتهم، بل يُستدرجون أولًا إلى مصائد جوع باسم "الإنسانية" ليُقنصوا كما تُقنص الطرائد في صمت الغابات. المساعدات لم تعد غذاءً، بل طُعماً، والموت لم يعد قصفاً، بل خطة مدروسة، تُنفذ بحسابات دقيقة أمام كاميرات العالم التي تكتفي بالبث ولا تصرخ ، في غزة، الجوع له صوت، لكنه يُخرس بالرصاص ، في غزة، كل من يقف في طابور الخبز يصبح شهيدًا محتملًا.
لقد سقطت ورقة التوت الأخيرة عن الإنسانية، ولم يبقَ في المشهد سوى مشنقة واحدة يتدلى منها الجوعى باسم "التحالفات"، وتوقيعات الموت الأمريكية، وبندقية إسرائيلية تضحك على جثة طفل التقط وجبته الأخيرة .







