إسرائيل تواجه أزمة سمعة وتسعى للتلاعب بالرأي العام

إسرائيل ترصد الملايين لتجميل صورتها عالميًا: دراسة أمريكية تكشف الاستراتيجيات الدعائية

profile
  • clock 8 سبتمبر 2025, 1:15:09 م
  • eye 431
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

كشفت تسريبات استقصائية حديثة أن وزارة الخارجية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي خصصت ميزانيات ضخمة للاستعانة بشركة استطلاعات أمريكية بهدف تحسين صورتها العالمية، في ظل تصاعد الانتقادات والاتهامات بارتكاب جرائم إبادة وتمييز عنصري ضد الفلسطينيين.

تشير هذه الخطوة إلى أن إسرائيل تواجه أزمة حقيقية في سمعتها الدولية، ما دفعها إلى إطلاق حملات دعائية واسعة النطاق تهدف إلى إعادة تشكيل الرأي العام العالمي لصالحها، خصوصًا في الدول الغربية والولايات المتحدة.

الدراسة الأمريكية تكشف الصورة العالمية لإسرائيل

وفقًا لتقرير نشره موقع دروب نيوز الأمريكي وترجمته منصة إيكو ريبورت، خلصت الدراسة إلى أن الرأي العام في العديد من الدول ينظر إلى إسرائيل بوصفها "دولة إبادة جماعية ونظام فصل عنصري".

وتؤكد هذه النتائج حجم التدهور في صورة إسرائيل على المستوى العالمي، ما دفع وزارة الخارجية إلى توسيع حملاتها الدعائية بشكل غير مسبوق، مستهدفة إعادة بناء الثقة الدولية والتأثير على مواقف الجمهور في الدول الغربية، خاصة مع استمرار الحرب على قطاع غزة وتزايد الانتقادات الحقوقية والسياسية ضد الاحتلال.

شركة "ستاغويل غلوبال" تقود الحملة الدعائية

تولت شركة ستاغويل غلوبال، التي يرأسها مارك بن، المعروف بعلاقاته القوية مع حزب "ليكود" اليميني الإسرائيلي منذ ثمانينيات القرن الماضي، مهمة إجراء الاستطلاعات. كما يرتبط مارك بن بعدد من الرؤساء الأمريكيين السابقين، بما في ذلك الرئيس الحالي دونالد ترامب، ما يعكس الروابط القوية بين الحملة الدعائية الإسرائيلية والدوائر السياسية الأمريكية.

شملت الاستطلاعات أكثر من 7 آلاف مقابلة شخصية في الولايات المتحدة، وألفين و800 مقابلة في أوروبا (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، إسبانيا)، إضافة إلى 5 آلاف و600 مقابلة لاختبار فعالية الرسائل الدعائية التي تروج لها إسرائيل.

ميزانية قياسية لتحسين الصورة الدولية

كشف التقرير عن تخصيص وزارة الخارجية الإسرائيلية مؤخرًا مبلغ 150 مليون دولار إضافية لحملات تحسين الصورة، في محاولة لاحتواء التدهور السريع في الرأي العام العالمي تجاه سياساتها، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية في غزة وتصاعد الاتهامات الدولية بالإبادة الجماعية والتمييز العنصري.

ويعكس هذا الرقم القياسي حجم الاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة ما تعتبره "أزمة سمعة"، ومحاولة الاستفادة من الأدوات الإعلامية والدعائية الحديثة لتغيير الانطباعات السلبية.

اختبار تأثير الرسائل الدعائية

تتضمن الدراسة مرحلة تجريبية تُعرض فيها على المشاركين مقاطع فيديو دعائية بهدف قياس مدى تأثيرها على مواقف الجمهور، وتحديد الرسائل الأكثر قدرة على تغيير الانطباعات السلبية.

أظهرت النتائج أن تصوير الإسلام الراديكالي والجهادية كتهديد عالمي، مقرونًا بإبراز دعم إسرائيل لحقوق المرأة والمثليين، يزيد من مؤشرات التأييد لإسرائيل بأكثر من 20 نقطة في كل دولة بعد مشاهدة الرسائل الدعائية.

وتُظهر هذه النتائج أن إسرائيل تعتمد على استراتيجية دمج التهديد الأمني مع القيم الاجتماعية الغربية لجذب الدعم الشعبي، خصوصًا بين الفئات العمرية الأكبر سنًا، التي تميل عادة لتبني مواقف محافظة وأمنية.

انقسام عالمي في المواقف تجاه إسرائيل

بينت الدراسة أن الدعم الشعبي لإسرائيل لا يزال أعلى نسبيًا في الولايات المتحدة وألمانيا، لكنه يشهد تراجعًا تدريجيًا، بينما تظهر الميول المؤيدة للفلسطينيين بوضوح في فرنسا وإسبانيا، حيث يصف قطاع واسع من الأوروبيين إسرائيل بـ"دولة إبادة جماعية ونظام فصل عنصري".

كما أظهرت الدراسة لأول مرة تقاربًا كبيرًا بين عدد المؤيدين للفلسطينيين والمؤيدين للاحتلال الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة، ما يعكس انقسامًا غير مسبوقًا في المزاج الشعبي الأمريكي تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

جيل Z الأكثر انتقادًا لإسرائيل

تُظهر البيانات أن الفئة العمرية بين 18 و24 عامًا هي الأكثر انتقادًا لإسرائيل، بينما يرتفع مستوى التأييد تدريجيًا مع التقدم في العمر. وتشير هذه الفجوة الأجيالية إلى أن الجيل الشاب أكثر وعيًا بالممارسات الإسرائيلية ويعتمد على مصادر إعلامية مستقلة، ما يشكل تحديًا استراتيجيًا للحملات الدعائية الإسرائيلية المستقبلية.

وتعكس هذه النتائج أيضًا أهمية استهداف الفئات الشابة في الاستراتيجيات الدعائية، لكنها توضح محدودية التأثير على جيل الشباب الأكثر انتقادًا وسياسات الاحتلال.

غياب جهود دعائية مماثلة للقضية الفلسطينية

اختتم التقرير بالإشارة إلى غياب جهد دعائي مماثل من الجهات الداعمة للقضية الفلسطينية، ما يترك الساحة الإعلامية والسياسية مكشوفة أمام الرواية الإسرائيلية، ويعزز تأثير حملاتها الدعائية عالميًا.

هذا النقص في الاستراتيجية الإعلامية الفلسطينية يتيح لإسرائيل استغلال الأدوات الإعلامية والتكنولوجية لتشكيل الرأي العام الدولي، وإبراز نفسها كطرف ملتزم بحقوق الإنسان، بينما تُغفل الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

إسرائيل تواجه أزمة سمعة وتسعى للتلاعب بالرأي العام

تكشف هذه الدراسة الأمريكية عن استراتيجية إسرائيلية ممنهجة لتحسين صورتها العالمية، من خلال حملات دعائية ضخمة، واستطلاعات رأي دقيقة، واستخدام وسائل إعلامية وتقنية متقدمة.

تعكس النتائج أن إسرائيل تعتمد على مزج الرسائل الأمنية مع القيم الاجتماعية الغربية للتأثير في الرأي العام، لكنها تواجه تحديات كبيرة، خصوصًا مع تزايد الوعي الدولي وارتفاع الانتقادات تجاه سياساتها في غزة والضفة الغربية.

التعليقات (0)