انعكاسات العملية على الوضع الداخلي الإسرائيلي

رسائل ودلالات عملية "راموت" في القدس المحتلة

profile
  • clock 8 سبتمبر 2025, 1:07:01 م
  • eye 415
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
رسائل ودلالات عملية "راموت" في القدس المحتلة

محمد خميس

نفذ مقاومان فلسطينيان عملية إطلاق نار داخل محطة حافلات في مستوطنة "راموت" شمال القدس المحتلة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المستوطنين. 

وقد أثارت العملية اهتمامًا واسعًا على المستويين الفلسطيني والعالمي، حيث اعتبرتها فصائل المقاومة الفلسطينية ردًا مشروعًا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، في حين ركز محللون سياسيون وعسكريون على دلالاتها الاستراتيجية والرسائل التي تحملها في توقيت بالغ الحساسية.

العملية تؤكد وحدة المقاومة الفلسطينية والعربية والإسلامية

أكد المنسق العام للحملة الأهلية لنصرة فلسطين، الكاتب والمفكر اللبناني معن بشور، أن العملية "تعكس وحدة المقاومة الفلسطينية والعربية والإسلامية والعالمية". وأضاف بشور في تصريحات خاصة أن العملية تحمل عدة دلالات، أهمها تأكيد مكانة القدس في حياة الأمة الفلسطينية وردًا على محاولات الاحتلال لتدنيس المقدسات وتغيير هوية المدينة.

وأشار بشور إلى أن العملية تأتي ضمن معركة "طوفان الأقصى" وفي ظل ما تتعرض له غزة من حرب تطهير عرقي تستهدف أهلها وتصفية القضية الفلسطينية بدءًا من أرضها الطاهرة. وأكد أن العملية تعكس وحدة المقاومة الفلسطينية على امتداد الأرض المغتصبة، موضحًا أن القدس وغزة والضفة الغربية وأراضي 48 وفلسطينيو الشتات جميعهم يشكلون "أرضًا واحدة ووطنًا واحدًا ومقاومة واحدة وشعبًا واحدًا".

كما نوه بشور إلى تزامن العملية مع الهجمات التي ينفذها الأخوة في اليمن باستخدام المسيّرات القتالية ضد مطارات وثكنات ومستعمرات الاحتلال، مؤكداً على وحدة الأمة في مواجهة الاحتلال الصهيوني. واختتم بالقول إن العملية تشكل دعوة لكل أبناء الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى إدراك أن دعم المقاومة داخل الأرض المحتلة هو الطريق الأسرع لإنهاء الاحتلال.

القدس محور الرسالة الاستراتيجية

من جهته، وصف الكاتب والباحث الفلسطيني حسن القانوع العملية بأنها جاءت في توقيت بالغ الحساسية على المستويين العسكري والسياسي، ما يجعلها واحدة من أكثر العمليات تأثيرًا منذ بدء العدوان على غزة. وأوضح القانوع أن العملية لم تكن مجرد هجوم فردي، بل رسالة استراتيجية مركزة تعكس صمود المقاومة الفلسطينية وقدرتها على التخطيط والتنفيذ.

وأشار القانوع إلى أن تنفيذ العملية في وقت كانت فيه الضفة الغربية تعتبر شبه آمنة من قبل الجيش الإسرائيلي، كشف عن هشاشة الافتراضات الأمنية للعدو، وأعاد الحسابات الأمنية إلى نقطة الصفر. وأضاف أن اختيار القدس مكانًا لتنفيذ العملية يمثل اختراقًا للقلعة الأمنية التي استثمر الاحتلال فيها مليارات الشواقل في التحصين والكاميرات، مؤكدًا أن المعركة لم تعد مقتصرة على غزة فقط، بل تشمل كامل الأراضي الفلسطينية.

وأبرز القانوع أن العملية شكلت إحراجًا مباشرًا للقيادة الإسرائيلية، وأربكت محاولات نتنياهو وحكومته لاستغلال الحرب في غزة لتعزيز مكانتهم الداخلية، مشيرًا إلى أن العملية أظهرت قدرة المقاومة على التأثير في موازين القوى حتى في قلب العاصمة المحتلة. وخلص إلى أن عملية القدس ليست مجرد رد على الاعتداءات، بل فعل نوعي يحمل دلالات استراتيجية عميقة ويؤكد أن الشعب الفلسطيني سيظل صامدًا رغم الحصار والضغوط.

الهجمات الموجعة تعيد الجرعة المعنوية للشارع الفلسطيني

كما وصف الكاتب والباحث الفلسطيني محمد أبو ليلى العملية بأنها بطولية، مشيرًا إلى أنها جسدت قدرة المقاومة على التخطيط والتنفيذ داخل العمق الفلسطيني المحتل، وأظهرت مرونة عالية في تجاوز القبضة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية. وأوضح أبو ليلى أن العملية تعكس نمط الهجمات السريعة والموجعة التي تربك العدو وتضعه في حالة استنفار دائم.

وأشار أبو ليلى إلى أن نقل المعركة إلى قلب القدس أعاد توجيه المواجهة بعيدًا عن حدود غزة أو الضفة الغربية فقط، وزرع الخوف في المجتمع الصهيوني خلال فترة حساسة مرتبطة بالأعياد والطقوس الدينية، ما أربك المؤسسة الأمنية وأجبرها على إعادة حساباتها. وأكد أن العملية أعادت الجرعة المعنوية للشارع الفلسطيني، وأظهرت أن المقاومة قادرة على المناورة داخل المدن المحتلة وأن أي اعتداء على الشعب الفلسطيني لن يمر دون رد.

رسائل سياسية واستراتيجية عميقة

تحمل عملية راموت رسائل سياسية واستراتيجية متعددة، أهمها:

رفض محاولات الاحتلال لتقسيم الأرض الفلسطينية: تؤكد العملية أن كل الأراضي الفلسطينية جزء من مواجهة واحدة، بما في ذلك القدس وغزة والضفة الغربية وأراضي 48 وفلسطينيو الشتات.

تأكيد فعالية المقاومة رغم الحصار والضغط الدولي: العملية أظهرت أن الفلسطينيين قادرون على تنفيذ عمليات مؤثرة داخل مناطق يُعتقد أنها آمنة.

إرسال رسالة للكيان الإسرائيلي بأن لا منطقة آمنة: الاستهداف داخل القدس المحتلة يثبت هشاشة المنظومة الأمنية للعدو.

تعزيز وحدة الأمة العربية والإسلامية: العملية تتزامن مع عمليات في اليمن ضد الاحتلال، ما يعكس وحدة الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني.

انعكاسات العملية على الوضع الداخلي الإسرائيلي

أظهرت العملية تأثيرًا مباشرًا على الداخل الإسرائيلي، حيث أربكت المؤسسة الأمنية وحكومة نتنياهو وأجبرت الجيش على إعادة حساباته الأمنية. كما أثرت على الرأي العام الإسرائيلي، وزادت من مخاوف المستوطنين في القدس والمناطق المحيطة بها. وهذا يعكس قدرة المقاومة على فرض معادلات جديدة حتى في أوقات الحرب، ورفع معنويات الشعب الفلسطيني.

عملية "راموت" في القدس المحتلة تحمل رسائل متعددة، سياسية واستراتيجية وعسكرية، تؤكد وحدة المقاومة الفلسطينية والعربية والإسلامية، وتعكس القدرة على التخطيط والتنفيذ داخل المدن المحتلة. كما أنها تؤكد أن القدس تبقى محور الصراع والمواجهة، وأن الشعب الفلسطيني سيظل صامدًا أمام محاولات الاحتلال لتقسيم الأرض وتهويد المقدسات.

إن هذه العملية ليست مجرد رد على اعتداءات الاحتلال، بل فعل نوعي يرسل رسالة لكل العالم بأن المقاومة الفلسطينية حاضرة وقادرة على تغيير المعادلات، وأن تحرير الأرض الفلسطينية ومقدساتها يظل الهدف الأعلى لكل الأحرار في الأمة.

التعليقات (0)