عندما يكون التراجع شجاعة... لا خيانة

أمجد العسة يكتب: غزة وسوريا ..جراح واحدة وكلمات من القلب

profile
أمجد العسة صحفي سوري
  • clock 25 يوليو 2025, 5:18:57 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
أمجد العسة يكتب: كفى موتًا... حين يكون التراجع شجاعة لا خيانة

عندما يكون التراجع شجاعة... لا خيانة

أكتب هذه الكلمات مدركًا أن البعض قد يهاجمني بشدة، لكن في لحظات المصير، لا بد أن نكون صادقين مع أنفسنا قبل أن نكون مع الآخرين .


فعندما تبدأ الحرب، عليك أن تكون واعيًا بأنك قادر على الصمود، لا بعناد الشعارات، بل بميزان الحكمة والمسؤولية .

في الأيام الأخيرة، وداخل سوريا، تحوّلت الأنظار نحو الحكومة السورية: هل ستدخل مواجهة مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي؟


في الوقت الذي تعيش فيه سوريا فوضى مركبة من الداخل والخارج، وتنهكها الأزمات، يتصاعد الضغط الإقليمي وتُفتَح عليها الجبهات من كل جهة .

وبين أصوات التصعيد، كان خيار تجنّب المواجهة الشاملة هو القرار، قرارٌ قد يراه البعض ضعفًا، وقد يسميه "أصحاب الممانعة" خيانة أو جبنًا لكن الحقيقة الأعمق أن هذا التراجع لم يكن هزيمة، بل حماية لشعبٍ مُنهك، مُثخن بالجراح، ومثقل بالأحزان .

ليس من الحكمة الدخول في معركة محسومة النتائج سلفًا، فقط من أجل لقطة تُرضي غرور المقاومين على الشاشات، لا في الواقع فالتنازل، أحيانًا، هو أعلى درجات المسؤولية الوطنية، حين يكون الهدف الأسمى هو الحفاظ على حياة المدنيين .

 

غزة... الجوع والقصف والحصار

وعلى الجهة الأخرى من القلب العربي، هناك غزة... تختنق تحت الركام في غزة، الطفولة تُباد، والجوع يفتك، والخذلان يُحيط أحياء كاملة تُهدم، عائلات تُفنى، وأطفال يموتون جوعًا أمام أعين العالم الصامت، في غزة، الطفل لا يحلم، لأنه لا ينام، والليل لا يسكن، لأنه يحترق.

هل من شجاعة أعظم من وقف النزيف؟ هل هناك نصر في استمرار المجازر؟ وكم من الفرص مرّت، لم تكن مثالية، لكنها كانت كفيلة بإنقاذ الآلاف من الموت والتشريد، لا شيء أغلى من الإنسان لا الأرض، ولا الشعارات، ولا الانتقام.

فالطفل الذي يموت جوعًا، والشيخ الذي ينهار قهرًا، والأم التي تفقد أبناءها… لا تنتظر تحليلات سياسية، بل تنتظر النجاة، الرحمة، والقرار الحكيم.


 

صوت من سوريا... إلى العالم

من السويداء إلى غزة، ومن دمشق إلى رفح، ينزف الإنسان العربي ذاته  فلتتوقف الشعارات، ولنسمع صرخة الشعوب سوريا ليست بخير، وغزة ليست مجرد عنوان في نشرة الأخبار… بل جرح مفتوح، ينزف ببطء أمام عيوننا ،فلنتواضع  أمام الألم، ولننظر بعين العقل لا الحماسة،فماتبقّى من شعوبنا هو ما يستحق أن نُقاتل لأجله، لا أن نقاتل عليه.

الصراخ وحده لا يكفي، والنار لا تطفئها نار لقد أصبحت الكرامة اليوم تُقاس بكم نجونا، لا بكم صمدنا.، أطفالنا يريدون الحياة، لا البطولة، وشعوبنا تريد العدالة، لا العناوين الفضفاضة، ما نحتاجه اليوم ليس انتصارًا عسكريًا، بل صحوة إنسانية وعي جمعي جديد يقول: "كفى حربًا… كفى موتًا… كفى دمًا".

نسأل الله لغزتنا المنهارة والجائعة، ولسوريا الجريحة والمتربص بها من كل جهة، الفرج العاجل، وأن تكون آمنة مطمئنة في القريب العاجل.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)