«كنت أعلم أنني سأنتصر»: محمود خليل يروي تفاصيل احتجازه القاسي لدى الهجرة الأمريكية

profile
  • clock 11 يوليو 2025, 10:32:28 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الناشط محمود خليل في حواره مع سي إن إن

في مقابلة مع «سي إن إن» (CNN)، روى الناشط والطالب الفلسطيني محمود خليل مع الإعلامية كريستيان أمانبور تفاصيل احتجازه لأكثر من 100 يوم في مركز احتجاز تابع لوكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، دون أي تهم رسمية، بينما كان خطر الترحيل يلاحقه في كل لحظة. ورغم ذلك، أكد خليل أنه كان واثقًا من أنه سينتصر في النهاية.

تجربة لا إنسانية

خليل، الحاصل على الإقامة الدائمة (الـ«غرين كارد»)، وصف احتجازه بأنه تجربة «شديدة الإذلال» وغير إنسانية، خاصة أنه لم توجه إليه أي تهم جنائية أو مدنية على الإطلاق. قال خليل: «كانت تجربة شديدة اللاإنسانية لشخص لم يُتّهم بأي جريمة أبدًا».

هذه الواقعة أثارت موجة غضب واسعة في الولايات المتحدة، حيث رأت أوساط حقوقية أن الأمر تجاوز مجرد تطبيق قانون الهجرة، ليصبح عقوبة سياسية على نشاطه في دعم الحقوق الفلسطينية ومعارضته لسياسات الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

دعوى قضائية ضد إدارة ترامب

الخميس، أعلن محامو خليل عن تقديمهم دعوى قضائية تطالب بـ20 مليون دولار كتعويضات من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متهمين الحكومة بـ«سجنه زورًا»، و«محاكمته» إعلاميًا، وتشويه سمعته واتهامه بمعاداة السامية، وذلك في إطار مساعي الحكومة لترحيله بسبب دوره البارز في تنظيم الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل على غزة.

في المقابل، وصف متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي الأمريكية الدعوى بأنها «عبثية»، في استمرار لنهج إدارة ترامب في إنكار مسؤوليتها عن الانتهاكات المرتكبة ضد المهاجرين والمعارضين السياسيين.

اعتقال أشبه بالخطف

خليل روى لأمانبور تفاصيل لحظة اعتقاله أمام شقته في حرم جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك في مارس الماضي، بعد عودته من عشاء مع زوجته، قائلًا إن الأمر بدا «أشبه بالخطف». وأوضح أن عناصر من «الهجرة والجمارك» بملابس مدنية لاحقوه إلى بهو المبنى، وهددوا زوجته بالاعتقال إن لم تنفصل عنه.

بحسب تقارير سابقة لـ«سي إن إن»، لم يكن لدى عملاء «آيس» أمر قضائي باعتقال خليل في ذلك الوقت، ما يزيد من الطابع التعسفي للعملية.

قمع الاحتجاجات الطلابية

خليل كان واحدًا من أوائل الطلاب الفلسطينيين الذين اعتُقلوا في حملة اعتقالات بارزة شنّتها إدارة ترامب ضد ناشطين مؤيدين لفلسطين في الجامعات الأمريكية، بحجة «مكافحة معاداة السامية».

ويُذكر أن خليل، المولود في مخيم للاجئين في سوريا، تخرج من جامعة كولومبيا بعد مسيرة أكاديمية ناجحة، ولعب دورًا مهمًا في التفاوض نيابة عن الطلبة المؤيدين لفلسطين في الجامعة.

تنقلات مهينة وحرمان من العائلة

بعد اعتقاله، نُقل خليل أولًا إلى نيوجيرسي، ثم إلى تكساس، وأخيرًا إلى مركز احتجاز في لويزيانا، على مسافة تزيد عن 1600 كيلومتر من زوجته الأمريكية الجنسية، التي كانت في شهرها الثامن من الحمل آنذاك.

وصف خليل عملية نقله المتكرر بأنها كانت «مثل نقل غرض»، وقال: «كنت مكبلًا بالأصفاد طوال الوقت». لكنه شدد على أن هذه الأيام القاسية في الاحتجاز لم تنل من عزيمته أو تكسر روحه.

وأضاف: «منذ لحظة اعتقالي، كنت أعلم أنني سأنتصر في النهاية»، موضحًا أن «ما فعلته ببساطة كان الاحتجاج على إبادة جماعية».

اتهامات بالـ«إرهاب» ومزاعم سخيفة

إدارة ترامب وصفت نشاط خليل بأنه «تهديد» لأهدافها في السياسة الخارجية المعلنة، وهي «مكافحة معاداة السامية» على الجامعات. واتهمته - من دون دليل - بأنه متعاطف مع حركة حماس، وبررت مساعي ترحيله بأنه «أخفى» علاقاته بمنظمتين في طلب إقامته الدائمة، وهو ما اعتبره محاموه ادعاءً واهيًا وضعيفًا قانونيًا.

خليل نفسه رد على هذه الاتهامات بالقول إنها «سخيفة»، وأوضح أن السلطات الأمريكية تريد «خلط» أي خطاب يطالب بحقوق الفلسطينيين مع «دعم الإرهاب»، معتبرًا ذلك تشويهًا متعمدًا للحقوق الفلسطينية.

قال خليل: «إنها رسالة يريدون إيصالها: حتى لو كنت مقيمًا شرعيًا، سنجد طريقة لملاحقتك ومعاقبتك إذا تجرأت على الكلام ضد ما نريد».

ظروف احتجاز قاسية

تحدث خليل عن ظروف الاحتجاز في مركز ICE بلويزيانا، واصفًا الطعام بأنه «شبه غير صالح للأكل»، وأشار إلى أنه تقيأ بعد تناول لحم أُجبر على استبداله بالخضروات. كما وصف البرد القارس في الزنازين، قائلاً إن طلباته المتكررة للحصول على بطانيات تم تجاهلها تمامًا.

قال: «عندما تدخل مثل هذه المراكز، حقوقك حرفيًا تبقى في الخارج».

يُذكر أن «سي إن إن» كانت قد تواصلت سابقًا مع إدارة ICE للتعليق على هذه الظروف، التي تروج لها الإدارة على أنها «غير عقابية»، بينما تنفي الشركة المشغلة للمركز، مجموعة GEO، أي مزاعم بإساءة المعاملة.

حرمانه من ولادة طفله

ربما كانت اللحظة الأكثر إيلامًا في محنته حين حرمته السلطات من حضور ولادة طفله الأول.

قال خليل: «فقدان تلك اللحظة كان أصعب شيء في حياتي... قدمنا الكثير من الطلبات كي أتمكن من الحضور»، لكن مسؤولي مركز الاحتجاز في مايو الماضي برروا الرفض بسياسة «عدم التواصل المطلق» ومخاوف أمنية غامضة.

تابع خليل: «لا أعتقد أنني سأتمكن من مسامحتهم على حرماني من تلك اللحظة». ووصف رؤيته الأولى لطفله قائلًا: «رأيته لأول مرة من خلال زجاج سميك، كان على بعد خمسة سنتيمترات مني... لم أتمكن من احتضانه».

وعندما سُمح له في النهاية بحمله، جاء ذلك بأمر من المحكمة، ولفترة لم تتجاوز ساعة واحدة فقط.

تعويض أو اعتذار رسمي

خليل أوضح أنه في حال نجحت دعواه ضد إدارة ترامب، ينوي أن يتقاسم أي تعويض مالي مع آخرين تعرضوا لحملة إدارة ترامب الفاشلة لقمع الخطاب المؤيد لفلسطين. كما أبدى استعداده للقبول باعتذار رسمي وتغييرات حقيقية في سياسات الترحيل بدلًا من التعويض المالي.

هذا المثال الصارخ يجسد كيف تحولت سياسات الهجرة الأمريكية في عهد ترامب إلى أداة عقابية لقمع المعارضين السياسيين والحقوقيين، خاصة أولئك الذين يرفعون الصوت دفاعًا عن حقوق الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال والإبادة الجماعية في غزة.

التعليقات (0)