استهداف الحلم... وقتل الرواية

“ما بين السماء والبحر”.. غارة إسرائيلية تُسكت عدسة الصحفي الغزي إسماعيل أبو حطب

profile
  • clock 2 يوليو 2025, 3:11:01 م
  • eye 577
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الصحفي الفلسطيني إسماعيل أبو حطب

متابعات_ 180 تحقيقات

في مكانٍ اعتاد أن يلتقط فيه صور الحياة، ارتقى الصحفي الفلسطيني إسماعيل أبو حطب شهيدًا، بعد استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي كافتيريا بسيطة على شاطئ غزة، وهو الموقع ذاته الذي اختاره ليكون عنوانًا لمعرضه الفوتوغرافي العالمي: "ما بين السماء والبحر".

في مفارقة دامية، كتب البحر الذي لطالما لجأ إليه إسماعيل للتصوير والبوح والمقاومة السلمية، نهاية حكايةٍ بدأها من بين ركام الحرب والحصار، حين كانت الكاميرا سلاحه الوحيد في معركة الحقيقة.

شاهدٌ بالكاميرا… لا بالبندقية

إسماعيل لم يكن مجرد صحفي، بل راوٍ بصريّ، حمل العدسة كمن يحمل قلبه، خاض معارك الكلمة والصورة في مواجهة منظومة تحاول إسكات كل رواية فلسطينية.

في أحد منشوراته كتب: "في غزة، تُستهدف الكاميرا، وتُقصف الكلمة، ولا تحمي السترة من الصواريخ". وقد نجا في نوفمبر الماضي من إصابة خطيرة أثناء توثيق قصف برج الغفري، لكنه عاد ليكمل مشروعه: أن يكون "العين في زمن العمى".

"بين السماء والبحر": معرض من تحت الأنقاض

صمم إسماعيل معرضه الفوتوغرافي عن بعد، من تحت القصف، ومن قلب مخيمات النزوح، وأرسله إلى لوس أنجلوس الأميركية، بالتعاون مع منصة "By Palestine"، حيث نُظّم هناك معرضه الشهير "ما بين السماء والبحر"، ليحكي للعالم عن الحياة الهشة في غزة، والكرامة المستمرة رغم الموت.

كتب إسماعيل عن المعرض: "من وسط غزة، من تحت القصف والنزوح والوجع، صممت هذا المعرض عن بعد، ليحمل قصة أهلنا الذين لم يجدوا ملجأ سوى شاطئ البحر".

استهداف الحلم... وقتل الرواية

كان من المقرر أن يُدرّب إسماعيل هذا الأسبوع مجموعة من الصحفيين الشباب على الأمان الرقمي، لكنه ارتقى قبل الموعد. ارتقى وهو يحمل مشروعًا لا شخصيًا فحسب، بل جمعيًّا، يستهدف حماية الكلمة ونقل الصورة.

كتب عنه الصحفي مثنى النجار:
"صاحب معرض خيمة في وسط لوس أنجليس الأميركية، ارتقى من بين الشهداء في غارة استراحة. حاول أن ينقل مأساة غزة للعالم… وقد غيّبه القصف على الشاطئ نفسه الذي أحبَّه."

228 شهيدًا من الصحفيين منذ بدء العدوان

إسماعيل أبو حطب هو واحد من 228 صحفيًا فلسطينيًا ارتقوا منذ بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر 2023. عدساتهم سكتت، لكن رواياتهم لم تُمحَ.
وإن سقطت الكاميرا، فإن الذاكرة البصرية التي خلّفوها ستظل تنبض وتشهد، وستكتب أن العدالة لا تُصنع بصمت، بل بعدسات مثل تلك التي حملها إسماعيل.

"بين السماء والبحر"... هناك حيث تعيش غزة رغم الموت

رحل إسماعيل، لكن لم ترحل الصور. لم ترحل رسالته ولا حلمه، الذي اختصره في منشور على "فيسبوك" قبل استشهاده بشهرين: "بين السماء والبحر، يجرؤ شباب غزة على العيش."

التعليقات (0)