-
℃ 11 تركيا
-
13 يونيو 2025
هدية قطرية أم نفوذ سياسي؟ ترامب يفتح أبواب الجدل على الطائرة الرئاسية
هدية قطرية أم نفوذ سياسي؟ ترامب يفتح أبواب الجدل على الطائرة الرئاسية
-
14 مايو 2025, 2:08:43 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شيماء مصطفى
في مواجهة انتقادات متزايدة، أصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المضي قدمًا في خطته المثيرة للجدل بقبول طائرة بوينغ فاخرة مقدمة من قطر، مدافعًا عن الأمر باعتباره فرصة لتوفير أموال عامة يمكن توجيهها لتحقيق شعاره المتجدد: "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". ترامب وصف الطائرة، وهي من طراز بوينغ 747-8 وتبلغ قيمتها التقديرية نحو 400 مليون دولار، بأنها هدية "مجانية" موجهة إلى القوات الجوية الأمريكية ووزارة الدفاع، وليس له شخصيًا، مشددًا على أن قطر حليف لطالما حظي بالدعم الأمريكي العسكري لعقود.
ترامب: الهدية للدولة وليس لي.. وأي رفض سيكون تصرفًا أحمقًا
في منشور له على منصة "تروث سوشيال" مساء الثلاثاء 13 مايو، أوضح ترامب أن الطائرة ليست موجهة له شخصيًا، بل للجيش الأمريكي. وأضاف بسخرية: "فقط الأحمق من سيرفض هذه الهدية نيابة عن بلدنا". وشرح أن هذه الطائرة ستُستخدم بشكل مؤقت كطائرة رئاسية (إير فورس وان) لحين الانتهاء من تجهيز الطائرة الرسمية الجديدة، والتي لن تكون جاهزة قبل عامين على الأقل. وفي حديثه لشبكة "فوكس نيوز" مع المذيع شون هانيتي، أكد ترامب أن الطائرة التي طلبها خلال ولايته الأولى لا تزال قيد الإنشاء، وأن قطر بادرت إلى تقديم طائرة بديلة مؤقتة خلال فترة الانتظار.
استعراض للقوة الجوية.. ومبررات براقة
في دفاعه عن القرار، أشار ترامب إلى أن العديد من الدول تمتلك طائرات رئاسية أكثر تطورًا من تلك التي تستخدمها الولايات المتحدة حاليًا، معتبرًا أن أمريكا تستحق أن تكون لها "الطائرة الأروع". وعلّق: "نحن الولايات المتحدة الأمريكية، وأعتقد أننا يجب أن نملك الطائرة الأكثر هيبة". كما سخر من المنتقدين الذين يعتبرون قبول الهدايا للدولة أمرًا خاطئًا، قائلاً: "نحن نعطي الجميع، فلماذا لا نقبل الهدية؟". وأكد أنه لن يحصل على أي فائدة شخصية من الطائرة، وسيستخدمها "كرئيس مثل أي رئيس آخر"، مضيفًا أن الطائرة سيتم سحبها من الخدمة فور تسلم الطائرة الرسمية الجاهزة. وأشار أيضًا إلى أن الطائرة الرسمية قيد الإنشاء ستُطلى بالألوان الأمريكية: الأحمر والأبيض والأزرق، في رمزية وطنية مقصودة.
جدل قانوني وأخلاقي داخل الحزبين
أثار إعلان ترامب موجة من القلق داخل المؤسسة السياسية في واشنطن، ليس فقط من الديمقراطيين بل من بعض الجمهوريين أيضًا. زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أعلن أنه سيعرقل جميع ترشيحات وزارة العدل في مجلس الشيوخ إلى أن يكشف البيت الأبيض عن تفاصيل هذه الصفقة. ووصف شومر المسألة بأنها "ليست مجرد فساد علني، بل أمر قد يجعل حتى بوتين يعيد النظر مرتين"، في تصعيد واضح ضد ترامب.
أما السيناتور الديمقراطي إد ماركي من ماساتشوستس، فقد قال لمجلة TIME: "سيحوّل طائرة الرئاسة إلى طائرة رشوة. يجب أن يكون للكونغرس دور في هذا التهديد الواضح لأمننا القومي". ويعكس هذا التصريح شعورًا متناميًا داخل الحزب الديمقراطي بأن هذه الخطوة تتجاوز الأعراف وتمس مبادئ الشفافية.
قلق جمهوري.. ومخاوف أمنية
اللافت أن القلق لم يقتصر على المعسكر الديمقراطي، بل امتد إلى شخصيات جمهورية مؤثرة. فقد أعرب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، جون ثيون، والسيناتور تيد كروز من تكساس، عن مخاوفهما من قبول هدية من الأسرة الحاكمة القطرية. وأكدا على احتمال وجود مخاطر أمنية جسيمة، خصوصًا إذا ما تم زرع أجهزة مراقبة أو برمجيات تجسس داخل الطائرة. كما أشارا إلى التكاليف الباهظة المرتبطة بفحص الطائرة للتأكد من خلوها من مثل هذه الأجهزة.
أصوات محافظة تنتقد ترامب
حتى داخل الدوائر اليمينية المتشددة، لم يسلم ترامب من الانتقاد. المعلّقة اليمينية لورا لوومر، والمحلل السياسي المحافظ بن شابيرو، انتقدا بشدة قبول هذه الهدية. شابيرو على وجه الخصوص، أشار إلى علاقات قطر السابقة مع بعض قادة حركة حماس الذين أقاموا في الدوحة، معتبرًا أن ذلك يجعل من الهدية أمرًا مشبوهًا، يمكن استغلاله لاحقًا كورقة ضغط أو مصدر نفوذ.
تحليل: هدية أم نفوذ مقنّع؟
تحمل هذه الواقعة دلالات أوسع تتعدى مجرد صفقة طائرة. ففي سياق التوترات الإقليمية والعلاقات المتشابكة بين واشنطن ودول الخليج، قد يُنظر إلى هذه الهدية القطرية باعتبارها محاولة لبسط تأثير ناعم على مؤسسة الرئاسة الأمريكية، خصوصًا في ظل احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات القادمة. كما أن المسألة تفتح بابًا لأسئلة جوهرية حول العلاقة بين المال والنفوذ في السياسة الدولية، وحول مدى قدرة المؤسسات الديمقراطية على احتواء مثل هذه المبادرات ذات الطابع الرمزي والسياسي المعقد.






