الحوثيون يدخلون معادلة الردع الإقليمي

هجمات الحوثيين على العمق الإسرائيلي: تصعيد نوعي يفتح جبهة جديدة في الصراع الإقليمي

profile
  • clock 2 يونيو 2025, 2:30:30 م
  • eye 448
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
صواريخ تهدد العمق الإسرائيلي

محمد خميس


تحليل عسكري ودلالات استراتيجية للهجمات المستمرة من اليمن تجاه إسرائيل

الهجمات الحوثية تتجاوز البحر الأحمر وتصل إلى العمق الإسرائيلي

في تطور لافت على خارطة المواجهات في المنطقة، واصل جماعة أنصار الله (الحوثيون) تنفيذ هجمات صاروخية وبالطائرات المسيّرة باتجاه العمق الإسرائيلي، وذلك ضمن ما وصفوه بـ"الرد على العدوان الإسرائيلي على غزة".
وقد أعلنت الجماعة مراراً عن استهداف مواقع حساسة داخل الأراضي المحتلة، بما في ذلك إيلات ومناطق جنوب النقب، في إشارة إلى اتساع نطاق المواجهة من حدود فلسطين ولبنان، إلى ساحة غير تقليدية في اليمن.

الدلالات السياسية والعسكرية للهجمات الحوثية

إن استمرار هجمات الحوثيين على إسرائيل يحمل دلالات استراتيجية معقّدة، منها:

إبراز تحالف ميداني بين قوى محور المقاومة (إيران – حزب الله – حماس – الحوثيون)،

فرض معادلة ردع جديدة تُربك الحسابات الإسرائيلية، عبر توسيع رقعة التهديد إلى بعد جغرافي بعيد،

إثبات قدرة الحوثيين على امتلاك منظومات هجومية طويلة المدى، قادرة على اختراق أنظمة الرادار والدفاع الجوي الإسرائيلي.

وتكمن أهمية هذه الهجمات في البُعد الرمزي والسياسي، فهي لا تسعى فقط إلى الإضرار الفعلي بالبنية الإسرائيلية، بل تُشكّل رسالة واضحة بأن الرد على حرب غزة لم يعد محصورًا بجبهة واحدة، بل بات متعدد الاتجاهات والمسافات.

هل حققت هجمات الحوثيين أهدافها العسكرية؟

رغم أن معظم الهجمات الحوثية تم اعتراضها وفقاً للمصادر الإسرائيلية، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن الجماعة قد نجحت في كسر الخطوط الحمراء الإقليمية.
وقد تحقق الهجمات غايات متعددة، منها:

استنزاف الدفاعات الجوية الإسرائيلية عبر إطلاق كثيف ومتكرر،

إشغال الجبهة الجنوبية، ما يُربك الحسابات العسكرية الإسرائيلية،

نقل المعركة إلى ساحة غير متوقعة، وهو تكتيك يُستخدم بشكل متعمد لإرباك منظومة الردع الإسرائيلية.

في المقابل، فإن التأثير الميداني المباشر لا يزال محدودًا، بسبب فاعلية أنظمة القبة الحديدية ومنظومات الدفاع الأخرى، لكن الرسالة المعنوية والسياسية تبقى حاضرة بقوة.

الدفاعات الإسرائيلية أمام تحدٍّ غير تقليدي

عسكرياً، تواجه إسرائيل معضلة جديدة تتمثل في هجمات قادمة من بعد يزيد عن 1600 كلم، وهو ما يُعتبر تحديًا غير مسبوق لمنظومتها الدفاعية.
وبالرغم من التحديثات المستمرة في القبة الحديدية ومنظومات “مقلاع داوود” و“حيتس”، إلا أن:

الإنهاك العملياتي يُعد عاملاً مؤثراً مع تكرار الاستهداف من جبهات متعددة (لبنان، غزة، سوريا، اليمن)،

تحديد مواقع الإطلاق بدقة في الأراضي اليمنية أمر معقد ويصعّب تنفيذ ضربات انتقامية،

التهديدات المتزامنة تُفرِض توزيعًا للقوة الدفاعية، ما يُضعف قدرة الرد الفوري على كل جبهة.

الحوثيون يدخلون معادلة الردع الإقليمي

ما بين الطابع العسكري والتأثير السياسي، يمكن القول إن هجمات الحوثيين على العمق الإسرائيلي أضحت جزءاً من معادلة المواجهة الإقليمية، في وقت تشهد فيه المنطقة إعادة تشكيل لقواعد الاشتباك.
ورغم أن الخسائر المباشرة قد تكون محدودة، فإن الرسالة الأساسية وصلت: إسرائيل لم تعد آمنة من الهجمات بعيدة المدى، ولا من الأطراف التي كانت تُعتبر سابقًا خارج المعركة المباشرة.

التعليقات (0)