علماؤنا منارة للأجيال

نورا المرشدي تكتب: قامات أكاديمية… باقية رغم الرحيل

profile
نورا المرشدي كاتبة عراقية
  • clock 4 سبتمبر 2025, 11:22:21 ص
  • eye 423
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الدكتور نهاد حسوبي صالح

يرحل العلماء بأجسادهم، لكن ذكراهم تبقى كنبراس يضيء الطريق للأجيال. في مسيرتي الأكاديمية، ما زلت أحمل في وجداني أسماءً خالدة، كانت لي سندًا ودليلًا، وتركت بصمتها في شخصيتي ومساري.

أستذكر أولًا البرفسور الدكتور نهاد حسوبي صالح، الذي رحل عنا تاركًا إرثًا من التشجيع والإيمان بالطاقات الشابة. لم يكن مجرد أستاذ، بل كان أبًا معرفيًا يمدّ اليد، ويفتح الأبواب أمام العاملين معه، مؤمنًا أن العطاء الحقيقي يكمن في دعم الآخرين.

كما أترحم على البرفسور الدكتور محمد بشير العامري، العالم الذي جسّد في حياته بساطة العلم ورحابة التواضع. لقد علّمنا أن التواضع يرفع من قيمة الإنسان أكثر من أي لقب، وأن العالِم الحقيقي هو من يجعل العلم قريبًا من القلوب قبل العقول.

وأذكر بحب ووفاء أستاذي ومعلمي الدكتور سعد لطيف الحمد، عميد كلية الآداب سابقًا في جامعة الإمام الصادق (ع)، الذي لم يكن فقط إداريًا ناجحًا، بل مربّيًا وموجهًا في مسيرتي الأكاديمية. كان يتابع خطواتي عن قرب، ويعلّمني كيف تُكتب المقالات بأسلوب رصين، ويغرس في داخلي أن الكلمة مسؤولية ورسالة. وفي إحدى محافل الجامعة، حين غاب عريف الحفل، أشار إليّ قائلاً: “اصعدي، فأنتِ أهل لذلك”. كانت تلك اللحظة علامة فارقة، إذ منحتني ثقته شجاعة كبيرة، وعلمتني أن الثقة تُمنح للأكفاء، وأن الكلمة الطيبة قد تغيّر مسار إنسان.

لقد غاب هؤلاء العلماء عن دنيانا، لكنهم باقون فينا بما غرسوه من قيم، وما تركوه من أثر. إن ذكراهم مسؤولية في أعناقنا، وعهدٌ بأن نحمل العلم بتواضعهم، ونشجع الآخرين بإيمانهم، ونمنح الثقة كما منحوها لنا.

رحم الله هؤلاء العلماء الأجلّاء، وجعل علمهم صدقة جارية، وأجورًا مضاعفة في ميزان حسناتهم. نسأل الله أن يسكنهم فسيح جناته، وأن يجزيهم خير الجزاء على ما قدّموا من علمٍ ونصحٍ وتواضع، وأن يلهمنا أن نكون امتدادًا لرسالتهم، أوفياء لذكراهم، أوتادًا للعلم كما كانوا.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)