سياسة "الهروب إلى الأمام"… سوابق تاريخية

نتنياهو والحرب للهروب من الفشل: حين تتحول الأزمة الداخلية إلى قنبلة خارجية

profile
  • clock 16 يونيو 2025, 1:41:02 م
  • eye 410
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
نتنياهو

محمد خميس

التصعيد على إيران: غطاء لانهيار داخلي

بينما كانت الاتهامات تنهال على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بسبب إخفاقاته العسكرية في غزة، وتراجعه السياسي المتواصل، واتهامه بارتكاب جرائم حرب، انقلب المشهد فجأة. لم تعد استطلاعات الرأي، التي كانت تؤكد تهاوي شعبيته، تحتل العناوين، بل أسكت "صوت المعركة" كل الأصوات الأخرى. وجاءت الضربة العسكرية لإيران، فجر الجمعة الماضية، لتعيد رسم صورته كـ"قائد قوي" في مشهد يتقن الهروب إلى الأمام.

"ميدل إيست آي": ضربة في لحظة ضعف مزدوج

في تحليل لافت، أشارت صحيفة ميدل إيست آي إلى أن قرار نتنياهو بتوسيع جبهة المواجهة عبر ضرب إيران، جاء في لحظة ضعف مركّب: داخليًا، كانت حكومته تفقد السيطرة، وتواجه تآكلًا سياسيًا وشعبيًا، وخارجيًا، فإن الضربة جاءت بينما تعاني إيران من اضطرابات متعددة، ما جعلها توقيتًا مثاليًا للهروب من الاستحقاقات.

سياسة "الهروب إلى الأمام"… سوابق تاريخية

ما فعله نتنياهو ليس الأول من نوعه في السياسة العالمية. فتاريخ الزعماء السياسيين مليء بأمثلة مشابهة لقيادات حاولت التغطية على إخفاقات داخلية بشن حروب خارجية:

مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا، أطلقت حرب فوكلاند (1982) ضد الأرجنتين وسط انهيار اقتصادي حاد، لتعود بعدها وتفوز بانتخابات ساحقة عام 1983.

بيل كلينتون قصف السودان وأفغانستان عام 1998 خلال فضيحة "مونيكا لوينسكي"، محاولًا صرف الأنظار عن الأزمة الأخلاقية والسياسية.

فلاديمير بوتين غزا أوكرانيا عام 2022 وسط ركود اقتصادي واحتجاجات سياسية داخلية، فارتفعت شعبيته مؤقتًا، لكنه دخل في عزلة دولية وعقوبات خانقة.

لكن نتنياهو ليس ككل من سبقوه…

رغم هذا التشابه، إلا أن السياق الإسرائيلي أكثر هشاشة. فالدولة التي كانت توصف يومًا بأنها "قوية عسكريًا ومستقرة داخليًا"، تعاني الآن من تآكل في الجبهة الداخلية، وتفكك مجتمعي، وتراجع القدرة على إدارة الأزمات.

بعكس تاتشر أو كلينتون، يفتقر نتنياهو إلى رافعة سياسية داخلية متينة، كما أن الدولة التي يقودها باتت تعيش على إيقاع التهديدات المتعددة، من الشمال والجنوب، ومن الداخل والخارج، في ظل استنزاف مستمر في غزة، وافتضاح إخفاقات الاستخبارات.

مغامرة قد تحرق كل شيء

ما يُحذر منه محللون إسرائيليون، مثل ناحوم برنيع ويوسـي ميلمان، أن نتنياهو يُقحم "إسرائيل" في مواجهة مفتوحة بلا هدف، ولا استراتيجية خروج، ما قد يفتح الباب لمزيد من الفوضى الإقليمية، ويُعرّض أمن الاحتلال ومستقبله السياسي إلى مخاطر وجودية.

فنتنياهو لا يملك زمام إخماد الحرب متى ما أشعلها، وقد يجد نفسه في زاوية ضيقة لا يستطيع منها الخروج دون تكلفة كارثية.

الدرس الأخير من التاريخ: الغطرسة لا تبني استقرارًا

التاريخ يعلمنا أن الدولة المتغطرسة قد تُدمّر دولًا أخرى، لكنها في النهاية تدفع الثمن. أما الزعيم المتغطرس، فيقوده غروره إلى تدمير دولته قبل أن يدفع ثمن فشله الشخصي. ونتنياهو، كما يبدو، يسير بهذا الاتجاه… فإلى أين سيقود الاحتلال؟ وهل تنقذه معركة خارجية من السقوط الداخلي؟

التعليقات (0)