القصف الإيراني يفضح العمق المكشوف

ازدواجية إسرائيلية صارخة بين الادعاء والممارسة

profile
  • clock 16 يونيو 2025, 1:36:00 م
  • eye 408
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
نتنياهو

محمد خميس

بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي اتهام المقاومة الفلسطينية باستخدام المدنيين كدروع بشرية، تكشف الوقائع الميدانية في "تل أبيب" والقدس عن حقيقة مغايرة تمامًا: إسرائيل نفسها تمارس هذا الفعل بمنهجية متقنة، وتدمج منظومتها الأمنية والعسكرية داخل النسيج المدني، محولة المدنيين الإسرائيليين إلى حائط صد بشري حول مؤسساتها الحساسة.

 

الضربة الإيرانية الأخيرة التي استهدفت عمق "تل أبيب الكبرى" لم تكن مجرد عمل عسكري عابر، بل كشفت هشاشة البنية الأمنية للاحتلال، وسقوط ادعاءاته. فقد أصيب مجمع "الكرياه"، مقر وزارة الحرب وهيئة الأركان، بصاروخ إيراني، رغم موقعه في وسط منطقة سكنية وتجارية مزدحمة، تحيط به مجمعات مثل "عزرائيلي" وأحياء راقية.

 

سقط قتلى وجرحى من المدنيين الإسرائيليين، ليس لأن القصف عشوائي، بل لأن المؤسسة الأمنية نفسها اختارت أن تختبئ بين المدنيين.

الشاباك والموساد وسط الأحياء: الأمن يلبس رداء الحياة المدنية

ليس "الكرياه" حالة استثنائية؛ فجهاز "الشاباك" يتخذ من حي رمات أفيف الراقي، الذي يضم جامعة ومدارس وأسواقًا، مقرًا له. كذلك يختبئ مقر "الموساد" قرب "رمات هشارون" في بيئة مدنية خالصة. وفي القدس، تتوزع مقار الشرطة العامة ووحدات الأمن في قلب الأحياء السكنية، ما يجعل المدنيين المحيطين عرضة مباشرة لأي رد محتمل.

كذبة الدروع البشرية في غزة: خطاب مقلوب

في المقابل، تتهم إسرائيل فصائل المقاومة في غزة باستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهي رواية أثبتت تقارير أممية زيفها، بعدما وثقت مئات الشهادات المصورة لاستهداف الاحتلال للمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء المكتظة بالنازحين، بذريعة القضاء على "خلايا مقاومة".

المفارقة القاتلة: حماية مدنيين أم استغلالهم؟

تحاول إسرائيل الظهور بمظهر الدولة التي تحرص على حياة مدنييها، لكنها في الواقع تزرع مراكزها الأمنية والعسكرية بينهم، لتجعل منهم خط الدفاع الأول. وفي الوقت ذاته، تستخدم هذه "الحماية المزيفة" كغطاء قانوني لارتكاب المجازر في غزة، وتبرير قتل آلاف الأبرياء.

من "تل أبيب" إلى غزة: من هو العدو الحقيقي للمدنيين؟

حين يُدفن الأطفال في غزة تحت الأنقاض، ويُقتل الإسرائيليون قرب مقار أمنية في مدنهم، يصبح السؤال الأخلاقي واضحًا: من يستخدم المدنيين حقًا؟ من يتخذهم دروعًا؟ ومن يجعل من كل شارع، ومول تجاري، ومجمع سكني، واجهة لحرب أمنية خفية؟

الجواب يتجلى في حقيقة واحدة: من يدّعي حماية المدنيين هو أول من يعرضهم للخطر، ويحولهم إلى أدوات في مشروع عسكري لا يتوقف، تحت ستار "الدفاع عن النفس"، بينما الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك.

التعليقات (0)