مفاوضات مستمرة منذ 4 أيام.. ترامب: حماس على علم كامل بمضامين النقاش

profile
  • clock 27 سبتمبر 2025, 10:51:26 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استمرار محادثات مكثفة مع عدد من دول المنطقة بشأن مستقبل قطاع غزة، واصفًا النقاشات الجارية بأنها "ملهمة وبنّاءة"، في إشارة إلى حجم التفاعل العربي والإقليمي مع الخطة الأمريكية الجديدة. وأكد ترامب أن المفاوضات لم تتوقف منذ أربعة أيام متتالية، وأنها ستبقى مستمرة "طالما كان ذلك ضروريًا" من أجل الوصول إلى اتفاق شامل يمكن أن يضع حدًا للحرب الدامية التي يعيشها القطاع منذ شهور طويلة.

وأوضح ترامب في تغريدة عبر حسابه الرسمي على منصة "تروث سوشيال" أن جميع دول المنطقة تشارك بفاعلية في هذه المحادثات، مشيرًا إلى أن حركة حماس على علم كامل بمضامين النقاش، في حين يتم إطلاع تل أبيب على مستجداتها على أعلى المستويات الرسمية، بما في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه. هذه التصريحات تعكس أن إدارة ترامب تتعمد إدارة العملية التفاوضية على عدة مسارات في وقت واحد، مع ضمان أن كل الأطراف – حتى المتخاصمة – على اطلاع على الخطوط العريضة للتحركات الأمريكية.

تفاصيل الخطة

شبكة CNN الأمريكية نشرت مساء أمس بعضًا من التفاصيل الجوهرية المتعلقة بالخطة التي يقترحها ترامب لإنهاء الحرب على غزة. وبحسب ما كشفته الشبكة، فإن الخطة تتألف من واحد وعشرين بندًا كاملًا، وتم تقديمها خلال اجتماع جمع الرئيس الأمريكي بعدد من الزعماء والقادة العرب والإسلاميين يوم الثلاثاء الماضي.

جوهر الخطة يبدأ من معادلة أساسية: إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين في غضون 48 ساعة من توقيع الاتفاق، مقابل انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من داخل قطاع غزة. غير أن المصدر المطلع الذي تحدث للشبكة أكد أن هذه النسخة من الاقتراح لا تتضمن جدولًا زمنيًا محددًا لعملية الانسحاب، مما يفتح الباب أمام احتمالية المماطلة أو إعادة التفسير من جانب الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك، فقد أوضح المصدر أن الاتفاق يتضمن بنودًا صريحة مثل منع إسرائيل من مهاجمة قطر مرة أخرى، والتأكيد على استحالة التهجير القسري للفلسطينيين من القطاع، وهو ما يمثل محاولة واضحة لطمأنة الأطراف الإقليمية التي تخشى إعادة إحياء سيناريوهات التهجير.

مصير غزة السياسي

واحدة من النقاط الأكثر حساسية في الخطة تتعلق بمستقبل الحكم داخل قطاع غزة. فبحسب ما ورد في البنود، فإن الاتفاق ينص على إقصاء حركة حماس بشكل كامل من أي دور مستقبلي في الحكم، مع إنشاء مستويين من الإدارة المؤقتة: هيئة دولية شاملة من جهة، ولجنة فلسطينية داخلية من جهة أخرى. الهدف المعلن هو ضمان إدارة انتقالية تمنع الفوضى وتؤسس لمرحلة تسليم تدريجي للسلطة الفلسطينية.

لكن اللافت أن الخطة لا تحدد جدولًا زمنيًا لتشكيل الحكومة المؤقتة، ولا تحدد أيضًا إطارًا واضحًا لآليات نقل الصلاحيات، ما يجعل البنود مفتوحة أمام احتمالات التأجيل والمراوغة. كما تنص الخطة على دور للأمم المتحدة في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لسكان القطاع، دون أن تشير إلى مؤسسة "غزة الإنسانية" المثيرة للجدل، والتي أثارت اعتراضات واسعة في السابق بسبب ارتباطها بمشاريع وصفت بأنها مشبوهة أو ذات طابع سياسي أكثر من إنساني.

الموقف الأمريكي والفلسطيني

الخطة لا تنص على دعم الولايات المتحدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لكنها تكتفي بالاعتراف بأن هذا يمثل الطموح المشروع للشعب الفلسطيني. هذه الصياغة تكشف عن رغبة إدارة ترامب في الموازنة بين مطالب الفلسطينيين من جهة، ومخاوف إسرائيل من أي التزام صريح بقيام الدولة الفلسطينية من جهة أخرى. فهي محاولة لإرضاء الطرفين بالحد الأدنى، مع ترك الباب مفتوحًا أمام مفاوضات لاحقة قد تحدد مصير القضية الفلسطينية.

أما على المستوى الفلسطيني، فحتى الآن ليس من الواضح ما إذا كانت الخطة قد عُرضت بشكل رسمي على حركة حماس. إلا أن التسريبات تشير إلى أن الدوحة ستلعب دور الوسيط في إيصال تفاصيلها إلى ما تبقى من الفريق التفاوضي للحركة المقيم في العاصمة القطرية. الأمر قد يخضع لاحقًا لمراجعات وتعديلات طفيفة بناءً على ردود الأفعال الفلسطينية والعربية.

مواقف متباينة

في الوقت الذي أبدى فيه ترامب تفاؤلًا علنيًا بإمكانية الوصول إلى اتفاق، قائلاً إنهم "قريبون جدًا" من تحقيق انفراجة حقيقية، خرج نتنياهو ليؤكد في اليوم نفسه أن الحرب على غزة ستستمر حتى القضاء على حماس بشكل كامل. هذا التناقض العلني بين تصريحات الحليفين يعكس حجم التعقيدات التي تحيط بالمشهد. فبينما يروج ترامب لفكرة اتفاق سياسي يضع حدًا للحرب، يصر نتنياهو على الاستمرار في المعركة العسكرية باعتبارها ورقته الوحيدة للبقاء في السلطة وسط أزماته الداخلية.

وبحسب المصادر المطلعة، فإن القادة العرب أبدوا دعمًا عامًا للخطة الأمريكية، رغم إدراكهم أنها ليست مثالية ولا تلبي كل تطلعاتهم أو تطلعات الفلسطينيين. غير أن العامل الحاسم بالنسبة لهم يبقى إنهاء الصراع المستمر في أسرع وقت ممكن، وتخفيف الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني إنسان في غزة.

التعليقات (0)