محكمة فرنسية تقر باضطهاد إسرائيل للفلسطينيين وتمنح امرأة من غزة وابنها صفة لاجئ رسمي

profile
  • clock 16 يوليو 2025, 8:21:31 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

أصدرت المحكمة الوطنية الفرنسية لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية حكمًا تاريخيًا بمنح مهاجرة فلسطينية من غزة وابنها المصاب صفة "لاجئ" رسمي في فرنسا، بعد إثبات تعرضهما لـ"اضطهاد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي". ويمثل هذا القرار سابقة قانونية مهمة في تعريف الاضطهاد على أساس الهوية الوطنية الفلسطينية، ويقر ضمنيًا بمسؤولية الاحتلال عن ممارسات ممنهجة بحق المدنيين في القطاع.

الحكم يعكس تحولًا في السياسة الفرنسية تجاه الفلسطينيين القادمين من غزة، الذين كان يُمنح معظمهم سابقًا صفة "الحماية المؤقتة" فقط، بسبب الحرب المستمرة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية. أما اليوم، فقد أكدت المحكمة في حكمها أن الفلسطينيين في غزة يتعرضون للاضطهاد بسبب جنسيتهم، وهو ما يفتح الباب أمام اعتراف قانوني أوسع بانتهاكات الاحتلال ضد المدنيين.

توسيع معايير الأهلية

يُشكل القرار الجديد سابقة قانونية مزدوجة الأهمية: من جهة، هو يعيد تعريف معايير الأهلية للاعتراف بوضع اللاجئ للفلسطينيين، ومن جهة أخرى، يوثق رسميًا في سجلات المحاكم الفرنسية سلوك جيش الاحتلال في غزة كاضطهاد يستوجب الحماية الدولية.

لكن القرار لا يعني تلقائيًا منح صفة اللاجئ لكل سكان قطاع غزة. وفقًا لمحللين فرنسيين، التقديرات تشير إلى أن حوالي 20% فقط من سكان القطاع قد يكونون مؤهلين للحصول على وضع اللاجئ، أي نحو نصف مليون شخص. أما بقية الفلسطينيين في غزة، المسجلون أصلًا لدى وكالة الأونروا ويستفيدون من حمايتها، فلن يكونوا مؤهلين للحصول على صفة لاجئ في فرنسا، بل سيحصلون فقط على "الحماية التكميلية" الأقل صلابة قانونيًا.

معالجة طلبات محدودة

تظهر البيانات الرسمية الفرنسية أن أعداد طلبات اللجوء القادمة من الأراضي الفلسطينية تبقى محدودة نسبيًا حتى الآن، وهو ما يعكس تعقيد المسارات اللوجستية والسياسية أمام النازحين الفلسطينيين. ففي عام 2023، تلقى المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية 204 طلبات لجوء أولية من الأراضي الفلسطينية، وارتفع العدد إلى 230 طلبًا في عام 2024، في حين سُجل 100 طلب جديد بين يناير ومايو 2025 فقط.

هذا التزايد الطفيف يعكس حجم المعاناة المتصاعدة في غزة، لكنه يسلط الضوء في الوقت نفسه على القيود السياسية والقانونية التي تعيق توسيع نطاق الحماية للاجئين الفلسطينيين في أوروبا.

قصة اللجوء

المرأة الفلسطينية البالغة من العمر 47 عامًا وابنها البالغ من العمر 11 عامًا، الذي يعاني من إصابات في ساقيه، وصلا إلى فرنسا في يناير 2024 بعد رحلة محفوفة بالمخاطر بدأت بتدمير منزلهما في بيت لاهيا شمال قطاع غزة خلال قصف إسرائيلي.

بعد تلقي علاج طبي أولي في البعثة الفرنسية بمدينة غزة، تمكنا من السفر إلى معبر رفح، ثم نُقلا سرًا إلى مصر، قبل أن يصلا أخيرًا إلى فرنسا طلبًا للأمان. في دعواهما أمام المحكمة، أكدا أن جيش الاحتلال يستخدم أساليب حرب عشوائية ضد المدنيين لمجرد كونهم فلسطينيين، مما يشكل اضطهادًا على أساس الهوية الوطنية ويستدعي توفير الحماية القانونية الدولية.

إقرار قانوني بالاضطهاد

اجتمعت اللجنة الفرنسية لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية للنظر في هذا الالتماس في جلسة غير معتادة حضرها تسعة قضاة بدلًا من التشكيل المعتاد من ثلاثة قضاة، ما يعكس ثقل القضية وخطورتها.

في نهاية الجلسة، أصدرت اللجنة حكمًا واضحًا بأن "الفلسطينيين في قطاع غزة يتعرضون للاضطهاد بسبب جنسيتهم"، ومنحت للمرأة وابنها صفة اللاجئ الرسمي في فرنسا، ما يخوّل لهما الحصول على إقامة قابلة للتجديد كل عشر سنوات.

دلالة سياسية وأخلاقية

هذا القرار لا يمثل مجرد منح حق إقامة لعائلة فلسطينية منكوبة، بل هو بمثابة إدانة قانونية أوروبية صريحة للممارسات الإسرائيلية في غزة. إنه اعتراف رسمي بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين تتجاوز نطاق "الحرب التقليدية" إلى الاضطهاد الممنهج والتطهير العرقي الذي يهدد الوجود الإنساني في القطاع.

كما يكشف الحكم زيف المزاعم الإسرائيلية التي تحاول إخفاء مسؤوليتها عن التدمير والقتل تحت غطاء "الحرب على حماس"، عبر توثيق أن المدنيين الفلسطينيين يتعرضون للاستهداف فقط بسبب هويتهم الوطنية، ما ينسف السردية الأمنية التي يروجها الاحتلال لتبرير عدوانه المستمر على غزة.

التعليقات (0)