-
℃ 11 تركيا
-
21 أغسطس 2025
ماذا يدور وراء الكواليس بعد وقف الحرب على غزة؟
دور الوسطاء: قطر ومصر في قلب المعادلة
ماذا يدور وراء الكواليس بعد وقف الحرب على غزة؟
-
20 أغسطس 2025, 1:36:13 م
-
413
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
انقسام الآراء بين الخطة الأمريكية والخطة المصرية
كشفت صحيفة إسرائيل اليوم في تقرير لها بتاريخ 20 أغسطس/آب 2025 أن المفاوضات الجارية بشأن اليوم التالي للحرب على غزة تشهد انقسامًا حادًا في المواقف بين الولايات المتحدة ومصر، في ظل سعي الأطراف الدولية والإقليمية للتوصل إلى تسوية شاملة تنهي الحرب وتحدد مستقبل قطاع غزة.
ففي حين تميل إسرائيل إلى دعم الخطة الأمريكية التي تقوم على نشر قوات دولية في القطاع، ترفض مصر هذا الطرح بشكل قاطع وتتمسك بخيار عودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة غزة، عبر ترتيبات أمنية وسياسية تشرف عليها القاهرة.
خلفية المفاوضات: وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن
توضح الصحيفة أن الإطار الأمريكي المقترح يهدف إلى التوصل لاتفاق يبدأ بوقف شامل لإطلاق النار، يعقبه الإفراج الجزئي عن الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، على أن يتم استكمال الإفراج عن البقية في إطار جدول زمني محدد ومتفق عليه.
ويتضمن المقترح أيضًا نقل تدريجي للسلطة في غزة من حركة حماس إلى جهات أخرى، وصولًا إلى تفكيك البنية العسكرية والإدارية للحركة، وإنهاء سيطرتها على القطاع بشكل كامل.
هذا السيناريو يحظى بدعم إسرائيلي، حيث عبّر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان رسمي عن تمسكه بسياسة ثابتة تقضي بعدم إنهاء الحرب إلا بعد ضمان الإفراج عن جميع الرهائن وهزيمة حماس عسكريًا.
تفاصيل الخطة الأمريكية: قوات دولية ورعاية إنسانية
تشير الخطة الأمريكية إلى ضرورة نشر قوات دولية فور انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق داخل غزة، وذلك لمنع حماس من إعادة تموضعها أو استعادة السيطرة عليها.
كما تشمل الخطة نقل تدريجي للمسؤوليات المدنية، بحيث تُدار شؤون السكان من خلال منظمات دولية مثل الأمم المتحدة، التي بدأت بالفعل وضع خطط لتأمين الخدمات الأساسية مثل:
الصحة
التعليم
الإسكان المؤقت
إعادة الإعمار
وبذلك، يتم إبعاد المدنيين الفلسطينيين عن دائرة الحرب، وتقليص اعتمادهم على حماس التي تتهمها إسرائيل والولايات المتحدة بالتحكم في المساعدات واستخدامها لأغراض عسكرية.
الموقف المصري: رفض القوات الأجنبية والرهان على السلطة الفلسطينية
على الجانب الآخر، تتمسك القاهرة بموقف مغاير. فقد ذكرت صحيفة "الأخبار" المصرية أن مصر ترفض بشكل قاطع فكرة نشر قوات عربية أو دولية داخل غزة، واعتبرت ذلك محاولة لفرض أمر واقع على الأرض.
وتفضل مصر، بدعم قطري، تشكيل لجنة تكنوقراطية فلسطينية تكون بمثابة مرحلة انتقالية تسمح بعودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع. وقد بدأت بالفعل تدريب مئات الفلسطينيين كقوة شرطة مستقبلية تحل محل حماس، بمشاركة عناصر من السلطة الفلسطينية.
كما عقد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى لقاءً مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عند معبر رفح، حيث أكدا في مؤتمر صحفي مشترك على ضرورة أن تكون أي ترتيبات أمنية في غزة جزءًا من حل سياسي متكامل، وليس مجرد نشر قوات بلا أفق سياسي واضح.
إسرائيل بين حسابات الحرب واليوم التالي
تعيش إسرائيل حالة من الجدل الداخلي حول كيفية التعامل مع اليوم التالي للحرب. فمن جهة، ترى المؤسسة الأمنية والعسكرية أن استمرار العمليات العسكرية ضروري لتفكيك البنية التحتية لحماس، بما في ذلك العملية المخطط لها للسيطرة على مدينة غزة خلال الأسابيع المقبلة عبر مشاركة 3-4 فرق عسكرية.
ومن جهة أخرى، تدرك الحكومة الإسرائيلية أن استمرار الحرب إلى ما لا نهاية يضاعف الضغوط الدولية ويجعلها مضطرة للانخراط في ترتيبات سياسية. ولهذا السبب، تميل تل أبيب إلى تبني الخطة الأمريكية، التي تمنحها ضمانات أمنية عبر وجود قوات دولية تمنع عودة حماس إلى المشهد.
دور الوسطاء: قطر ومصر في قلب المعادلة
يلعب الوسطاء الإقليميون، خصوصًا مصر وقطر، دورًا محوريًا في دفع المفاوضات. وقد نقلت تقارير أن رد حماس على المبادرات الأخيرة كان "إيجابيًا"، ما فتح الباب أمام استمرار المباحثات حول صفقة شاملة تشمل وقف الحرب، الإفراج عن الرهائن، وترتيبات سياسية لمستقبل غزة.
وترى الدوحة والقاهرة أن أي خطة يجب أن تضمن دورًا فلسطينيًا مباشرًا، وتفتح أفقًا سياسيًا يؤدي في النهاية إلى حل الدولتين. وهو ما يتناقض مع الطرح الأمريكي – الإسرائيلي الذي يركز بشكل أكبر على البعد الأمني والعسكري.
المجتمع الدولي وإعادة إعمار غزة
بالتوازي مع النقاشات السياسية، بدأ المجتمع الدولي تحضيرات مبكرة لمرحلة إعادة إعمار غزة. وتشير مصادر إلى أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يعملان على إعداد خطط مفصلة تشمل إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، وتوفير دعم إنساني عاجل للسكان.
ويُعتبر هذا الملف من أكثر القضايا تعقيدًا، إذ يرتبط بشكل مباشر بمدى نجاح أي تسوية سياسية أو أمنية. فإعادة الإعمار تحتاج إلى بيئة مستقرة، وضمانات بعدم عودة القتال من جديد.
توضح التقارير الصادرة عن صحيفة إسرائيل اليوم أن مستقبل غزة بعد الحرب لا يزال معلقًا بين رؤيتين متناقضتين: الخطة الأمريكية التي تسعى لإدخال قوات دولية ونقل السلطة تدريجيًا، والخطة المصرية التي ترفض التدخل الأجنبي وتراهن على عودة السلطة الفلسطينية.
ومع استمرار المفاوضات خلف الكواليس، يبدو أن الأيام المقبلة ستحدد ملامح اليوم التالي للحرب على غزة، وما إذا كان القطاع سيتجه نحو تسوية شاملة تنهي سنوات من الصراع، أم نحو جولة جديدة من التعقيدات السياسية والأمنية.










