غزة بين الاعتراف والدمار

فيليب لازاريني: الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة مرحب بها لكن السلام يبدأ بوقف الحرب على غزة

profile
  • clock 22 سبتمبر 2025, 2:37:19 م
  • eye 418
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
فيليب لازاريني

محمد خميس

في خضم التطورات السياسية المتسارعة التي تشهدها القضية الفلسطينية، برزت تصريحات فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لتشكل رسالة واضحة للمجتمع الدولي. إذ أكد أن الاعتراف المتزايد من قبل عدد من الدول بالدولة الفلسطينية يمثل خطوة إيجابية، لكنه "لن يعني الكثير" ما لم يترافق مع وقف لإطلاق النار في قطاع غزة وبدء مسار جدي نحو عملية سلام عادلة وشاملة.

الاعترافات الدولية المتتالية بفلسطين

شهدت الأسابيع الأخيرة إعلان دول عدة بينها أستراليا وكندا وبريطانيا والبرتغال اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة وصفت بأنها منعطف تاريخي على الساحة الدولية. ومع هذه الاعترافات ارتفع عدد الدول التي اعترفت بفلسطين إلى أكثر من 160 دولة من أصل 193 عضواً بالأمم المتحدة، ما يعكس تنامي القناعة العالمية بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وفتح الطريق أمام حل سياسي دائم.

لكن لازاريني شدد في تصريحاته على أن هذه الاعترافات رغم أهميتها الرمزية والسياسية، لن تترجم إلى واقع ملموس دون وقف نزيف الدم في غزة وإعادة إطلاق عملية سياسية تضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة.

غزة بين الاعتراف والدمار

تأتي هذه الاعترافات في وقت يعيش فيه قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر 2023، والذي خلف عشرات آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى تهجير مئات الآلاف وتدمير البنية التحتية.

وأكد لازاريني أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يغيّر شيئاً من واقع ملايين الفلسطينيين المحاصرين تحت القصف"، مشدداً على أن الأولوية العاجلة تتمثل في وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية عبر الأونروا وغيرها من المنظمات الإغاثية.

الأونروا في مواجهة العجز

تلعب الأونروا دوراً محورياً في إنقاذ حياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في غزة حيث تقدم خدمات التعليم والصحة والإغاثة الطارئة. غير أن الوكالة تعاني من عجز مالي خطير يهدد قدرتها على الاستمرار في تقديم خدماتها.

وأشار لازاريني إلى أن الاعترافات الدولية يجب أن تترافق مع التزامات مالية ودبلوماسية جديدة، لدعم الأونروا وضمان قدرتها على تلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين، خاصة في ظل انهيار القطاع الصحي وخروج مستشفيات رئيسية عن الخدمة.

البعد السياسي والدبلوماسي

من الناحية السياسية، يرى المراقبون أن الاعتراف المتصاعد بفلسطين يعزز موقفها داخل الأمم المتحدة والمحافل الدولية، وقد يفتح الباب أمام المطالبة بعضوية كاملة للدولة الفلسطينية في المنظمة الدولية. كما أن هذه الخطوات تضيف زخماً لمشروع "حل الدولتين" الذي ظل محورياً في الخطاب الدولي منذ عقود.

لكن لازاريني أعاد التأكيد على أن "السلام الحقيقي لا يقوم على الاعترافات فقط، بل على إرادة سياسية لإنهاء الاحتلال وبدء عملية تفاوض جدية تضع حداً لمعاناة الفلسطينيين".

الموقف الإسرائيلي والأمريكي

على الجانب الآخر، تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو رفضها القاطع لفكرة الدولة الفلسطينية، حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الاعترافات الدولية الأخيرة بأنها "مكافأة للإرهاب"، متعهداً بإفشال أي مسعى لفرض حل سياسي لا ينسجم مع رؤيته.

أما الولايات المتحدة، فلا تزال متمسكة بموقفها التقليدي القائم على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يأتي في إطار "مفاوضات مباشرة" بين الطرفين، ما يعني عملياً إطالة أمد الصراع في ظل رفض إسرائيل الدخول في مفاوضات حقيقية.

الموقف الفلسطيني

رحبت السلطة الفلسطينية بهذه الاعترافات واعتبرتها انتصاراً معنوياً كبيراً وخطوة على طريق تثبيت الحقوق الوطنية. كما أصدرت حركة حماس وفصائل المقاومة بيانات أكدت فيها أن هذه الاعترافات "تثبت الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في أرضه"، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن وقف الإبادة الجماعية في غزة هو الاختبار الحقيقي لمصداقية المجتمع الدولي.

التعليقات (0)