-
℃ 11 تركيا
-
22 سبتمبر 2025
شيماء مصطفى تكتب: أين سالم "لا تصالح" ؟
شيماء مصطفى تكتب: أين سالم "لا تصالح" ؟
-
22 سبتمبر 2025, 2:32:03 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سالم لا تصالح
في غزة، تتوالى مشاهد الدم والنار، مشاهد الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال المجرم، أطفال لا يجدون حضنا غير التراب قبل أن يعرفوا معنى الحياة، نساء يودّعن بقايا بيوتهن، رجال يركضون بين الركام بحثاً عن نجاة أو جثمان عزيز.
من يستطيع العيش في قصفٌ متواصل لا يهدأ أبدا، وحصارٌ يخنق الأنفاس، وعدوان يزرع الموت بدمٍ بارد؟. ومع كل شهيد، يتردد سؤال واحد يجلجل في القلوب قبل الآذان: أين العرب؟ أين المسلمون؟
تستحضر الذاكرة هنا سيرة الزير سالم "أبي ليلى المهلهل"، البطل الذي لم يعرف المساومة يومًا. حين قُتل أخوه كليب غدرًا، لم يهادن ولم يساوم، بل حمل ثأره أربعين عاماً، يقاتل أبناء عمومته بلا كلل، لأنه رأى في الصلح قبل القصاص خيانةً للدم، وإهانةً للكرامة. كان نداؤه الخالد: لا تصالح، شعارًا يسري في عروقه حتى آخر أنفاسه.
واليوم، ونحن نشاهد أطفال غزة يُذبحون وأمّهاتهم في حسرة عليهم، تبدو الأمة وقد أضاعت «زيرها». أين ذلك الغضب الذي يرفض أن يهدأ قبل الثأر للدماء؟ أين ذاك الكبرياء الذي لا يرضى أن تُباع الحقوق في أسواق السياسة؟ كأن كليبًا آخر يُقتل كل يوم في غزة وتملأ أرضها دماؤه، لكن لا سالم يسمع أو يثأر ولا قبائل تنهض.
إن مأساة غزة ليست مأساة الفلسطينيين وحدهم، بل مأساة ضميرٍ عربي وإسلامي فقد صوته ونسي إخوته. فكل قطرة دم هناك هي وصمة على جبين أمة كانت يومًا لا تقبل المهانة والذل. والعدو المجرم لا يفرّق بين طفل وشيخ، بين الحجارة والصدور، بل يمضي في مجازره واثقًا أن الرد لن يتجاوز بيانات الشجب والتنديد وموائد التفاوض.
يا عرب، يا مسلمون تعلّموا من الزير سالم درس العزة والكرامة. لا تصالحوا مع العدو القاتل على حساب دماء الشهداء. لا تجعلوا غزة كليبًا جديدًا يُقتل مرتين؛ مرة بصواريخ العدو الجبان، ومرة بصمت الإخوة.
فالتاريخ لن يرحم من باع، ولن ينسى من خان. والدم لا يجف حتى يُقتص. لا تصالح… لأن في الصلح قبل العدل موتًا آخر للكرامة.
لا أصلح الله منا من يصالحهم حتى يصالح ذيب المعز راعيها
وتولد البغلة الخضراء بلا ذكر وأنت تحيا من الغبراء تلبيها
وتحلب الشاة من أسنانها لبنا وتسرح النوق لا ترعى مراعيها










