-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
عملية بيت حانون: كمين قاتل يكشف هشاشة "السيطرة الإسرائيلية" ويقلب المفاوضات
رسالة نارية في توقيت حساس
عملية بيت حانون: كمين قاتل يكشف هشاشة "السيطرة الإسرائيلية" ويقلب المفاوضات
-
8 يوليو 2025, 4:20:56 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
اعتُبرت عملية بيت حانون الأخيرة في شمال غزة أكثر من مجرد كمين ميداني تقليدي، إذ وصفها مراقبون بأنها ضربة مركبة ومدروسة بعناية فائقة، سواء في اختيار الهدف أو في التوقيت السياسي.
جاءت هذه العملية في لحظة حساسة للغاية، متزامنة مع جولات التفاوض في الدوحة التي كانت تواجه صعوبات واضحة، ما منحها بعدًا رسائليًا صارخًا: المقاومة لا تفاوض من موقع ضعف أو انكسار، بل من صلب الميدان، وسط نيران الاشتباك المباشر مع الاحتلال.
يؤكد محللون أن هذا التوقيت لم يكن صدفة، بل نتيجة قراءة استراتيجية: بعد أشهر طويلة من المعارك التي أراد الاحتلال أن يحولها إلى حرب استنزاف خانقة، ظن أنه نجح في إنهاك المقاومة وتقليص قدراتها. فجاءت عملية بيت حانون لتقلب المعادلة، مفاجئة الجيش الإسرائيلي بكمين دقيق أوقع خمسة قتلى وعددًا من الجرحى بينهم ضابط كبير، وفي منطقة كان الاحتلال يعلنها "مطهرة وتحت السيطرة".
وهم السيطرة في بيت حانون
تكشف تفاصيل العملية حجم التناقض بين الادعاءات الإسرائيلية بالسيطرة الكاملة وبين الواقع الميداني.
فمنطقة بيت حانون شهدت عشرات الاجتياحات منذ بدء الحرب، وأعلنت مرارًا منطقة "مؤمنة" تحت سيطرة الجيش. لكن الواقع أن كتائب القسام نجحت في زرع عبوات ناسفة مركبة، وتنفيذ كمين ناري، واستهداف قوة الإنقاذ بجرأة لافتة، ما يطرح سؤالًا قاسيًا: هل السيطرة الميدانية الإسرائيلية مجرد وهم دعائي؟
يصف المراقبون هذا المشهد بأنه دليل صارخ على فشل المفهوم العسكري الإسرائيلي القائم على القصف والتجريف كوسيلة للسيطرة. فالاحتلال قد يتمدد فوق الأرض، لكنه يواجه مقاومة تعرف كيف تحتفظ بالأرض تحت الأرض، مستخدمة الأنفاق والشبكات القتالية والكمائن لتعيد تعريف ساحة المعركة في أي وقت.
بيت حانون اليوم باتت نموذجًا لفشل هذا المفهوم، وأظهرت أن الجيش الإسرائيلي لا يسيطر فعليًا، بل يتحرك في أرض محفوفة بالفخاخ، حيث تختار المقاومة توقيت ومكان الاشتباك.
سر صمود المقاومة بعد 21 شهرًا من الحرب
رغم مرور أكثر من 21 شهرًا على الحرب التي وصفت بحرب الإبادة، تبقى المقاومة الفلسطينية في غزة قادرة على القتال والتخطيط وتنفيذ العمليات النوعية.
ويرى محللون أن سر هذا الصمود يعود إلى امتزاج الإرادة بالعقيدة، والتكتيك بالمرونة، وصلابة البنية التحتية القتالية.ما زالت شبكة الأنفاق تعمل رغم كل محاولات التدمير، كما يواصل نظام العبوات والكمائن تجديد نفسه بفاعلية. المقاتلون مدربون على القتال في أصعب الظروف، وتظهر المقاومة قدرة لافتة على ضبط إيقاع المعركة وإدارتها بمرونة شديدة.
عامل آخر حاسم هو الحاضنة الشعبية التي تواصل توفير دعم مادي ومعنوي للمقاتلين، ما يمنح المقاومة القدرة على البقاء والاشتباك المستمر.
ويؤكد المراقبون أن المقاومة الفلسطينية لا تقاتل بالأعداد أو الحجم التسليحي فقط، بل بالذكاء التكتيكي، معيدة تعريف الحرب من مجرد معركة كسر عظم إلى حرب إرادة واستنزاف دائم وإرباك مستمر للخصم.
دلالات داخلية وإقليمية للعملية
على الصعيد الإسرائيلي، أعادت عملية بيت حانون تسليط الضوء على هشاشة الوضع الميداني، وأثارت أسئلة موجعة في الداخل: كيف يُقتل خمسة جنود بينهم ضابط كبير في منطقة معلنة "تحت السيطرة"؟ لماذا يكرر الجيش نفس الأخطاء في كل محور ويقع في نفس الكمائن؟ والأهم: إلى متى تستمر هذه الحرب دون أفق واضح؟
سياسيًا، يرى مراقبون أن هذه الخسائر البشرية المتكررة تزيد الضغط على الحكومة الإسرائيلية للتقدم في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، حيث يصبح الثمن البشري المتراكم عاملًا يحرك الرأي العام ويرهق صبر الجمهور.
في المقابل، يدخل المفاوض الفلسطيني المقاوم غرفة المفاوضات وفي يده مشاهد نصر ميداني لا أوراق استجداء. عملية بيت حانون تصبح في هذا السياق دليلًا حيًا على أن من يفاوض هو ذاته من يقاتل، رافضًا المساومة على دماء مقاتليه.
أكثر من ضربة تكتيكية
الخلاصة التي يبرزها المحللون: عملية بيت حانون ليست ضربة تكتيكية معزولة، بل رسالة استراتيجية عميقة. تقول هذه الرسالة إن المقاومة لا تزال تمتلك الأرض والمبادرة والقدرة على إدارة المعركة بزخم متصاعد، وأن الاحتلال الإسرائيلي مهما أوغل في تدمير البنى التحتية وقتل المدنيين يظل هدفًا متحركًا في مرمى كمين المقاومة القادم.
هذه العملية تؤكد مرة أخرى أن المعركة مستمرة، وأن المقاومة الفلسطينية مصممة على التمسك بقدرتها على توجيه الضربات وإعادة تعريف موازين القوة في أي لحظة.









