غيورا آيلاند صاحب خطة الجنرالات في مقال بموقع "واللا":

ثمن دماء بلا نصر: لماذا يرفض قادة إسرائيل إنهاء الحرب رغم الضغوط؟

profile
  • clock 8 يوليو 2025, 3:50:28 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الجنود القتلى بكمين المقاومة في بيت حانون

متابعة: عمرو المصري

منذ انتهاء الهدنة الأخيرة، قتل 39 جنديًا إسرائيليًا في غزة – ضعف عدد الأسرى الأحياء الذين يفترض أن الحرب شُنت من أجل تحريرهم في إطار عملية "مركبات جدعون". الكاتب الإسرائيلي غيورا آيلاند يصف في مقاله المنشور بموقع “واللا” العبري، الحصيلة بأنها "ثمن دماء دون أي انتصار"، معتبرًا أن احتلال أرض مأهولة بالمدنيين يخلق وهمًا كاذبًا بالنجاح، لكنه في الواقع يغرق الجيش في مستنقع دموي باهظ الكلفة.

يشير آيلاند إلى حادثين دمويين مؤخرًا: مقتل خمسة جنود وإصابة 14 آخرين في بيت حانون، وحادث آخر أسفر عن مقتل سبعة جنود هندسة في مركبة مدرعة. هذه الأحداث، كما يراها، تكشف بوضوح أن الحرب على غزة فاقدة الجدوى، وأن الثمن الذي تدفعه إسرائيل يفوق أي فائدة حقيقية يمكن تحقيقها.

درس القرن الحادي والعشرين

يضع الكاتب قاعدة يعتبرها "قاعدة حديدية" في حروب العصر الحديث: حينما يختلط الجنود مع السكان المعادين، ستقع عمليات دامية. هذا ما حدث للأمريكيين في فيتنام، للروس في أفغانستان، لإسرائيل في لبنان، وللأمريكيين والبريطانيين في العراق وأفغانستان.

يقول إن هذا الدرس كان يجب أن يُفهم ويُستوعب قبل قرار التوغل البري في غزة – وهو التوغل الذي تسبب في أكثر من 400 قتيل وآلاف الجرحى للجيش الإسرائيلي.

فرصة استراتيجية ضائعة

يشرح آيلاند أنه في نهاية نوفمبر 2023 أنه عرض على الجيش والحكومة الإسرائيلية ما عُرف بـ"خطة الجنرالات"، في توقيت اكتمل فيه ما يسميه "ممر نتساريم"، وهو ممر عسكري فصل شمال قطاع غزة (حيث المدينة ومراكز حكم حماس) عن باقي القطاع، محاط بنطاق أمني مفتوح عرضه خمسة كيلومترات بلا مبانٍ أو بنية تحتية.

كانت هذه الخطة تستهدف فرض حصار كامل دون الحاجة إلى دخول القوات البرية وسط المدنيين. ويشرح الكاتب الخطوات المطلوبة:

  • فتح معابر باتجاه واحد يسمح بخروج المدنيين من شمال القطاع دون عودتهم.
  • منع دخول أي إمدادات، وخاصة المياه، إلى هذه المنطقة.
  • إعلان المنطقة كمنطقة عسكرية مغلقة يُمنع فيها وجود المدنيين.
  • برأيه، هذه الإجراءات كانت ستدفع الآلاف من مقاتلي حماس إلى الاستسلام أو الموت عطشًا، وكل ذلك دون أن يخطو جندي إسرائيلي داخل هذا الجيب المحاصر.

قانوني ومشروع

يؤكد آيلاند أن هذا النهج يتوافق تمامًا مع القانون الدولي، وأن فقدان الأرض بالكامل هو وسيلة الضغط الأنجع على حماس. في المقابل، يرى أن الاحتلال البري لمنطقة مأهولة هو سلاح ذو حدين: يعطي انطباعًا زائفًا بالإنجاز لكنه يورط الجيش في مستنقع من الخسائر المتزايدة.

غياب الاستراتيجية

ينتقد الكاتب التخلي عن هذه الخطة ويصفه بأنه حرمان للجيش من فرصة تحقيق "نصر حاسم" أو حتى مقبول. ويشير إلى حالة من الارتباك والاختلاف داخل الحكومة والجيش حول تعريف النصر وشروطه ومدته وما سيحدث في "اليوم التالي".

يقول ساخرًا: لو وضعنا أعضاء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) في غرف منفصلة وطلبنا من كل منهم كتابة "كيف ننتصر؟ كم سيستغرق؟ كيف سنعرف أننا انتصرنا؟ وما الخطة لليوم التالي؟" سنحصل على عدد من الإجابات يساوي عدد الوزراء أنفسهم.

الحل الوحيد الواقعي

في ظل هذا التخبط، يقترح آيلاند حلًا واحدًا عمليًا: صفقة شاملة مع حماس تنهي الحرب كما يريد الطرفان، وتشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من غزة مقابل إطلاق سراح كل الأسرى في صفقة واحدة.

يؤكد أن "كل العالم وزوجته" يريد ذلك – من حماس، مرورًا بمعظم الجمهور الإسرائيلي، وصولًا إلى الرئيس الأمريكي. الجهة الوحيدة الرافضة، بحسب وصفه، هي الحكومة الإسرائيلية نفسها.

"موكب الحماقة"

يقتبس الكاتب من كتاب باربرا توكمان "موكب الحماقة"، الذي يعرّف الحماقة بأنها الإصرار على سياسة ثبت أنها لا تخدم المصالح الوطنية الحقيقية، ويشير إلى سمة هذه الحماقة: بذل جهد متزايد لإقناع الذات والآخرين بأن الاستراتيجية الفاشلة هي الوحيدة الممكنة.

التحذير من "صفقة جزئية"

يحذر آيلاند من قبول إسرائيل "صفقة جزئية" حمقاء، ويرى أن حماس قد ترفضها وتصر على شروطها، مما يعني استمرار القتال، مزيدًا من القتلى في صفوف الجيش، وخسائر متراكمة، وصولًا في النهاية إلى النتيجة نفسها: وقف الحرب مقابل إطلاق سراح الأسرى.

هل سيعيد ذلك حماس إلى قوتها؟

يواجه الكاتب اعتراضًا شائعًا: أن إنهاء الحرب مع بقاء حماس على قدميها سيسمح لها بإعادة بناء قوتها وارتكاب “مجازر جديدة” مثل 7 أكتوبر. ويقدم ثلاث إجابات:

  • المال هو سر قوة حماس. إسرائيل سمحت لقطر بتحويل 360 مليون دولار سنويًا، وأوقفت منذ 2018 محاولة منع وصول الأموال من مصادر أخرى: قطرية، إيرانية، جمعيات إسلامية في الغرب، صفقات عملات مشفرة غير قانونية، وشركات تركية وبنوك أوروبية. هذه المصادر يمكن حظرها.
  •  
  • يمكن نقل حكم غزة إلى دول عربية معتدلة، كما اقترحت مصر منذ شهور، وهو عرض تجاهلته إسرائيل.
  •  
  • حتى لو استطاعت حماس خلال سنوات إعادة نصف قوتها السابقة، فإن ما حدث في 7 أكتوبر لم يكن سببه قوة حماس وحدها، بل فشل استخباري وعملياتي إسرائيلي. ويعبر عن أمله في أن تكون إسرائيل قد تعلمت ما يمنع تكرار ذلك.

كلفة الاستمرار أعلى من كلفة التسوية

يختتم آيلاند بالقول إن السعر الذي ستدفعه إسرائيل مقابل صفقة تنهي الحرب وتعيد جميع الأسرى موجود، لكنه أقل بكثير من الكلفة الحتمية لاستمرار القتال في غزة. ويرى أن الإصرار على استمرار الحرب الحالية يعني مزيدًا من الدماء والخسائر، قبل أن تضطر إسرائيل في النهاية إلى التوصل إلى نفس النتيجة التي ترفضها اليوم.

التعليقات (0)