-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
عمر محمد العرب يكتب: غزة تُذبح... فمن سيُحاسب؟!
عمر محمد العرب يكتب: غزة تُذبح... فمن سيُحاسب؟!
-
23 يوليو 2025, 10:10:55 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
غزة تُذبح منذ عشرين شهرًا أمام أعيننا، لا بمدافع العدو فحسب، بل بصمتنا المخزي، وتواطؤ العالم، وتخاذل ما تبقّى من نخوةٍ في عروق الأمّة العربية والإسلامية.
لم تعُد القضية قضية صواريخ وقنابل، بل مشروع إبادةٍ عرقيٍّ منظَّم، تُنفّذه آلةٌ صهيونية مدعومةٌ بكل جبروت الغرب، وتُمرَّر بغطاءٍ سياسي عربي، وصمتٍ شعبيٍّ مريب.
أين العروبة؟ أين الإسلام؟ أين الضمير؟!
غزة اليوم تُقصف أمريكيًا، وتُجَوّع أوروبيًا، وتُغَطّى مجازرها ببياناتٍ عربيةٍ واهنة، تُدين وتستنكر ثم تُغلق المايكروفونات!
طائرات "إف-35"، وصواريخ "جي دي إيه إم"، والدبّابات الحديثة، ليست صناعةً عبرية، بل ترسانة غربية اجتمعت على خنق شعبٍ أعزل، وتهشيم ذاكرته وحاضره ومستقبله.
من يتحمّل وزر هذه الجريمة؟
أنظمةٌ عربيةٌ فتحت أبواب التطبيع، ثم أغلقت معابر الإغاثة.
حكوماتٌ اختبأت خلف ستار الوساطة، بينما كانت النار تلتهم الأحشاء.
شعوبٌ غُرّر بها حتى غابت عن القضايا الكبرى، وتماهت مع وهم الحياة.
جامعةٌ عربيةٌ تحوّلت إلى غرفة أرشيفٍ للبيانات الميتة والقرارات المهترئة.
أممٌ متحدةٌ تُدين الطفل الفلسطيني لأنه لم يمت بصمت!
أمريكا التي نصّبت نفسها وصيًّا على البشرية، فسلّحت القاتل وبرّرت المجزرة.
أوروبا التي صدّرت الموت باسم "حقّ إسرائيل في الدفاع"، ودفنت القيم مع الضحايا.
ومن المسؤول أولًا وأخيرًا؟
المسؤول هو من خذل الحق، وسوّغ الباطل، وصافح القاتل، وقايض دم المظلومين بمصالح سياسية زائلة.
إنّنا نعيش في زمنٍ غُلِب فيه أهل الحق، لا لأنّهم قلّة، بل لأنّهم خُذِلوا، وخُنقوا، وشُوّهوا.
وانتصر فيه أهل الباطل، لا لأنّهم أقوياء، بل لأنّهم تكاتفوا، واستمدّوا شرعيّتهم من جبننا نحن.
وهنا يُطرح السؤال الفاصل: أهذه هي الأمة التي قال عنها نبيّها ﷺ: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد"؟!
أين ذلك الجسد؟! هل تفكّك؟ هل مات؟! أم أُصيب بالشلل حتى لم يَعُد يشعر حين يُنحر أحد أعضائه؟!
غزة ليست معركة حدود، بل معركة كرامة وهوية ومصير.
هي آخر ما تبقّى من كبرياء هذه الأمة في وجه الاستسلام الشامل.
أين أنتم يا أحفاد عمر بن الخطاب، الفاروق الذي خرج في جوف الليل يحمل الطعام على ظهره لأرملةٍ جائعة، وهو خليفةُ المسلمين، ثم قال: "احمل عنّي وزري يوم القيامة."
أين أنتم من عدله وخوفه من الله؟!
أين أنتم يا أبناء خالد بن الوليد، سيف الله المسلول، الذي اقتحم معارك الشرك دون تردّد، وهدم عروش الطغيان في اليرموك واليمامة، ولم يمت على سرير، بل بكى قائلًا: "ما في جسدي موضع شبر إلا وفيه طعنة أو ضربة سيف... وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير."
أين أنتم من بأس القعقاع بن عمرو التميمي، الذي قال فيه الخليفة أبو بكر: "لا يُهزم جيشٌ فيه القعقاع."
ذلك الذي أُرسل وحده ليرجّح كفّة الجند في القادسية، فكان صوته يهزم الجيوش، وهيبته تُكسر بها الرايات.
غزة اليوم لا تنتظر خطابًا، بل موقفًا. لا تحتاج عواطف، بل صرخاتٍ وقرارات.
غزة تصنع المجد بدماء أطفالها، بينما يصنع البعض مصالحه من فوق أنقاضها.
وها نحن نكتب البيان، لا لنسجّل موقفًا في التاريخ، بل لنسأل:
> من سيقف أمام الله يوم الحساب حين يُسأل عن غزة؟ من سيُجيب حين يُنادى: من رأى المظلوم يُذبح وسكت؟
وفي ختام القول، نقولها بصوتٍ مزلزل، لا رجعة فيه:
> إذا خذلتم غزة اليوم، فأنتم لستم من أمّتها، ولا تستحقّون شرف الانتماء إليها… وإن لم تُنصَف، فلن يُنصَف أحد من بعد غزة أبدًا.






